> مقالات

بين العرب و ترامب .. يفتح الله

كتب : عبدالعزيز بومجداد |
  بين العرب و ترامب .. يفتح الله


     لو رجعنا للوراء قليلاً في الذاكرة للاحظنا أنه لم يتخذ أي رئيس من رؤساء أمريكا السابقين نفس القرار الغبي الذي اتخذه ترامب تجاه القدس و الذي له دلالة واضحة على كرهه للمسلمين و استحقاره لهم و استخفافه بمقدساتهم و دينهم و هذه العقيدة كانت موجودة في عقول أسلافه لكن الفرق بينه و بينهم هو أنهم كانوا أكثر تعقّلاً منه حيث كانوا يجاملون العرب و لا يتسرعون باتخاذ القرارات المصيرية بدون دراسة بينما قام هو بالكشف عن نواياه برعونة و هوج و دون أن يضع أي اعتبار لهؤلاء العرب ، و هذا إن دل إنما يدل على "يهودية" ترامب المتأصلة في نفسه و التي يريد الدفاع عنها بأي شكل من الأشكال و هي التي شاهدناها عندما خرج من الرياض متوجهاً لحائط المبكى "البراق" مباشرةً .
     إن حكومات العدو الصهيوني المتعاقبة كانت و لا تزال تحاول تهويد القدس الشريف في كل المجالات ، فقتلهم للشعب الفلسطيني يدل على إنهم لا يحترمون آدمية الإنسان إنما يحترمون من يحمل عقيدتهم فقط ، و استمرارهم ببناء المستوطنات يدل على سعيهم لتهويد الأرض الفلسطينية ، و تدنيسهم للأقصى و إهاناتهم لكنيسة القيامة و بقية الكنائس يدل على أنهم لا يضعون أي احترام لمقدسات الديانات الأخرى على الأرض التي يعتقدون أنها لهم . و إن كان رؤساء أمريكا السابقين يعترضون مرة و يصمتون مرة عن تلك الانتهاكات فإن ترامب أعطاها الشرعية الكاملة باعترافه بالقدس عاصمة لاسرائيل ، و هنا يثور لدينا سؤال مهم و هو لماذا ندفع أموالنا لترامب ؟
     إن الاتفاقيات التي وقعها العرب مع ترامب و التي كلفتهم مئات المليارات كانت مقابل حمايتهم "كمسلمين" و حماية شعوبهم و مقدساتهم من الخطر الإيراني ، لكن هل حماية المقدسات و الشعوب الاسلامية التي ننتظرها من ترامب ضد ايران تعني السماح له بهدمها و قتلها على يده ؟ هل يحمينا من ايران و يدمرنا بدلاً منها ؟ هل أخذ ملياراتنا ليقوم بهذه المهمة ؟ إن القدس هي قبلة المسلمين الأولى و الشعب الفلسطيني شعب عربي و مليارات العرب التي أخذها ترامب كانت مقابل حمايته للعرب المسلمين ، فهل واجهنا الخطر الايراني و سمحنا للخطر الأمريكي أن يدوس على مقدساتنا و عروبتنا بحذائه المطرّز بأموالنا ؟ .. ربما تنازل العرب عن أولى القبلتين و لم يعد القرآن الكريم الذي يقدسها يعني لهم الكثير و أصبحت الحماية التي ينشدونها من ترامب مقتصرة على أشخاصهم و مناصبهم ! و هذا ما نستنتجه من صمتهم عن إهانة القدس و قتل شعب فلسطين و لو كان هدف تلك الاتفاقيات هو حماية العرب المسلمين قاطبةً لقالوا لترامب بعد قراره الأهوج "يفتح الله" و هي العبارة المعروفة في وقف التعامل ، فالقدس الشريف هو رأس القضية الفلسطينية و الاعتراف به عاصمة لاسرائيل اللقيطة يعني استمرار القتل و التشريد للشعب الفلسطيني في المناطق الأخرى الأقل أهمية من القدس من حيث المقدسات الدينية و التاريخية .
     و ما يؤكد الذل و الهوان الذي تعيشة أمة الإسلام و العرب هو أن أمريكا فرضت العقوبات الاقتصادية و السياسية على كل دولة ادعت أنها لم تحترم المجتمع الدولي مثل روسيا و كوريا الشمالية و ايران .. و اليوم يقوم ترامب بضرب هذا المجتمع الدولي بعرض الحائط و يستمر بقراره و هذا يعتبر تخبط و تلوّن منه و ذل و ركوع من المسلمين و العرب ، فهل يجب السكوت عن هذا الوضع التعيس ؟ أم يجب على الشعوب الاسلامية و العربية أن تنتفض و تتصدى لاستهتار ترامب في مقدساتها و أمنها و أمانها ؟

و الله ولي التوفيق
  عبدالعزيز ابومجداد

عدد الزيارات : 2400 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق