> محليات

نص استجواب النائب صالح عاشور لوزيرة الشؤون هند الصبيح


نص استجواب النائب صالح عاشور لوزيرة الشؤون هند الصبيح

نص استجواب النائب صالح عاشور لوزيرة الشؤون هند الصبيح
 
أتقدم بالاستجواب المرفق إلى وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل وزيرة الدولة لشؤون التنمية والتخطيط معالي السيدة هند الصبيح المحترمة
 
وذلك استنادًا إلى أحكام المادتين (100 و 101) من الدستور ، وأحكام المواد (133 و134 و135) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، برجاء اتخاذ الإجراءات اللازمة في شأنه.
                                                                                   مقدم الاستجواب
النائب صالح عاشور
 
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وبفضله تتنزل الخيرات والبركات ، وبتوفيقه تتحقق المقاصد والغايات ، له الحمد كثيرًا على نعمه التي لا تعد ولا تحصى ، وهو الذي أمر بالعدل والإحسان ، ونهى عن الظلم والعدوان
 
قال تعالى في محكم كتابه العزيز: { إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ } [سورة النساء : 58]
 
وقال سبحانه وتعالى: { إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ  } [  هود : 88 ]
 
 وقال عز وجل: { وَقِفُوَهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ  } [الصافات:24].
 
 تـمـهــيد
 
لقد أولانا الشعب الكويتي في شهر رمضان المبارك ثقته الغالية بفضل من الله ونعمه، وحمل على عاتقنا مسؤولية تمثيل الأمة في الرقابة والتشريع، والتزامًا بأداء الأمانة التي حملنا إياها الدستور، والتي شهد عليها الشعب بقسم دستوري أديناه وفقًا للمادة (91) من الدستور الذي أكدنا فيه احترامنا للدستور والقانون والذود عن حريات الشعب وأمواله ومصالحه، وأداء أعمالنا بالأمانة والصدق .
 
ونحن نؤدي هذا القسم العظيم كنا ندرك حجم وجسامة المسؤولية وثقل الأمانة التي قال عنها الباري عز وجل: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [سورة الأحزاب -72].
  
فكان لزامًا علينا أن لا نحيد عن واجب أداء الأمانة؛ دون تردد أو تخاذل أو تقصير أو محاباة أو شخصانية، وبما تمليه علينا ضمائرنا؛ دون إساءة أو تجريح، وبما يحقق صالح الكويت، فهي أعز وأغلى ما نملك .
 
وعملا بالمادتين (100 و 101) من الدستور، واللتان تعدان جوهر النظام البرلماني؛ حيث جسدتا حق النواب في مساءلة الوزراء ومحاسبتهم عن عجزهم وإخفاقاتهم بتقويم الاعوجاج، وعن عدم تمكنهم من النهوض بالدولة ووضعها في مسارها الصحيح من التنمية والتطوير .
 
ولعل من بين أهم القضايا التي أجمعت عليها الأمة عند قيامها بالإدلاء بأصواتها وهم في شهر رمضان المبارك هي محاربة الفساد وإحقاق الحق ، وإرساء الشفافية والنزاهة والإنصاف وحماية مصالح المواطنين ومكتسباتهم الدستورية والقانونية  .
 
ولذلك فإن هذا الاستجواب ما كان إلا إبراءً لذمتنا والتزامًا بقسمنا وواجب أداء الأمانة ونهوضًا بالمسؤولية الدستورية والوطنية والدينية والأخلاقية.
 
والواقع أن وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل قد قصَّرت في عملها وواجباتها على نحو لم تعد معه قادرةً على تحمل المسؤولية؛ بل وتعمدت اتخاذ قرارات خطيرة تمس المواطنين في حياتهم ومعيشتهم ؛ وبما يحتم علينا تحريك أدواتنا الدستورية وإثارة مسؤوليتها السياسية .
والجميع يشهد بقراراتها الأخيرة سواء ما يمس الجمعيات التعاونية أو جمعيات النفع العام أو النقابات بل حتى الحضانات العائلية ناهيك عما يحصل في هيئة القوى العاملة وهيئة شئون ذوي الإعاقة .
 
ومن هنا كان استجوابها استحقاقًا وحيدًا لا نملك إلا أن نقدمه باعتباره واجبًا دستوريًّا ووطنيًّا ينبغي تفعيله انتصارًا للكويت وللمواطن ، ودفاعًا عن الدستور ومضامين التضامن الاجتماعي والعدالة الاجتماعية، ودعم كيان الأسرة، وتهيئة الظروف الملائمة معيشيًّا، وحمايةً لمصالح المواطنين من هيمنة التجار.
 
الأساس الدستوري لقيام مسئولية وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل  
 
يعد الاستجواب أهم أداة وفرها الدستور لأعضاء مجلس الأمة بهدف تمكينهم من محاسبة أعضاء السلطة التنفيذية عن الأمور الداخلة في اختصاصاتهم وذلك طبقا لنص المادة (100) التي جاء فيها :
( لكل عضو من أعضاء مجلس الأمة أن يوجه إلى رئيس مجلس الوزراء وإلى الوزراء استجوابات عن الأمور الداخلة في اختصاصاتهم)
كما نصت المادة (101) من الدستور على أن (كل وزير مسؤول لدى مجلس الأمة عن أعمال وزارته...).
 
ومفاد ذلك أن يتعرض الاستجواب إلى وقائع مخالفات تقع ضمن اختصاص الوزير المستجوب، وفي حدود سلطته وبإشرافه، وهو الشرط القائم في هذا الاستجواب، باعتبار أن جميع محاوره تتعلق بأعمال وتصرفات واختصاصات وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل .
 
وهذا ما أكدته المادة (133) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة حيث نصت على أنه (لكل عضو أن يوجه إلى سمو رئيس مجلس الوزراء والى الوزراء استجوابات في أمر من الأمور الداخلة في اختصاصاتهم).
 
كذلك ذهبت المحكمة الدستورية في القرار التفسيري رقم (10) لسنة 2011 الصادر بتاريخ 20/10/2011 إلى أن :
  
( استجواب الوزير عن الأعمال المتعلقة بالمؤسسات العامة والهيئات العامة وجهات الإدارة المستقلة التابعة له أو الملحق به أو بوزارته جائز في حدود   صلاحياته واختصاصاته التي منحتها له النصوص الدستورية والقانونية اتساعًا وضيقًا) .
 
وغني عن البيان أن القاعدة الأساسية هي ( حيث توجد السلطة توجد المسؤولية )
 
أما عن الاختصاص الزماني فكل محاور الاستجواب كانت عن أعمال صدرت خلال فترة ولايتها للوزارة التي تحمل حقيبتها وهي التي تبدأ من تاريخ استلامها الحقيبة الوزارية إلى تاريخ الانتهاء منها لأي سبب كان، كما أنها في مجملها تتعلق باتخاذها قرارات في الآونة الاخيرة هي من ناحية المدة الزمنية قريبة، فكان الشرط الزماني متحققًا بلا ريب .
 
وعليه فإن الاستجواب المقدم قد توافرت فيه الشروط الشكلية والموضوعية على نحو ما أسلفناه حسب الدستور، وبما يتوافق مع أحكام اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، وما انتهت إليه أحكام وقرارات المحكمة الدستورية .
 
كما أنه لا مخرج للوزيرة بالتذرع بإثارة أي سبب للهروب من مواجهة هذا الاستجواب المستحق بداعي أن قرار تخصيص جمعية الدسمة هو قرار المساهمين؛ فإن الرد على ذلك سيكون من خلال محاور الاستجواب، ومن قرارات وإجراءات قامت بها الوزارة، كما أن رئيس هيئة الخبراء في مجلس الأمة قد انتهى إلى قيام مسؤولية وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، وذلك في مقال نشر له في جريدة القبس بتاريخ 23/2/2016، والذي أشار فيه إلى وجود تجاوزات صارخة للدستور
 
والقانون برعاية وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل... الأمر الذي يحتم علينا النهوض بمسؤولياتنا وواجباتنا في الذود عن مصالح المواطنين .
 
لذا نوجه هذا الاستجواب انطلاقًا من واجباتنا الدستورية، ونهوضًا بالمسؤولية التي على عاتقنا رغبة في الذود عن الدستور، وانتصارًا لحقوق المواطنين، ومعالجة لقرارات خطيرة تمثل انحرافًا في تطبيق القانون، ومشروعًا لبيع الكويت إلى فئة معينة من المتنفذين، وحمايةً لمصالح الدولة والشعب .
 
ثالثا : محاور الاستجواب
يقع الاستجواب في محورين :
 
المحور الأول : تخصيص الجمعيات التعاونية
 
عمدت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل إلى تنفيذ مخططها الذي طالما لوحت به في تصريحاتها المختلفة؛ نحو خصخصة الجمعيات التعاونية، وإن أطلقت عليها لفظ ( استثمار السوق المركزي) في محاولة منها لتخفيف الأثر من ناحية المسمى دون آثاره في بيع قوت الشعب الكويتي وسلعهم الاستهلاكية، وجعلها في يد التجار، وهي بهذا الصدد تحاول تطبيقه على جمعية الدسمة وبنيد القار التعاونية، ومن ثم محاولة تعميمه كمخطط ممنهج منها، تحت تبريرات وحجج واهية تستخدمها كغطاء لفكرة بيع الجمعيات إلى بعض التجار، وتسليم أعناق المواطنين في أيديهم .
 
وقرار وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل نحو تخصيص جمعية الدسمة وبنيد القار التعاونية ما هو إلا خطوة أولى نحو تعميم هذه الخطوة على باقي الجمعيات، وهو
 
قرار يشكل مخالفة صارخة للدستور والقانون والقرارات الوزارية، وهو ما سنؤصل له ونوضح بيانه فيما يلي :
 
أولا  : انتهاك قرار وزيرة الشؤون للدستور
 
استهدفت مواد الدستور الكويتي تحقيق مبادئ العدالة الاجتماعية، ودعم كيان الأسرة، وحماية الشباب والنشء، وتهيئة البيئة والظروف الملائمة معيشيًّا، وتحقيق عدم الاحتكار تحقيقًا للوظيفة الاجتماعية للملكية ورأس المال والثروة الوطنية، وفقا لما سطره الدستور في هذا الشأن بأحكام المواد (7، 8, 9 , 10 , 11, 16, 18, 20، 22, 23)
 
-         فالمادة (7) من الدستور الكويتي تنص على أن (العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع والتعاون والتراحم صلة بين المواطنين).
 
-         والمادة (8) كلفت الدولة بأن (تصون دعامات المجتمع وتكفل الأمن والطمأنينة وتكافؤ الفرص للمواطنين).
 
-         كما قررت المادة (20) من الدستور أن (الاقتصاد الوطني أساسه العدالة الاجتماعية، وقوامه التعاون العادل بين النشاط العام والنشاط الخاص، وهدفه تحقيق التنمية الاقتصادية وزيادة الانتاج ورفع مستوى المعيشة وتحقيق الرخاء للمواطنين ..).
 
-         وأكدت المادة (23) من الدستور على أن (تشجع الدولة التعاون والادخار، وتشرف على تنظيم الائتمان).
 
وعلى ذلك فإن قرار وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وخطوتها في بيع جمعية الدسمة إلى الشركات والمؤسسات من القطاع الخاص تمثل انقضاضًا على الجمعيات التعاونية بهدف تمليكها للتجار والشركات، وهي مؤامرة
 
لإجهاض تجربة رائدة في المنطقة امتازت بها الكويت عمَّن سواها في تملك وإدارة المواطنين لشؤونهم الاستهلاكية بما يحقق التعاون فيما بينهم ويكبح جماح وطمع التجار في رفع الأسعار، وما هذه الخطوة سوى محاولة تسليم دفة تحديد أسعار السلع بيد التجار وحدهم، وتضييع حقوق المواطنين، وهي بهذا الشكل وبهذه الترتيبات تمثل انتهاكًا مرفوضًا لأحكام الدستور وتنقيحا للمواد (16, 20 , 22، 23 ) من الدستور .
 
ثانيا : انتهاك قرار وزيرة الشؤون للقانون
 
تضمن القانون رقم 24 لسنة 1979 وتعديلاته بالقانون رقم 118 لسنة 2013 النص على وجود جمعية عمومية عادية وجمعية عمومية غير عادية، وأناط القانون بهذه الاخيرة الاختصاص بالنظر في المسائل الخطيرة والتي تتعلق بكيان ووجود الجمعية من عدمه؛ حيث نص في المادة (22) من القانون رقم 24 لسنة 1979 على أن:
 
( تختص الجمعية العمومية غير العادية بالأمور التالية :
 
1-   تعديل نظام الجمعية .
 
2-   اندماج الجمعية في جمعية اخرى .
 
3-   حل الجمعية قبل الأجل المعين لها، ويجب أن يتضمن قرار الحل تعيين المصفين وتحديد أجورهم وبيان سلطاتهم والمدة اللازمة للتصفية )
 
ولما كان طرح الجمعية للاستثمار من قبل الغير على درجة كبيرة من الخطورة على نحو ما أسلفنا، وعلى فرض صحة هذا التصرف- رغم
 
أنه مخالف صراحة لنص القرار الوزاري رقم 35 /ت لسنة 2014)- فكان الأحرى عرضه على الجمعية العمومية غير العادية وليست العادية ، قياسًا على اختصاصاتها سالفة الذكر؛ حيث إن استثمار الجمعية من قبل الغير يعد وبحق انتهاءً للجمعية ووجودها، وان كان ذلك لفترة مؤقتة، ويغل يد المساهمين في أي دور بخصوص أموالهم في الجمعية .
 
ولما كانت الدعوة لانعقاد الجمعية العمومية لجمعية الدسمة وبنيد القار التعاونية قد تضمنت موضوعات لا تدخل في اختصاص الجمعية العمومية، فقد أضحت هذه الدعوة باطلة لاحتوائها على موضوعات لا تدخل في اختصاص الجمعية العمومية العادية.
 
ولما كان موضوع طرح الجمعية للاستثمار من قبل الغير لا يدخل في اختصاص الجمعية العمومية العادية، فإن قيامها بمناقشة هذا الموضوع والتصويت عليه يعد باطلا لافتئاته على اختصاص أصيل للجمعية العمومية غير العادية .
 
وحيث إن الجمعية العمومية العادية قد قامت بالتصويت على طرح الجمعية للاستثمار من قبل الغير، وما انتهت إليه من إقرار الاستثمار، فإن ذلك لا يمكن الاعتداد به، وعليه فقد أضحى قرار الجمعية العمومية العادية لجمعية الدسمة وبنيد القادر القاضي بالاستثمار من قبل الغير باطلا ولا يعتد به، ولا يسري في حق المساهمين أو الغير.
 
مع ذلك تعمدت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وانتهزت الفرصة وقامت بالموافقة على بيع وخصخصة جمعية الدسمة وبنيد القار بتاريخ 21/2/2016 وفق موافقة منها حمل رقم (06611)، وبذلك فإنها قد
 
تعدت واشتركت في مؤامرة ومهزلة بيع جمعية الدسمة وبنيد القار التعاونية وخصخصة باقي الجمعيات على التوالي وكذلك مخالفتها للمادة 20 من قانون الجمعيات التعاونية .
 
ثالثا  : انتهاك قرار وزيرة الشؤون للقرارات الوزارية المنظمة للعمل التعاوني
 
بداية تجدر الاشارة إلى أن اختصاص الجمعية العمومية العادية للجمعيات التعاونية الاستهلاكية قد ورد على سبيل الحصر في المادة (50) من القرار الوزاري رقم (166/ت) لسنة 2013 بشأن النظام الأساسي النموذجي للجمعيات التعاونية والتي نصت على  أن:
 
( تنعقد الجمعية العمومية العادية سنويا خلال شهر من انتهاء السنة المالية وتختص بالنظر في :
1-   تقارير مجلس الإدارة والتصديق عليها .
 
2-   التقرير المالي لمراقب الحسابات والتصديق عليه .
 
3-   تقرير مراقب الحسابات للميزانية العمومية والحساب الختامي للسنة المالية المنتهية والتصديق عليها .
 
4-   التقارير المالية والإدارية لمراقبي الوزارة .
 
5-   تعيين مراقب الحسابات للسنة المالية القادمة .
 
6-   النظر في غير ذلك من الوسائل الواردة بجدول الأعمال .
 
7-   الانتخاب الدوري لأعضاء مجلس الادارة ) .
 
 ومن خلال هذه النص يتضح أن طرح الجمعية للاستثمار ليس من بين الموضوعات التي تختص بها الجمعية العمومية العادية، ولا يقدح في ذلك أن المادة (17) من القانون رقم 118 لسنة 2013 قد نصت على أنه ( يجوز في أي وقت دعوة الجمعية العمومية للانعقاد بهيئة عادية بناء على طلب الوزارة أو عشر عدد أعضاء الجمعية العاملين أو أغلبية أعضاء مجلس الإدارة أو مراقب الحسابات، على أن يبين في الدعوة المسائل التي دعيت من أجلها الجمعية العمومية ) .
 
وما ينبغي أن نؤكد عليه بخصوص هذا النص أن دعوة الوزارة للجمعية العمومية العادية للانعقاد وإن كان من حقها قانونًا إلا ان المسائل التي دعيت من أجلها الجمعية العمومية العادية يتعين أن تكون داخلة في اختصاص هذه الأخيرة على النحو السالف ذكره، وحيث إن الدعوة لانعقاد الجمعية العمومية العادية لجمعية الدسمة وبنيد القار التعاونية قد تمت بناء على طلب وزارة الشؤون الاجتماعية استنادًا إلى نص المادة (17) سالفة الذكر، فإن هذه الأمر لا منازعة فيه، ولكن المسائل التي تمت الدعوة من أجهلها تعد – وبحق – مخالفة صريحة وصارخة للمادة (18) من القرار الوزاري رقم (35/ت لسنة 2014) بشأن تنظيم العمل التعاوني، والتي نصت على أن:
 
( تلتزم الجمعية بإدارة الفروع التالية إدارة مباشرة، ولا يجوز طرحها للاستثمار أو مشاركة الغير في إدارتها :
 
أ‌-      الاسواق المركزية .
 
ب‌-  الاسواق المركزية الصغيرة .
 
ت‌-  الجملة والتموين .
 
ث‌-  الغاز .
 
ج‌-   لوازم العائلة .
 
ح‌-   الخضار والفواكه .
 
خ‌-   المكتبة .
 
د‌-     الصيانة المنزلية ) .
 
ولما كان من المستقر عليه فقهًا وقضاءً أن القرارات الإدارية تعتبر ملزمة للمخاطبين بها، كما أنها تكون ملزمة في الوقت ذاته لمصدر القرار، وبالتالي لا
 
يجوز لمصدر القرار أن يخالف القرارات الإدارية الصادرة عنه، وعليه فإن قيام وزارة الشؤون الاجتماعية بالدعوة لانعقاد الجمعية العمومية العادية لجمعية الدسمة وبنيد القار التعاونية مدرجةً في جدول أعمالها مناقشة طرح الجمعية للاستثمار من قبل الغير يعد مخالفةً صريحةً للقرار الوزاري رقم (35/ت لسنة 2014) الصادر عنها؛ مما يصيب الدعوة للانعقاد بالبطلان، وكذلك كل ما يترتب عليها من قرارات.
 
يضاف الى ما تقدم، وكما هو واضح من صياغة النص، أنه تصدر لفظ تلتزم مما مفاده الوجوب والإلزام، أي اأنه يجب على الجمعية إدارة الفروع سالفة الذكر إدارة مباشرة من قبها، وتأكيدًا لذلك أردف النص عبارة ( ولا يجوز طرحها للاستثمار المباشر)، وهو نهي صريح عن طرحها للاستثمار، وبالتالي أضحت المسائل المدرجة على جدول أعمال الجمعية العمومية لجمعية الدسمة وبنيد القار التعاونية- وقد تضمنت طرح الجمعية للاستثمار- قد شابها الخلل ومخالفة القانون والدستور، مما يبطل معه ما انتهت إليه من قرارات بخصوص هذا الموضوع .
 
وإذا سلمنا جدلا- وجدلا فقط- أن الدعوة للجمعية العمومية كانت صحيحة، فإنه من غير المستساغ عقلا أن يتم مناقشة موضوع من الخطورة بمكان فيها ( وهو طرح الجمعية للاستثمار من قبل الغير )، وهل يمكن تحديد مستقبل كيان يتألف أعضاؤه من عدد يربو على الألفين عضو من قبل 56 عضوًا، أي أقل من 3% من العدد  الإجمالي للمساهمين الي يفوق 7000 مساهم
 
مع كل ذلك، وما سبق بيانه، قامت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ممثلة بوزيرتها بمباركة هذا الإجراء، والاجتهاد في تنفيذه في أسرع وقت دون تأخير؛ تلبيةً لمطالب بعض التجار وأطماعهم في الاستحواذ على الجمعية، وتنفيذ سياسة القضاء على القطاع التعاوني والدور الريادي الذي قام به، تحت ذريعة وجود فساد إداري ومالي ومديونية في بعض مجالس إداراتها، وهي ذريعة تصح لوحدها
 
لمسائلة وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل؛ إذ إنها تعد إدانة لها وللحكومة التي فشلت في مراقبة أداء مجالس الإدارات الفاسدين، ثم إصلاح ومحاسبة من تورط في عمليات فساد إداري ومالي- وهم قلة إذا ما اخذنا في الاعتبار التاريخ المشرف للجمعيات وعددها الكبير الذي يقارب 60 جمعية .
 
رابعا : إنحراف قرار وزيرة الشؤون عن أهداف الجمعيات التعاونية وتنفيع التجار إن توجه الوزارة ما هو إلا محاولة منها لتحريف مفهوم العمل التعاوني والهدف من وجود الجمعيات التعاونية في خدمة المواطنين والارتقاء بالمستوى الاجتماعي والاقتصادي والإنتاجي، باعتبارها أفضل الحلول لمواجهة غلاء المعيشة، وتوفير الدعم لبعض السلع والخدمات بأسعار مناسبة.
 
وهي تهدف إلى إبعادها عن هدفها الأساسي وفتح الباب لاستحواذ التجار على كل الجمعيات التعاونية، والمعروف أن المستثمر الخاص لا يدخل في أي نشاط تجاري ليس له جدوى اقتصادية تضمن تحقيق أرباح مادية، وهذا يعني بالضرورة أن الأسواق المركزية في الجمعيات التعاونية تحقق أرباحًا مادية كبيرة وإلا لما حاول القطاع الخاص منذ إنشاء الجمعيات التعاونية السيطرة عليها بشتى الطرق بالرغم من أنه بإمكانه أن ينشئ ما يشاء من الأسواق المركزية التي تنافس الجمعيات التعاونية !!
 
وعلى هذا كان تدخل وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل وقيامها بدور يتعارض مع وظيفتها في تشجيع التعاون والحفاظ على مصالح المواطنين، ومنهم فئة المساهمين، ومن أجل سيطرة القطاع الخاص على الأسواق المركزية، فتحرم الجمعيات التعاونية بالتالي من أرباح مضمونة تحققها الكثير من الجمعيات، بالرغم من الشروط غير العادلة ( الإيجارات مثلا) التي تفرضها عليها الحكومة مقارنة بتلك التي تفرضها على الشركات التجارية .
  
والواقع أن خصخصة الجمعيات التعاونية ستؤدي إلى أنّ الشركات الكبرى- التي لا تدفع ضرائب على أرباحها الباهظة والكبيرة، ولا توفر فرصًا وظيفية للمواطنين-  ستقوم باحتكار سوق تجارة التجزئة، والتحكم في أسعار السلع وجودتها، خاصة أن الجمعيات التعاونية الاستهلاكية لديها مئات المنافذ الخاصة بالبيع  والتسويق، والتي تعتبر فرصة ذهبية لا تقدر بثمن بالنسبة إلى التجار .
 
ومما يزيد الطين بلة ان الحكومة ممثلة في وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل تتجه إلى خصخصة الجمعيات التعاونية في الوقت الذي يطرح فيه القطاع التعاوني في العالم كبديل ناجح للسياسات الرأسمالية المتوحشة .
 
وأما عن محاولة التبرير والتذرع بوجود فساد إداري ومالي في بعض الجمعيات فهو دليل على عجز وفشل الوزارة في تحقيق الرقابة السليمة على مثل هذه الإدارات، وهو يصح بحد ذاته أن يكون محورًا للاستجواب ومسائلة الوزيرة عنه .
 
والواقع أن الفساد مستشرٍ في عدد كبير من مرافق وأجهزة الدولة، وأن القطاع الخاص هو بذاته كذلك يعاني من الفساد والصراعات المصلحية التي  ستكون نتائجها كارثية على المواطنين والوطن لو تمت خصخصة الجمعيات التعاونية، وخير دليل وشاهد على أن الفساد متمكن من القطاع الخاص أيضا- هو واقع كثير من الشركات الاستثمارية والمالية الذي انكشف بشكل فاضح بعد الأزمة المالية العالمية، على ما يجري حاليًا في سوق الأوراق المالية، ناهيكم عن القضايا المتداولة حاليا في أروقة النيابة وفي جلسات المحاكم، مما ينم عن فساد وعن صراع يبشر به حال الجمعيات التعاونية عند تخصيصها، وحينها ستكون يد المساهمين مغلولة عن إصلاح الخلل وتقويم الاعوجاج باعتبار أنها مملوكة أو مستثمرة حينها من شركة من القطاع الخاص !!
  
وفي هذا الصدد نقتبس بالحرف ومن موقع وزارة الشؤون الاجتماعية على شبكة الإنترنت هذه الشهادة منها في الإشادة بدور الجمعيات التعاونية في الكويت وبنجاحها، وذلك في قول الوزارة: ( تعتبر الحركة التعاونية في دولة الكويت تجربة رائدة في الشرق الاوسط اأثبتت كفاءتها وفائدتها ودعمها المستمر لاقتصاد الدولة ومشاركتها في التنمية المجتمعية؛ سواء في خدمة المناطق السكنية التابعة لها، أو لسكانها من مواطنين ومقيمين، ويسهم العمل التعاوني في دولة الكويت بدور ملموس في تنمية المجتمع بما يقدمه من خدمات متنوعة لرفع المستوى الاقتصادي والاجتماعي للأسر والأفراد )
 
وعلى ذلك فإن ما قامت به وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل من تخصيصها للجمعيات هي محاولة لوأد هذا النظام ومحاولة لتمكين التجار من رقاب ومقدرات المواطنين .
 
المحور الثاني : وقف مساعدات الايتام والتعرض لهم
 
يقول الباري عز وجل في محكم كتابه: ( فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ ) [الضحى:9،10]
ويقول الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أنا وكافل اليتيم بالجنة
وقد تعمدت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل المساس بالأيتام، حيث قامت بوقف المساعدات الاجتماعية عنهم بحجج وذرائع واهية تدور حول مراجعة ملفات المنتفعين بالمساعدات للوقوف على مدى استحقاق الحالة للمساعدة !
 
فعوضا عن استمرار الصرف وإيقافه في حال عدم الاستحقاق قامت الوزارة بعمليات وقف مثل هذه المساعدات ، على الرغم من التزاماتهم المالية من قسط
  
وقرض معرضيهم للإجراءات القانونية من قبل البنوك ومختلف الجهات الدائنة، ومعرضيهم بذلك للخطر.
 
وقامت الوزارة أيضا بالتضييق على الأيتام من خلال وقف المساعدة لفئة الايتام المودعين في المؤسسة الاجتماعية التابعة دون سند قانوني سليم ودون مراعاة لظروف هذه الفئة ودون مراعاة كذلك لظروفهم الدراسية .
 
ولم تقف ممارسات وزارة الشؤون عند هذا الحد، بل وفي محاولة منهم لدفع الأيتام للخروج من دور الرعاية– المؤسسة الاجتماعية– بشتى الطرق والسبل، حتى عمدت – في بلد الإنسانية- إلى التقليل من كمية الوجبات المخصصة لهم، والتضييق عليهم في قوت يومهم ، حيث قامت الوزارة بتقديم وجبات غذائية لنزلاء دور الرعاية لعدد 21 شخصًا في ضيافة الفتيات، في حين أن عدد النزلاء في دور الرعاية يبلغ 34 نزيلة !!
وعمدت كذلك الوزارة إلى منع توفير الغذاء عن الموظفات حتى لا يتقاسمنه مع النزيلات، وعلى نحو يضطر معه النزيلات إلى التنازل عن جزء من غذائهم- غير الكافي لهم أصلا- لصالح بعض الموظفات في دور الرعاية .
 
كل هذه الممارسات تتم في الكويت، وتحت تبرير الضغط عليهم للخروج من دور الرعاية، وينتقلن للسكن في أي منطقة أو مقر آخر، وبحجة واهية لدى الوزارة، وهي الرغبة في اندماجهم بالمجتمع !! متجاهلين بذلك أنهن من الإناث وأن البعض منهن لديهن بعض الظروف القاهرة التي تحول دون خروجهن من دور الرعاية، ومتناسين وصية الباري عز وجل بضرورة العناية والاهتمام باليتيم وتكريمه .
 
وهناك العديد والكثير من التجاوزات والانتهاكات بحقهم الجميع يعلمها من خلال الصرخات المؤلمة لهم بوسائل التواصل الاجتماعي .
 
  ختـامـا وإزاء ما ورد من مخالفات دستورية جسيمة والتعديات السافرة على القانون ومصالح المواطنين على نحو تكون معه وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل قد قصرت في أداء عملها ومهامها الموكلة إليها بحسب الدستور والقانون على النحو الوارد في صحيفة هذا الاستجواب.
 
والتزامًا بالواجب الوطني ونهوضًا بمسئولياتنا الدستورية والأخلاقية والوطنية الملقاة على عاتقنا، وانطلاقًا من واجب أداء الأمانة التي حملنا إياها الشعب الكويتي، وبناءً على كل ما سبق أتوجه بهذا الاستجواب إلى وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل وزيرة الدولة لشؤون التنمية والتخطيط معالي السيدة هند الصبيح .

عدد الزيارات : 1593 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق