> دولي

بريطانيا: انقسام وتباين بالآراء حول البقاء أو الخروج من الاتحاد الأوروبي


بريطانيا: انقسام وتباين بالآراء حول البقاء أو الخروج من الاتحاد الأوروبي

يعتبر 23 يونيو المقبل يوما مهما في تاريخ بريطانيا حيث سيشهد نهاية للجدل الدائر في الراي العام البريطاني حول بقاء البلاد داخل منظومة الاتحاد الاوروبي او خروجها منها سيما بعد انضمام كبار السياسيين من مختلف الاحزاب بمن فيهم وزراء الحزب الحاكم للحملة الداعمة للخروج من الاتحاد.
فبريطانيا رغم انضمامها الى الاتحاد الاوروبي عام 1973 الا انها الدولة الوحيدة من الدول الاعضاء التي لم توافق على بعض الاتفاقيات المنظمة لعمل الاتحاد كالعملة الاوروبية الموحدة (يورو) واتفاقية (شنغن) التي تتيح لمواطني هذه الدول حرية التنقل.
ويعود ذلك الى توجس البريطانيين منذ انضمام بلادهم الى الاتحاد الاوروبي من فكرة الاندماج مع القارة الاوروبية بشكل كامل وتجلى ذلك اخيرا في سلسلة من الاعتراضات على كثير من السياسات الاوروبية التي لم تكن لندن راضية عنها بشكل كامل.
بيد ان قادة الدول الاوروبية قدموا باجتماعهم في بروكسل الشهر الماضي تنازلات عدة لرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون من اجل إعطاء بريطانيا وضعا خاصا لضمان بقائها ضمن المجموعة الاوروبية.
ومنحت هذه الخطوة الايجابية من قبل القادة الاوروبين رئيس الوزراء البريطاني الفرصة في الدفاع عن فكرة البقاء كعضو فاعل ومؤثر في الاتحاد الاوروبي حيث تمت الاستجابة للمطالب البريطانية المتعلقة باجراءات الهجرة والتنافسية اضافة الى الحماية المالية والاصلاحات السياسية.
ومنح الاتفاق بريطانيا ايضا نفوذا بين دول المجموعة الأوروبية من دون ان يفرض عليها مزيدا من الاندماج مع مؤسسات الاتحاد او التخلي عن عملتها الوطنية لصالح اليورو او المشاركة في خطط مستقبلية لانقاذ اقتصادات الدول الأوروبية المتعثرة.
ويرى الفريق المؤيد للبقاء في الاتحاد الأوروبي ويتزعمهم رئيس الوزراء ديفيد كاميرون ووزير المالية جورج اوزبورن وعدد كبير من رجال المال والاعمال ان خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي سيتسبب في خسائر اقتصادية كبيرة وسيدخل البلاد في نفق مظلم وافق محفوف بالمخاطر.
وحذر رؤساء كبرى الشركات البريطانية من ان خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي سيكلفها خسائر اقتصادية كبيرة لن تقل عن 100 مليار جنيه استرليني وفقد نحو مليون وظيفة بحلول عام 2020 ما سينعكس سلبا على قدرتها في اجتذاب الاستثمارات الخارجية.
وقال رؤساء 36 شركة مسجلة في (مؤشر فوتسي 100) لأقوى 100 شركة ببورصة لندن في رسالة نشرت عبر وسائل الاعلام الشهر الماضي ووقعها مدراء 162 شركة اخرى من “ان أعمالهم الاقتصادية والتجارية تحتاج لدخول غير مقيد وغير مشروط للسوق الأوروبية المشتركة التي بها اكثر من 500 مليون مستهلك”.
ويرى الاقتصاديون ان خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي سيكبد الاقتصاد البريطاني خسائر فادحة حيث ستفقد بريطانيا 40 في المئة من صادراتها المعفية من التعرفة الجمركية الى الدول الأوربية الأعضاء في الاتحاد.
ولفتوا الى ان الحكومة البريطانية ستجد نفسها مرغمة في حال صوت الشعب البريطاني بالخروج من الاتحاد الاوروبي على إعادة التفاوض حول العديد من الاتفاقيات الثنائية مع الدول الأوروبية بشكل منفرد.
وأشاروا الى ان الحكومة ستضطر الى مراجعة الكثير من التشريعات والقوانين التي أقرتها وهي داخل الاتحاد وتعمل على تغييرها وهو عبء اخر سيخلق مزيدا من المشاكل الاقتصادية الكبيرة.
ومن ايجابيات بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي التسهيلات التي تتمتع بها العمالة البريطانية بحرية العمل وحق الشركات البريطانية في توظيف عمال الاتحاد الاوروبي دون قيود بدول الاتحاد.
وستستفيد بريطانيا من خلال عضويتها في الاتحاد الاوروبي من الصفقات التجارية بين الاتحاد الأوروبي وغيرها من القوى العالمية حيث تتفاوض المجموعة الاوروبية حاليا مع الولايات المتحدة لإنشاء أكبر منطقة تجارة حرة في العالم.
وتعد هذه الاتفاقية في حال اقرارها خطوة كبيرة من شأنها أن تكون مفيدة للغاية للاقتصاد الاوروبي بشكل عام والبريطاني بشكل خاص في حين يرى رجال الاعمال البريطانيين ان البلاد ستواجه خطر فقدان بعض من تلك القدرة التفاوضية في حال ترك الاتحاد الأوروبي والتفاوض بشكل احادي مع الولايات المتحدة.
وكان تقرير اقتصادي صدر اخيرا قد حذر من عدم وجود خيارات واضحة وناجعة امام الاقتصاد البريطاني لتعويض امتيازات العضوية الكاملة في الاتحاد الاوروبي مشيرا الى ان بريطانيا ستحتاج الى أعوام للتفاوض حول 50 اتفاقا حول العالم والتي تمر كلها حاليا عبر الاتحاد الاوروبي.
وحذر وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند وهو احد الداعمين لبقاء بلاده في الاتحاد الاوروبي اخيرا من مغبة خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي بقوله “ان ذلك يعني ان عليها الدخول في مفاوضات تجارية صعبة وطويلة”.
وقال هاموند “من يعتقد بأن المفاوضات مع الدول ال27 ستكون سهلة فهو مخطئ” لافتا الى ان كل دولة ستفاوض بريطانيا من موقع قوة وستستميت في حماية اقتصاداتها ومنتجاتها من الصادرات البريطانية”.
ورأى ان المفاوضات لإعادة ترتيب العلاقات الاقتصادية والتجارية سيضر كثيرا بريادة لندن كمركز مالي دولي مؤكدا “ان باريس وفرانكفورت ستعملان كل ما في وسعهما لإزاحة الحي المالي للندن من الريادة الاوروبية مباشرة بعد بداية اجراءات فك الارتباط”.
في حين يرى الفريق المعارض لبقاء البلاد في الاتحاد الاوروبي وعلى رأسهم عمدة لندن والعضو البارز في حزب المحافظين الحاكم بورس جونسون ان الخروج من الاتحاد سيوفر المال على الشعب البريطاني وستسعيد البلاد زمام السيطرة بعد أن فقدتها من خلال عضويتها داخل الاتحاد الاوروبي.
ويرى الفريق المعارض ان الخروج من العضوية سيوفر ما يقارب 5ر4 مليار جنية استرليني حيث ان الحصة التي تدفعها بريطانيا للاتحاد سنويا تبلغ 13 مليار جنيه في حين يقدم الاتحاد الاوروبي لبريطانيا مساهمة تقدر ب5ر8 مليار جنية.
كما يبرر الفريق المعارض توجهاته المؤيدة الى الخروج من عضوية الاتحاد بسبب ارتفاع معدلات الهجرة لمئات الاف القادمين من دول اوروبا الشرقية وجنوب اوروبا للاستفادة من الامتيازات كالاعانات الاجتماعية ومجانية الصحة والتعليم واثر ذلك السلبي على مستوى الخدمات في البلاد.
ويرى الفريق المعارض ان خروج بريطانيا لن يؤثر بشكل سلبي على اقتصاد البلاد مشيرا الى تجربة النرويج وسويسرا حيث ان هذين البلدين خارج الاتحاد غير ان ذلك لم يحرمهما من توقيع اتفاقيات خاصة تضمن لهما حرية التجارة مع السوق الأوروبية الموحدة حيث يخضعان لكل القواعد المنظمة للانتاج والتجارة بالاتحاد في عدد من القطاعات.
ومهما تكن حجج الفريقين من المؤيدين والمعارضين لبقاء البلاد في الاتحاد الاوروبي سيما في ظل التطورات الراهنة التي تشهدها أوروبا على اكثر من صعيد سيكون الشعب البريطاني صاحب الكلمة الفصل يوم 23 يونيو المقبل.


عدد الزيارات : 1167 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق