> مقالات

العمل التطوعي للمرأة الكويتية .. " ثقافة شعب "

كتب : د. نبيله شهاب |
العمل التطوعي للمرأة الكويتية ..

يعتبر العمل التطوعي في كل مجتمع ومكان ركيزة أساسية لبنائه وصورة جلية واضحة لمدى تطور و رقي فكر هذا الشعب،  فكلما زاد المجتمع ثقافة ووعياً كلما كان نزاعاً الى القيام بأعمال بناءة و لو كانت بسيطة لخدمة الوطن ورقيه عن طريق خدمة الآخرين ومساعدتهم وإدخال السعادة على قلوبهم دون أن يكون للجانب المادي بالنسبة لهم أي أهمية تذكر. التطوع كسلوك هو سلوك راقي سامي إيجابي فيه: تفاني وعطاء ورضا وقناعة وسعادة  فمن يعمل عملا تطوعيا يبذل كل جهده للقيام  بهذا العمل ويتفانى فيه لانه هو من اختار طواعية القيام به، ويعطي فيه كل ما يستطيع وأكثر برغبة وسعادة، وهو راضي بهذا النشاط أو العمل وبما يحصل عليه منه ولو كان شيئاً بسيطاً جدا كابتسامة أو نظرة عين أو كلمة شكر أو غيرها رغبة في الأجر أو خلافه، ونجده لا يعرف السرور والسعادة الا من خلال قيامه بهذه الأعمال التطوعية، وفيه من التسامي بالنفس الشيء الكثير فهو ارتقاء بها الى مستوى العطاء دون انتظار للجزاء أو المكافأة.
وكأي مجتمع نجد الكويت فيها من هذه النجوم الساطعة الكثيرات ونحن لسنا بصدد ذكر أسماء وإن كانوا يستحقون ولن نفيهم حقهم.
والمرأة الكويتية كما أبدعت وبذلت الجهد وتفانت في القيام بواجباتها وأعمالها المنوطة بها نجدها تتفانى في القيام بالأعمال التطوعية، وحين نتحدث عن الاعمال التطوعية يتبادر الى الاذهان مباشرة أعمالهن الخيرية الخيرة داخل الكويت وخارجها لمساعدة وخدمة المحتاجين اي كانت تلك الحاجة سواءاً كانت حاجة مادية أو جسدية أو نفسية أو اجتماعية وللكويتيات كغيرهم من الجليلات اليد الطولى في هذا المجال، ولكننا هنا نود أن نلقي الضوء على بعضاً من الأعمال التطوعية التي تمارسها المرأة سواء علمت انها تطوعية وقامت بها عن طيب خاطر وبكل سعادة أم ظنتها من ضمن واجباتها وبذلت الجهد الجهيد لانجازها على أحسن وجه.
دور المرأة الكويتية خلال فترة الغزو العراقي الغاشم على كويتنا الحبيبة وبعده فريد وبطولي حيث قامت بكل الأعمال على اختلافها من طبخ وخبز وزرع وتوزيع الوجبات ورعاية الأهل والجيران وتقديم الرعاية التمريضية او حتى العلاجية لمن يحتاجها، وقامت بهذه الاعمال وبغيرها الكثير بكل اقتدار وسرور وحماسة، و لا نختلف مع من يرى أن هذه الأعمال من ضمن الواجب مثل الدفاع عن الوطن. ولنقل انها تحمل الجانبين.
ومن الأمثلة الدارجة بيننا والتي غالباً لا تشعر صاحبتها أنها تقوم بعملاً تطوعياً مميزا ومهماً جداً للآخرين تلك الجارة الطيبة والتي تقوم بتوصيل أطفال الجيران الى ومن المدرسة بكل طيب خاطر وصبر وحب وقد تكون الخالة او العمة او اي قريبة، وتلك الفاضلة المتقاعدة أو ربة المنزل والتي تقوم بتوصيل جارتها او قريبتها المسنة أو العاجزة الى أي مكان تحتاج وتساعدها في ذلك،  أو تلك الأم التي تطوعت للعمل داخل روضة الاطفال او غيرها لمساعدة المدرسات للمساهمة في تطوير قدرات الطفل، وبعضهن تساعد في تعليم الاطفال الذين يعانون مشاكل دراسية بطريقة فردية خاصة التي تحمل منهن مؤهلاً علمياً في ذلك.  وتلك السلوكيات الجميلة والمهمة والتي لها التأثير الأكبر في بناء الأسرة وتماسكها ألا وهي رعاية الزوجة لأهل زوجها وخاصة الأم فلها النصيب المميز، وكون رعاية أهل الزوج ومنهم  الأم لا يعتبر دينيا من مسئولية الزوجة، الا انه عملاً محموداً  تؤجر عليه من رب العالمين لما فيه من مساعدة وادخال السعادة على النفوس  وله التأثير الأكبر على حياتها لما فيه من أهمية كبيرة في التحبب للزوج وإرضائه وكسب حبه.  ولا أظن أننا لو سألنا إحدى هؤلاء الفاضلات عما تقوم به من أعمال فلن تصنفه أبداً كعمل تطوعي.
و قد رأينا فتيات شابات يقضين أوقاتاً طويلة وهن يدخلن الفرح والسرور على قلوب أطفال مرضى في المستشفيات أو معاقين إعاقات مختلفة حتى الشديدة منها ويبذلن الجهد لنقلهن من جو المرض والعجز الخانق الى جو جميل من الفرح والسرور.
والأمثلة كثيرة ولا تحصى فتلك الطفلة التي تنقل الدروس الناقصة وتجمل كراسة زميلتها المريضة أو الحزينة لفقدها عزيز لهي اللبنة الأساسية والعجينة الطرية الزكية التي تحتاج منا الى أن نشجعها وندعمها ونرعاها لتزهر امرأة نقية معطاءة شمساً في سماء العمل التطوعي.
وتلك الطبيبة أو الاستشارية النفسية والتي لا تقفل هاتفها أبداً وتستجيب بسرعة وبجدية لأي طلب للمساعدة لهي مثال يحتذى به كما الامثلة السابقة.
كل هؤلاء وغيرهن الكثير ممن لا يسعفنا المجال لذكرهن هن لبنات مشرقة عطرة نفتخر بهن في بناء صرح الوطن حتى يصل الى مستوى الدول المتقدمة.
 العمل التطوعي باختصار سلوك نفسي اجتماعي راقي يغمرنا بالرضا والهدوء والسعادة وذلك لشعورنا أننا بتلك الاعمال البسيطة نرضي الله سبحانه وتعالى عنا ونسعد قلوب الآخرين  وهذا الشعور كفيل بأن يجعلنا سعداء لنبدع في القيام بواجباتنا وأعمالنا المناطة بنا.

 د. نبيله شهاب 
@ns_sunshine4

عدد الزيارات : 2388 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق