" ثقافة الحوار السليم ... ... واحترام الرأي الآخر "

نظرة سريعة لطبيعة الحياة في وقتنا الراهن تجعلنا نحمدالله على أن لدينا العزيمة القوية والقدرة على التحمل والصبر، مما يجعلنا قادرين على التأقلم والتكيف الصحيح مع نمط الحياة السريع ومع تعدد الضغوط وتنوعها. 

ومع ذلك نجد أن البعض لم يستطع ان يتكيف مع الضغوط  بالطريقة الصحيحة فنجد ذلك واضحاً على سبيل المثال  في تعامله وردات فعله مع الآخرين، فنجده مثلاً غير قادر على فهم وتقبل اختلافاته مع الآخرين، ولا يحسن التحاور مع الغير بالاضافة الى عدم احترامه لآراء وأفكار الآخرين.

وقد يرجع السبب في هذا السلوك الى الطريقة الانفعالية والذاتية في التفكير والتي يعاني منها بعض الأفراد، حيث أنهم يقيسوا الأمور ويفكروا بطريقة تُغَلَّب فيها الانفعالات على العقل ويُنظر للمواقف من زاوية واحدة وهي زاويتهم الخاصة بهم ويغفلوا جميع الزوايا الأخرى للموقف.  

ولذلك من المهم أن نؤمن أن احترام رأي الآخرين والحوار معهم بالطريقة الصحيحة سلوك راقي أساسي يجب أن يتعلمه الطفل ويجب أن تغرس أصوله بين مفردات سلوكياته منذ البداية، فمن الظلم  ان نترك الطفل دون توجيه وتربية  وبعد ذلك نطالبه بما لم يتعلمه، وتعليم الطفل لا يتأتى من الكلام والتلقين ولا من العقاب والاساءة للطفل ايٍّ كان أشكالها، ولكن يتعلم الطفل عن طريق عدة طرق أهمها وأكثرها شيوعاً "التقليد" حيث يرى الطفل ويسمع ويكتسب السلوك كما يراه في الآخرين ومن ثم يمارسه كسلوك خاص به. وفي هذا الاسلوب من التعلم يقع العبء الأهم على الشخص الذي يقلده الطفل "القدوة"، فالأب والأم الذين يحترمون أطفالهم عند الحديث والنقاش ويتركون لهم حرية التعبير عن رأيهم وقناعاتهم بكل هدوء وترحاب وتشجيع لهُمُ القدوة الحسنة والمثالية التي يقتدي بها أطفالهم والعكس صحيح. والطفل الذي ينشأ على هذا الأسلوب الراقي السليم في التعامل يكبر وهو واثق من نفسه وقدراته لديه القدرة على التحاور الهاديء الصحيح  وبطريقة موضوعية تتسم باحترام الآخرين واحترام آرائهم وقناعاتهم.

ونحن كراشدين يجب أن نهتم بتبني ونشر  هذا السلوك بيننا وهو "ثقافة الحوار الراقي المهذب" و "أدب احترام الآخرين واحترام آرائهم" ايٍّ كان موقعنا، ولهذا يستلزم  أن يكون لدينا الوعي والإدراك بأننا نحن الكبار من يشكل القدوة للأجيال الشابة ولابنائنا.. ومتى ما تم ذلك واستقر في يقيننا فإنه لاشك سيكون المحرك الأساسي ليس فقط  لتحسين القيم  والمثل  لغيرنا بل ولأنفسنا أيضا ..

د. نبيله شهاب

@ns_sunshine4