> مقالات

الوظيفة و المهنة .. أصبحتا للوافد ؟

كتب : عبدالعزيز بومجداد |
الوظيفة و المهنة .. أصبحتا للوافد ؟

في بلد مثل الكويت يمتاز بصغر الحجم و قلة عدد أفراد الشعب يُفترض أن تكون مشاكله الاقتصادية سريعة الحل و لو رجعنا لتاريخ الكويت "ما قبل النفط" لوجدنا أن المشكلة الاقتصادية كانت تتمثل آنذاك في قلة الموارد الاقتصادية ، بمعنى أن الكويت كانت دولة فقيرة لكن الشعب الكويتي المكافح استطاع أن يتغلب على هذه المشكلة بالعمل المستمر في جميع الحرف دون استحياء أو كسل .. فكان لدينا البنّاي و الحدّاد و النجّار و الخبّاز والمؤذّن والقلّاف والخيّاط والخرّاز والمعلم وإلى آخر القائمة ، كما كان لدينا الموظف الحكومي الذي يعمل بكل مجالات الوظيفة الحكومية مثل الطبّاع والمراسل و المسؤول عن السجلّات و غيرها ، ولم نكن بحاجة لعمالة وافدة إلا في النطاق الضيق كبعض الأطباء و ما شابه من الاختصاصات النادرة و التي لم يكن التعليم في الكويت يرقى للوصول لها . أما بعد النفط و بعد أن أصبحت الكويت تتمتع بالوفرة المالية ، ماذا حل بالشعب الكويتي و كيف أصبح تفكير الحكومة ؟ خاصة بعد أن تطور التعليم و أصبح قادراً على تأهيل المواطنين للعمل في أصعب التخصصات ! لكن .. أين هم المواطنين الراغبين في دراسة مثل هذه التخصصات ؟


     ولو أردنا التكلّم عن المهن الحرة في الكويت لوجدنا أن لدينا على سبيل المثال أكثر من منطقة "صناعية" مثل الشويخ و الشرق والفحيحيل والعارضية وغيرها من المناطق الصناعية وما فيها من تخصصات متعددة مثل ميكانيكا السيارات والكهربائيين و الميزان .. إلخ ، و كذلك توجد مهن أخرى مثل الصباغين و البنايين وباعة القماش و الخياطين والكهربائيين و الصفافير والصراريف و سوق الذهب و شركات النقل و و و .. إلخ ، و بالرغم من أن أصحاب هذه المحلات و الشركات أشخاص كويتيين إلا أنهم بحاجة لوافدين لإدارة هذه المحلات و الشركات لعدم توافر العنصر الوطني لتغطية مثل هذه المهن .. وبغض النظر عما إذا كان امتناع الكويتيين عن العمل بهذه المهن كان بسبب التكبر و الاستنكاف أم بسبب أن المردود المادي لهذه المهن لا يكفي الفرد الكويتي و مصاريفه ، بالنهاية التخلي عن الوافدين في هذه المهن أمر غير ممكن في الوقت الحالي على الأقل .


أما بالنسبة للوظائف الحكومية فهنا نقف أمام مسؤولية تقع على عاتق طرفين في الدولة ، الطرف الأول هي الحكومة و الطرف الثاني هو الشعب ، والوضع هنا مختلف عن بعض تلك المهن الحرة التي ليس فيها مردود مادي كافٍ لتغطية مصاريف الفرد الكويتي ، فالموظف الحكومي يتمتع براتب ثابت و محدد و من الممكن الاعتماد عليه "من حيث المبدأ" في تسيير أمور الحياة و مع ذلك نجد أن المواطنين عازفين عن الكثير من هذه الوظائف لا لسبب سوى البحث عن الراحة ! فعدد المدرسين و المدرسات الكويتيين لا يمكن الاعتماد عليه لتغطية جميع المدراس بجميع مراحلها ، والاستغناء عن المدرسين الوافدين في الوقت الحالي يُعتبر ضرباً من الخيال ، كذلك لا نملك أطباء وطواقم طبية كافية لتغطية جميع مستشفيات الكويت ولا نملك أيضاً مهندسين ومقاولين من العمالة الوطنية لتغطية مشاريع وزارة الأشغال من جسور و شوارع مثلاً، وهذا يدل على إن مشكلتنا الاقتصادية اليوم تتمثل في قلة الموارد البشرية "الوطنية" و ليس في قلة الموارد الاقتصادية كما كان قبل النفط ، و هذا العزوف هو مسؤولية المواطنين و ما يجب عليهم هو التخلي عن حياة الرخاء و الترف إن كانوا فعلاً جادين في رغبتهم بتعديل التركيبة السكانية .


      أم مسؤوليات الحكومة فجسيمة و كبيرة في هذا الخصوص ، فتناسب مخرجات التعليم مع متطلبات الوزارات هي مسؤولية الحكومة ، أيضاً الاعتماد على الوافد في وظيفة يتوفر فيها العنصر الوطني هي مهزلة و ليست تقصير فقط ، و هذه مسؤولية تقع على عاتق مجلس الأمة أيضاً و هي مسؤولية تنسحب على المواطنين الذين يجب عليهم اختيار نواب أكفّاء و جادين في حل هذه القضية و غيرها من قضايا الوطن . من هنا نستنتج أن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق المواطن في الإقدام للمهن و الحرف الصعبة و أيضاً في اختيار من يستحق أن يكون ممثلاً للشعب .


و الله ولي التوفيق


عدد الزيارات : 2859 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق