> مقالات |
في بلد مثل الكويت يمتاز بصغر الحجم و قلة عدد أفراد الشعب يُفترض أن تكون مشاكله الاقتصادية سريعة الحل و لو رجعنا لتاريخ الكويت "ما قبل النفط" لوجدنا أن المشكلة الاقتصادية كانت تتمثل آنذاك في قلة الموارد الاقتصادية ، بمعنى أن الكويت كانت دولة فقيرة لكن الشعب الكويتي المكافح استطاع أن يتغلب على هذه المشكلة بالعمل المستمر في جميع الحرف دون استحياء أو كسل .. فكان لدينا البنّاي و الحدّاد و النجّار و الخبّاز والمؤذّن والقلّاف والخيّاط والخرّاز والمعلم وإلى آخر القائمة ، كما كان لدينا الموظف الحكومي الذي يعمل بكل مجالات الوظيفة الحكومية مثل الطبّاع والمراسل و المسؤول عن السجلّات و غيرها ، ولم نكن بحاجة لعمالة وافدة إلا في النطاق الضيق كبعض الأطباء و ما شابه من الاختصاصات النادرة و التي لم يكن التعليم في الكويت يرقى للوصول لها . أما بعد النفط و بعد أن أصبحت الكويت تتمتع بالوفرة المالية ، ماذا حل بالشعب الكويتي و كيف أصبح تفكير الحكومة ؟ خاصة بعد أن تطور التعليم و أصبح قادراً على تأهيل المواطنين للعمل في أصعب التخصصات ! لكن .. أين هم المواطنين الراغبين في دراسة مثل هذه التخصصات ؟
ولو أردنا التكلّم عن المهن الحرة في الكويت لوجدنا أن لدينا على سبيل المثال أكثر من منطقة "صناعية" مثل الشويخ و الشرق والفحيحيل والعارضية وغيرها من المناطق الصناعية وما فيها من تخصصات متعددة مثل ميكانيكا السيارات والكهربائيين و الميزان .. إلخ ، و كذلك توجد مهن أخرى مثل الصباغين و البنايين وباعة القماش و الخياطين والكهربائيين و الصفافير والصراريف و سوق الذهب و شركات النقل و و و .. إلخ ، و بالرغم من أن أصحاب هذه المحلات و الشركات أشخاص كويتيين إلا أنهم بحاجة لوافدين لإدارة هذه المحلات و الشركات لعدم توافر العنصر الوطني لتغطية مثل هذه المهن .. وبغض النظر عما إذا كان امتناع الكويتيين عن العمل بهذه المهن كان بسبب التكبر و الاستنكاف أم بسبب أن المردود المادي لهذه المهن لا يكفي الفرد الكويتي و مصاريفه ، بالنهاية التخلي عن الوافدين في هذه المهن أمر غير ممكن في الوقت الحالي على الأقل .
أما بالنسبة للوظائف الحكومية فهنا نقف أمام مسؤولية تقع على عاتق طرفين في الدولة ، الطرف الأول هي الحكومة و الطرف الثاني هو الشعب ، والوضع هنا مختلف عن بعض تلك المهن الحرة التي ليس فيها مردود مادي كافٍ لتغطية مصاريف الفرد الكويتي ، فالموظف الحكومي يتمتع براتب ثابت و محدد و من الممكن الاعتماد عليه "من حيث المبدأ" في تسيير أمور الحياة و مع ذلك نجد أن المواطنين عازفين عن الكثير من هذه الوظائف لا لسبب سوى البحث عن الراحة ! فعدد المدرسين و المدرسات الكويتيين لا يمكن الاعتماد عليه لتغطية جميع المدراس بجميع مراحلها ، والاستغناء عن المدرسين الوافدين في الوقت الحالي يُعتبر ضرباً من الخيال ، كذلك لا نملك أطباء وطواقم طبية كافية لتغطية جميع مستشفيات الكويت ولا نملك أيضاً مهندسين ومقاولين من العمالة الوطنية لتغطية مشاريع وزارة الأشغال من جسور و شوارع مثلاً، وهذا يدل على إن مشكلتنا الاقتصادية اليوم تتمثل في قلة الموارد البشرية "الوطنية" و ليس في قلة الموارد الاقتصادية كما كان قبل النفط ، و هذا العزوف هو مسؤولية المواطنين و ما يجب عليهم هو التخلي عن حياة الرخاء و الترف إن كانوا فعلاً جادين في رغبتهم بتعديل التركيبة السكانية .
أم مسؤوليات الحكومة فجسيمة و كبيرة في هذا الخصوص ، فتناسب مخرجات التعليم مع متطلبات الوزارات هي مسؤولية الحكومة ، أيضاً الاعتماد على الوافد في وظيفة يتوفر فيها العنصر الوطني هي مهزلة و ليست تقصير فقط ، و هذه مسؤولية تقع على عاتق مجلس الأمة أيضاً و هي مسؤولية تنسحب على المواطنين الذين يجب عليهم اختيار نواب أكفّاء و جادين في حل هذه القضية و غيرها من قضايا الوطن . من هنا نستنتج أن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق المواطن في الإقدام للمهن و الحرف الصعبة و أيضاً في اختيار من يستحق أن يكون ممثلاً للشعب .
و الله ولي التوفيق
عدد الزيارات : 2859 زيارة
كل التعليقات
لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع
آخر الأخبار
الطوارئ الطبية: جاهزون لتغطية القمة الخليجية وكأس الخليج العربي
سلاح الدفاع الجوي في الجيش الكويتي ينظم فعالية يوم التخضير
الخطوط الكويتية توقع اتفاقية مع الخطوط الحديدية سار لبيع تذاكر قطار الحرمين السريع
المعلومات المدنية: شطب عناوين سكن 322 شخصا من السجلات
العوضي: الكويت أول دولة في الشرق الأوسط توفر عقارا لحماية الأطفال من الأمراض التنفسية
إقرأ أيضا
الطوارئ الطبية: جاهزون لتغطية القمة الخليجية وكأس الخليج العربي
سلاح الدفاع الجوي في الجيش الكويتي ينظم فعالية يوم التخضير
الخطوط الكويتية توقع اتفاقية مع الخطوط الحديدية سار لبيع تذاكر قطار الحرمين السريع
المعلومات المدنية: شطب عناوين سكن 322 شخصا من السجلات
العوضي: الكويت أول دولة في الشرق الأوسط توفر عقارا لحماية الأطفال من الأمراض التنفسية