> مقالات

الولايات المتحدة الامريكية - شيكاغو عمارة يعقوبيان الدول العربية

كتب : غادة الرفاتي |
الولايات المتحدة الامريكية - شيكاغو  عمارة يعقوبيان الدول العربية

كلما عشت حاضري او فكرت  بالمستقبل الغامض تجرفني امواج الماضي الى شاطئ الذكريات .... لا تحسر على ماضي جميل كنا نعتقد حينها ان الغد بالتأكيد أجمل وافضل بشمسه المشرقة على أمتنا العربية وامالنا التي لن تخيب ..... كنت طفلة وكنت صبية وعشت احلا أيام حياتي خاصة في المدرسة ... لم يكن لي هم سوى أن أكون الاولى على صفي وأكون الطالبة المتميزة بين مجموعتي .... كنت ارتدي المريول المدرسي وحذاء أسود دون كعب وجرابات بيض ... نصطف في طابور الصباح لنحي  العلم ( تحيا الكويت .... تحيا الكويت ... تحيا الكويت ... تحيا الامة العربية ) نحن الجيل الذهبي عاصرنا حرب اكتوبر في 73 وفرحنا في انتصار مصر وعاصرنا أيضا النهضة العمرانية والتعليمية والصحية والفنية في جميع الدول العربية .... وعشنا حلم هزيمة اسرائيل على يد العرب  وعودة ارض فلسطين لأصحابها .... وما زلت اتذكر أغنية جدتي ( ستي)) فلسطين بلادنا والعرب أحبابنا واليهود كلابنا


 ...


كنا  نسكن في بناية (عمارة) مكونة من 12 شقة وكان هناك ام شفيق من حلب وام رضوان من الشام وام هاني من مصر وام سعد من اليمن وام اسماعيل من فلسطين وام ابراهيم من الاردن وام حسين من العراق وام عبدالله من السعودية وام الياس من لبنان وام طارق من المغرب وام صلاح  من البدون ... كنا نسمي عمارتنا بعمارة جامعة الدول العربية .... كان بيننا الفة ومحبة وسعادة  تجمعنا... في الصباح فنجان القهوة يشرب عند احدى الجارات .... وكعك العيد يُعد سويا وتتبادل الجارات اطباق الحلويات فيما بينهم  فتتذوّق الحلويات  الشامية والفلسطينية والمغربية والعراقية والسعودية ....الخ حتى حارس البناية الايراني كان يحظو من تلك الاطباق الشهية والملونة .... لم يكن بيننا غريب  .... وان تزاعل احد الجيران بسبب خناقات او نزاعات بين الاولاد اثناء لعبهم نجد من يحاول الصلح بينهم من الجيران قائلين انها ساعة شيطان ....


وأذكر أننا جعلنا من السطح  منتزه وسينما خاصة حيث وضعنا هناك تلفاز كبير وسجادة ليجلس عليها الاطفال وكراسي مصطفة جنب بعضها البعض وكنب و بعض الجارات زرعن الورد والريحان والنعناع في قوارير لتجميل سطح البناية وكنا نسهر هناك في ليالي الصيف والربيع  ونتابع  مباراة الدوري وكنا نشجع دائما رغم اختلاف جنسياتنا منتخب الكويت الرياضي لكره القدم  ( اوه يا الأزرق العب بالساحة يا كويت ) وان كان هناك مباريات بين اندية الكويت كنا ننقسم قسمين قسم يشجع نادي العربي والاخر نادي القادسية وانا منهم لان لوني المفضل هو الاصفر ...


أما في شهر فبراير شهر الزينة والفرح كنا نجتمع وخاصة الجارات والبنات لحضور حفلات الاعياد الوطنية للكويت والتي يشارك بها طلاب وطالبات المدارس حيث كان هناك فقرات ورقصات تمثل الدول العربية كالفقرة المصرية والفلسطينية والعراقية والبحرينية والقطرية والسعودية وغيرهم .... وكانت كل جارة تنحاز لدولتها وتقول كانت رقصتنا واستعراضنا الاجمل ولكن في النهاية يتفقن جميعا أن الاستعراض كله بجميع دوله واعلامه جميل والاجمل هي الكويت التي حتى في عيدها الوطني لم تنسى أن تُمثل الاوطان العربية أيضا فتحضنهم جميعا وكأنها الام الحنون .... فنقول في انفسنا 


) منهو مثلك يالكويت .... منهو مثل الكويت ( 


هكذا كان الماضي بعبقه الجميل وحده عربية ميثاقها الحب والالفة بين الناس والقلوب .... واليوم ماذا جرى لحالنا وماذا جرى لأمتنا .... لماذا نمزق بعضنا بعضا في مستنقع الكُره والحقد والطائفية وبدلا من ان نخرج منه نسحب من في خارجه الى داخل هذا المستنقع القذر.... لنقول على امتنا ومجتمعاتنا السلام ...


عدد الزيارات : 1488 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق