> مقالات

" تحيا الكويت"

كتب : خليل العريان |

فجأة تغيرت الأحوال وبدأت الاضطرابات في فجر الخميس الثاني من اغسطس ١٩٩٠ فهناك اصوات وحركة غريبة في الشارع .. ايقضت زوجها من النوم .. قالت له ؛ بوخالد واللي يعافيك قوم شوف شنو السالفة .. خرج من المنزل وغاب فترة ليعود و وجهة مقفهرا حزينا .. قال : يا ام خالد يقولون العراقيين غزونا .. تسارعت الاحداث واحتلت القوات العراقية  الكويت وغادرت الشرعية الي المملكة العربية السعودية ..
لتنطلق المقاومه الشعبية وتتفق السيدات على الخروج في مظاهرات سلمية تدعم الشرعية والتي كان الهدف منها ايصال رسالة للعالم بان الشعب الكويتي بجميع اطيافة وفئاته يرفض التدخل السافر والغزو الغاشم .. بدأت المظاهرة وهنّ يهتفن بصوت واحد في نموذج نادر من الشجاعة والصمود رافعين علم الكويت امام الجنود المدججين بالسلاح دون اي خوف او جزع ويحملن اعلام الكويت وصور الشيخ المغفور له جابر الاحمد و ولي عهده الامين المغفور له الشيخ سعد العبدالله، وكانت ام خالد بطلة هذه القصة في الصفوف الاولي في المظاهرة تهتف للشرعية تنادي بالحرية تصرخ في وجه الغزاة ارحلوا واتركوا الكويت حرة أبية .. لياخذهن الحماس والغيرة على وطنهن على حبهن و ولائهن لارضهن وارض اجدادهن ليصرخن بصوت واحد "يا صدام شيل ايدك هذا الشعب ما يريدك" .. 
كانت تلك الصرخة كفيلة بان تجعل الغزاة المجرمين يطلقوا النار عليهن لتسيل الدماء الزكية على تراب الكويت .. اصيبت رصاصة الغدر والحقد البطلة ام خالد برجلها وبالتحديد في ركبتها ليتم نقلها الي مستشفى مبارك وادخلت على عجالة غرفة العمليات في ظروف طبية سيئة ونقص في الاطباء وشح بالادوية .. وقرر الاطباء فوراً اجراء عملية سريعه لها وبتر ساقها من منطقة الركبه حتي يستطيعوا المحافظة على حياتها .. دخلت غرفة العمليات وهي مؤمنه بقضاء الله وقدره .. توقع الكثيرون ان تنهار بسبب بتر رجلها واستغرب الاطباء من شجاعتها ولم تتاثر بما جرى لها وخسرانها لساقها والذي سيمنعها من السير لبقية حياتها .. دائما كانت تردد كلمة واحدة .. "المهم الكويت " 
قضت ام خالد عدت شهور في المستشفي  حتى التئم الجرح ولكن قلبها لازال مجروح بسبب الغزو  .. ولكن بطلتنا ان فقدت رجلها فهي لم تفقد ايمانها بقضيتها وحبها لوطنها .. كانت تدعو ربها ليل نهار وفي كل صلاة الله يفرج عنها وعن الكويت .. واستمرت البطله ام خالد من على كرسيها تدير شئون منزلها الى ان بزغ فجر يوم التحرير في السادس والعشرين من فبراير لتقف عند باب منزلها وهي ترفع علم الكويت عاليا بيدها من على كرسيها وتلوح لجيرانها والمارة وهي تقول .. "تحيا الكويت " ..
ونحن ندعو لها بطول العمر والصحة فهي لازالت تعيش بيننا فهي ليست سوى نموذج مشرف لوطن تعرض للغدر في ليلة ظلماء وقام احبائه بالتضحية من اجله ليعود كما كان وطن النهار وهم الذين اقسموا برب البيت انه لن ينهار .. لقد كان يوم التحرير هو يوم ولادتها من جديد وعلمت بان ما قامت به هو الصواب وان لم تستطع السير فابنائها واحفادها يستطيعون السير والجري على ارض الكويت الغالية .. لم تفقد رجلها بلا مقابل بل كان المقابل عودة وطنها محررا لها ولابنائها فلقد استطاعت ان تروي الارض بدمها وتزرع الامل على ارضها.. ام خالد ما هو الا نموذج للشرفاء الأبطال من ابناء الوطن الذين ضحوا لتعود الكويت حرة، لقد ساهموا بابقاء خيط الامل والتفاؤل وبان النهار سيشرق باذن الله من جديد ...

عدد الزيارات : 9138 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق