> مقالات

عملي .. سر سعادتي

كتب : د. نبيله شهاب |
عملي .. سر سعادتي

السعادة شعور نفسي ينبع من داخلنا يغمرنا ويظهر على تصرفاتنا وتعاملنا مع الآخرين وطريقة تفكيرنا ومواقفنا وإدراكنا لمحيطنا وحكمنا على الأمور وغيره.
معرفتنا بذلك سوف تدفعنا الى البحث عن هذا النهر العذب بداخلنا لننهل منه الى حد الارتواء، و لو بحثنا عن أصل "الشعور بالسعادة" هل هو فطري أم مكتسب، لوجدنا حقيقة أنه يجمع بين المنبعين، فهو علمياً أحد مكونات سمة أو صفة "الانبساطية"  وهي من السمات الوراثية غالباً، لكن مع ذلك فان الاكتساب له تأثير كبير على توجيهها وحتى على تكوينها إن كان الدافع قوياً لذلك.
كيف نصبح سعداء؟؟
سوف نسهب في الاجابة بعدة مقالات قادمه باذن الله.
قد يظهر السؤال بسيطاً وواضحاً ولكن هل الإجابة كذلك بسيطة وواضحة؟؟ "نعم" إن كان هناك دافع قوي لذلك، و "لا"  إن لم نسعَ بكل جهدنا.
فاللبنات الأساسية لبناء  "السعادة"  في إطار العمل  هي أولاً: إيماننا بأن "العمل عباده" نرضي بها الله جلّ جلاله وبعد رضاه سبحانه يأتي التوفيق والبركة في هذا العمل، مما يؤدي الى الشعور بالطمأنينة والرضا واليقين.
ثانيًا: الاستمتاع بكل عمل نقوم به صغر حجمه أو كبر، وهذا مهم جداً لغرس السرور والبهجة في نفوسنا ونفوس من حولنا في دائرة العمل.
ثالثاً: إعطاء ما نقوم به من عمل أهمية خاصة لنا ولخدمة الآخرين وإضفاء صفة التميز على هذا العمل  مما يساعد على شعورنا بالرضا والثقة بالنفس والنجاح.
حقيقة .. أن الكثير من أعمالنا لا تخلو أبداً من المشاكل والضغوط ولا ننكر أن بعض أعمالنا مفروضة علينا لأي سببٍ كان ولم تكن من اختيارنا ولا برغبتنا، ولكن الذكي منا من يطوِّع الظروف وما توافر من إمكانيات وماله من قدرات لصالحه ولنجاحه وإسعاد ذاته، ولذلك يجب عليه أن يبحث عن مواطن الجمال أو الفائدة أو الأهمية في هذا العمل، ومن البديهي أن أي عمل لا يخلوا أبداً من مواطن الجمال او الفائدة أو الأهمية. فإذا وجدنا هذا المكون والذي سوف يكون بذرة السعادة داخل أنفسنا علينا أن نرويه بالاهتمام حتى يكبر ويصبح قادراً على طمس سلبيات العمل ومتاعبه وهمومه، ونحن بذلك لا نسعد انفسنا ومن معنا فقط، بل نسهم كذلك في تحسين وتطوير العمل مما يساعد على وصولنا لاهدافنا بسرعة أكبر ومن ثم ينعكس ذلك ايجاباً على شعورنا بالرضا عن أنفسنا وعن عطائنا مما يزيد من ثقتنا بأنفسنا وتعزيز شعورنا بالسعادة.
من ذلك فإن أي عمل نقوم به برغبة وحب  سوف يثمر أجمل وأغلى الثمار، والنجاح بحد ذاته يسعدنا ويبهجنا ويخلق جواً جميلاً هادئاً خالياً من التوتر والضغوط داخل بيئة العمل. 
الأعمال كثيرة ومتنوعة ولكل وظيفة جمالها وعيوبها وسوف نتناول وظيفة "المعلمة" على سبيل المثال [وحين نقول معلمة نرمز للاثنان معاً المعلم والمعلمة ولهم كل التقدير].
"المعلمه" يكفيها فخراً أن تكون ممن يساهم بصورة كبيرة في بناء الشخصية وتطوير الذهن والتفكير، فلهذه الوظيفة أهمية تربوية ونفسية واجتماعية. وكلنا يعرف أنه يكثر جو التوتر والضغوط داخل المدارس، ولكن لو أرادت "المعلمة" أن تسعد نفسها ومن حولها فإنها تكون قادرة على خلق هذا الجو الجميل، فصبرها على التعليم وتعديل سلوك الطالبات وتوجيههم  يتطلب الكثير ولكن مع ابتسامة ودعابة مع طالباتها وتغيير جو الدرس الى جو مريح مرح يصبح الأمر سهلاً،  لأنه يحتاج فقط الى قلب كبير يحب الجميع ويحتويهم ويصبر عليهم.
من المهم وهي تقوم بذلك أن تستشعر الثواب على ذلك وتحتسب عملها وصبرها ومكافأتها عند الله سبحانه وهذا هو الرضا واليقين الذي سوف يكون أول غرس للسعادة في نفسها، والى جانب ذلك يجب أن تشعر أنها تقوم بعمل مميز وفريد وعلى قدر كبير من الأهمية فعلى سبيل المثال قد تكون تلك الابتسامة لتلك الطفلة أو احتضان طفلة أخرى بلسم يبرئ جراح طفلة محرومة أو منبوذة وينقلها من جو التعاسة والحرمان الى جو الفرح والسرور ومن ثم الاستعداد السليم للتعلم، وقد تكون نظرة تقدير واحترام لطالبة غير مجتهدة جسر يوصلها الى بداية خط الجد والاجتهاد بعد شعورها بأهميتها، ودفع  مصاريف رحلة بدلاً من طفلة نسي أهلها أو أهملوا القيام بذلك يشعر "المعلمة" بقمة السعادة وهي ترى تلك السعادة التي أوجدتها في قلب تلك الطفلة، تلك اللمسات الإنسانية الصغيرة  تبني قصوراً من السعادة تَدخُلها تلك "المعلمة" مع جميع من مرت عليهم لمساتها الراقية الحانية سواءً طالباتها أو حتى زميلات ساندتهن عند حاجتهن أو مسئولة أرضتها بحسن قيامها بعملها وتميزها وأخلاقها. كل تلك الأعمال وغيرها تصبح ممتعة وغرساً قوياً "للشعور بالسعادة" لو نظرنا لها نظرة ايجابية، ويصبح على سبيل المثال ذهاب المعلمة الفاضلة كل يوم الى عملها  لهو متعة تعيشها وتجني ثمارها في نفسها وكل حياتها وحياة الآخرين.
باختصار ،، غالباً ما نكون نحن وحدنا القادرين على إدخال السعادة الى حياتنا فلا نتردد ولا نتقاعس ..
د. نبيلة شهاب

عدد الزيارات : 3591 زيارة

كل التعليقات

  • الوحدة

    ابوعلي دشتي

    الله يسعدج دنيا وآخرة دكتورتنا على المقال السعيد عن السعادة وبانتظار ابداعاتج اخيتي الدكتورة

    1

اضف تعليق