> مقالات

متلازمة القلب الحزين والإدارة الحكومية

كتب : د.محمد الدويهيس |
متلازمة القلب الحزين والإدارة الحكومية

أعلن العلماء عن اكتشاف ما يسمى بـ«متلازمة القلب المنكسر» broken - heart syndrome حيث أثبتوا أن الانسان قد يفقد حياته نتيجة لقلب حزين أو منكسر أو مفطور وقد كشفت البحوث الجديدة النقاب عن تضاعف خطر وجود قصور في القلب أو السكتة الدماغية في الشهر الأول بعد فقدان أحد الأحبة، ففي عام 1990 تم تحديد «متلازمة القلب الحزين» للمرة الاولى من قبل أطباء في زيورخ والتي تحدث عندما يحزن الانسان بفقدان عزيز أو من الخوف والغضب، ويقال كذلك ان متلازمة القلب المكسور أو المفطور قد اكتشفها اليابانيون عام 1990م، وأطلقوا عليها «مرض اعتلال عضلة القلب»، وهي متلازمة تصيب القلب بصورة مؤقتة، وكثيرا ما تكون ناجمة عن المواقف العصيبة، وغالبا ما يسبق متلازمة القلب الحزين أو المكسور حدث بدني أو عاطفي عنيف، ومن المسببات أو المحفزات المحتملة لمتلازمة القلب الحزين أو المفطور أو القلب المكسور كما ذكرنا خبر عن وفاة غير متوقعة لصديق أو لأحد أفراد الأسرة أو خبر التشخيص الطبي المخيف مثل مرض السرطان في مرحلة متأخرة، أو فقدان الكثير من المال والثروة، أو حدوث الكوارث الطبيعية أو الضغوطات المادية والحوادث المرورية المروعة أو الطلاق، أو فقدان الوظيفة.
 ويعتبر جيمس كالاهان رئيس الوزراء البريطاني الأسبق من ضحايا «متلازمة القلب الحزين أو المكسور»، حيث توفي عام 2005م بسبب متلازمة القلب المفطور أو المكسور بعد 11 يوماً فقط من وفاة زوجته.
وعندما ينظر المواطن الكويتي بعين متفحصة لما يدور حوله من أحداث وكوارث مرورية مروعة واكتشافه لأمراض مخيفة ومتزايدة مثل مرض السرطان وأمراض إدارية واقتصادية وقانونية وسياسية واجتماعية متفشية في جهازنا الحكومي، وكذلك الانخفاض الحاد والمتسارع في أسعار النفط وما ينتج عن ذلك من عجز هائل في الميزانية العامة للدولة يتجاوز ما نسبته 60 % من الميزانية.
 واحالة العديد من المواطنين الذين تجاوزوا خدمة 30 عاما للتقاعد في ظل التحويلات والسرقات المليارية وغياب الرؤية الاستراتيجية للدولة وتزايد الاختلالات المالية والاقتصادية والسكانية والوظيفية وتوزيعات لبيوت اسكانية على الورق والمخططات فقط، وعمالة أجنبية هامشية غير مؤهلة، وأخطاء طبية وتمريضية متكررة، ونظام تعليمي متدن وسرقات علمية وبحثية، وشهادات علمية مزورة، وخدمات حكومية متدنية، وأخطاء إدارية قانونية مكلفة، وسوء إدارة حكومية وضعف أداء معظم أعضاء السلطتين التشريعية والتنفيذية، وتنكر رئاسة وأمانة مجلس أمة 2013 لدور وأهمية زملائهم الأعضاء السابقين، والتردد في القرار الحكومي، وتعطل المشاريع التنموية، واعاقة الخطط التنموية المتتالية، وزيادة التخبط الإداري، وضعف الرقابة المالية والإدارية واعفاء بعض المؤسسات والمشاريع التنموية من الرقابة المسبقة، والتخبط في إدارة العلاج بالخارج، وزيادة التعيينات البراشوتية سواء في الوظائف الاشراقية أو الإدارية الوسطى أو الوظائف القيادية، وعدم وضع الرجل المناسب بالمكان المناسب، وتعطيل الكفاءات الوطنية وعدم تمكينها من العمل في الجهاز الحكومي، في الوقت الذي يمكن فيه غير المواطنين من العمل في الجهاز الحكومي والجمع بين العمل في القطاعين العام والخاص، ويحرم الكويتي من الجمع بين العمل والدراسة. وحرمان الكويتي الجمع بين الوظيفة الحكومية والعمل في القطاع الخاص، وعندما يرى المواطن أن مواعيد العيادات الطبية تمتد لعدة شهور، في حين أن غير المواطن يحصل عليها خلال أيام.
وعندما يرى المواطن طوابير الشباب الكويتي المؤهل والمنتظر للوظيفة الحكومية بالآلاف ولعدة سنوات ويرى غير الكويتي يتم توظيفه في القطاع الخاص أو الحكومي قبل أن يجف حبر شهادة تخرجه.
كيف لا يصاب الكويتي بمتلازمة «القلب المنكسر أو القلب المفطور أو القلب الحزين»؟ وهو يرى تخلف وطنه ودولته في معايير الشفافية وفي معظم مقاييس ومؤشرات التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية والرياضية مع وجود موارد بشرية شبابية وطنية مؤهلة وتوفر موارد وصناديق واحتياطيات مالية بمئات المليارات من الدولارات؟
لو تم فحص قلوب الكويتيين، فانني متأكد أنهم مصابون بهذه المتلازمة، ولكن هناك شيء وحيد يجعلهم يقاومون هذا المرض الخبيث ويستمرون في حياتهم وهو «حبهم للكويت» رغم أن مرض متلازمة القلب المنكسر قد تمكن منهم منذ زمن بعيد وحالتهم المرضية في مراحل متأخرة من هذه المتلازمة.
نعم نحن مرضى ومصابون بمتلازمة القلب المفطور والقلب المنكسر والقلب الحزين والسبب الرئيسي ليس فقدان عزيز من الأسرة بل فقدان «الإدارة الحكومية الكفوءة» وفقدان الشفافية والاستقامة وفقدان الحكمة ورشد القرار.
ودمتم سالمين

د.محمد الدويهيس

عدد الزيارات : 2178 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق