> مقالات

" نحن ... و غرسنا المثمر .. "

كتب : د. نبيله شهاب |

أبناؤنا أجمل هدايا الله لنا وأغلى ما في هذه الدنيا، يسكنون قلوبنا قبل أن نراهم ننتظرهم بشغف ونفرح لقدومهم فرحة لا يساويها أي فرح، نسعى لأن نوفر لهم كل احتياجاتهم  ونبذل كل جهد لمساعدتهم لتحقيق أحلامهم وأمانيهم، نرسم لهم ولمستقبلهم صورة في عقولنا ونفوسنا، ويكبر هؤلاء الأبناء لنجد أننا أمام غرسٍ أينع وطاب. 
و تظهر وتتشكل شخصيتهم منذ طفولتهم المبكرة، ونفرح نحن لذلك ونجد أن كل أقوالهم وأفعالهم جميلة مهما كانت!! ويكبر الصغار وتكبر معهم تلك الشخصية والتي ساهمنا نحن في  نموها وتطورها الى جانب جميع الظروف الخارجية المحيطة بهم.
ومن أهم السمات لهذه الشخصية سمة أو صفة "الاستقلالية" والتي تظهر من خلال بحثهم عن ذواتهم وكيانهم، ويتجه الأبناء إلى الاستقلالية تدريجياً وبصورة واضحة. و بعد أن كنا نختار لهم ملابسهم وكتبهم وتقريباً كل أشيائهم مع مشاركتهم القليلة في ذلك الاختيار، نجد أمامنا راشدين صغار يحترموننا  ويحبوننا كثيراً لكنهم يفضلون أن يكونوا  هم أصحاب القرار في اختياراتهم من أبسطها كاختيار القلم والساعة وخلافه إلى أهمها كاختيار التخصص العلمي أو نوع النشاط الذي يمارسونه في حياتهم الى جانب دراستهم، ولا يكون اختيار الأصدقاء بمنأى عن إصرارهم أن يكون من ضمن صلاحياتهم، ولهم الحق في ذلك كله، والأم والأب الراشدين يعرفون كيف ومتى  يتدخلون ويأخذوا بزمام الأمور ان رأوا حاجة لذلك. 
ومن ثم يصبح لهؤلاء الأبناء  "خطهم" الواضح الذي قد يكون مشابهاً أو مماثلاً لنا أو يكون مختلفاً كلية عنا. والذي علينا احترامه وقبوله أيً كان، كما يجب علينا أن نؤمن أن لهم الحرية التامة في "اتخاذ قراراتهم" مع الرجوع لنا للتوجيه والنصح والمساندة،  ولهم الحرية في  "تنظيم أوقاتهم" والقيام بأنشطتهم الخاصة بهم كما يرونه مناسباً، وما علينا الا أن نقوم بدور المراقب المحب والناصح الموثوق به، ولا نتدخل ونفرض آراءنا أو نقوم بسلطتنا الأبوية إلا إذا رأيناهم يرتكبون أخطاءاً أو شعرنا أن قراراتهم واختياراتهم غير سليمة ولن تصل بهم الى تحقيق أهدافهم.
وان حدث اختلاف بيننا في وجهات النظر أو حتى في تحديد الأهداف وغيره لابد وأن نضع نصب أعيننا أن أبناءنا ليسوا أنداداً لنا نخالفهم ونتصادم معهم وقد ندفعهم بذلك الى أن يخطئوا في حقنا على سبيل المثال، هم فقط باختلافهم معنا يحاولون أن يجدوا أنفسهم ويبنوا لهم كيانا مستقلا هم يختارون لبناته تحت إشرافنا وتوجيهاتنا وتحت مظلة حبنا وحمايتنا لهم. فيجب أن نترك لهم المجال أن يتحركوا بحرية تامة داخل إطار رعايتنا وحبنا لهم وانتمائهم لنا.
أطفالنا هم امتداد لنا ولآمالنا ووجودنا في هذه الحياة، لكن ليس لدينا الحق بأن نحقق ذاتنا وأحلامنا من خلالهم، نشجعهم نعم ونساندهم ونبذل كل ما في وسعنا لمساعدتهم للوصول إلى تحقيق أحلامهم وطموحاتهم ولكن دون أن نقيدهم بأسلوب أو طريقة معينة أو نرسم لهم أهدافاً نحن نحبها ونختارها ونطلب منهم تحقيقها، لا يعد ذلك إنصافاً إلا إذا كانت أهدافنا متشابهة أو متطابقة.
ويجب أن لا ننسى أن لكل منا زمانه وكل زمان يختلف عن الآخر وإن تشابهوا ببعض الأمور الأساسية، فلا يجب علينا أن نفرض عليهم معايير وأحكام زمن لم ولن يعيشوا فيه، يجب أن نتقبل أوجه الاختلاف إن وجدت مالم تصل الى معاييرنا وقيمنا الدينية ولا معايير وعادات وتقاليد المجتمع.
ولنتذكر دائماً ونَعِشْه ونفرح  به، أن أزهار الأمس النضرة العطرة هم أشجار اليوم المثمرة والتي نفخر بنتاجها وعطائها، فبالحب والثقة والفخر بهم نساهم في وصولهم الى أهدافهم التي رسموها.
د. نبيله شهاب 
⁦@ns_sunshine4

عدد الزيارات : 2436 زيارة

كل التعليقات

  • الوحدة

    ابوعلي دشتي

    وهذا هو الواقع وهذه سنة الحياة تسلم ايدج دكتورة وربي يوفقج وبانتظار مقالاتج المبدعة

    1

اضف تعليق