> مقالات

الكذب عند الأطفال ..!! أهم الأسباب ..

كتب : د. نبيله شهاب |
الكذب عند الأطفال ..!!   أهم الأسباب ..


كثيراً ما تشتكي بعض الامهات من صعوبة التعامل مع أطفالهن خاصة مع وجود كثير من المثيرات والمغريات حول الطفل في البيت وخارجه ، وفي الحقيقة أصبحت تربية الأطفال في وقتنا الراهن من أصعب الأمور وأكثرها تحدياً للوالدين وخاصة الأمهات.
ومع طبيعة تشكيل شخصية الطفل والتي تحدث في مرحلة مبكرة من العمر، نجد أن الضغط على الأم تحديداً يكون كبيراً، فقد بينت أكثر الدراسات النفسية أن السمات الرئيسية لشخصية الطفل تتضح عند سن الخامسة. ولهذا نجد أنه على الأم أن تبدأ مرحلة التربية  وتنمية شخصية الطفل  تقريباً بعد ولادته مباشرة، نظراً لسرعة نمو شخصيته وسرعة اكتمالها.
ومع حرص الكثير من الأمهات على أن تكون شخصية الطفل شخصية سوية إيجابية إلا أن بعض المشاكل لابد وأن تظهر خلال مراحل النمو المختلفة مما يؤدي إلى تشكيل شخصية سلبية للطفل أو على الأقل ظهور سلوكيات غير مرغوب فيها.
ومن أكثر التصرفات أو السلوكيات السلبية والتي قد تصل حدتها عند بعض الأطفال الى درجة "المشكلة" أو حتى "اضطراب في السلوك" هو "الكذب" والذي يعتبر سلوكاً سلبياً يؤدي الى مشاكل أخرى كثيرة .
الكذب عند الأطفال مشكلة معقدة تحتاج الى تفهم وصبر ودراية بأسبابها وكيفية التعامل معها وكيفية التخلص منها، ومع وجود مسببات عامة إلا أن كل طفل يُعتبر حالة خاصة ويجب أن يُعامل على هذا الأساس.
وللكذب أسباب واضحة وأخرى  خفية ، ومن المهم أن  نسلط الضوء على أهمها وأكثرها شيوعاً، أسباب الكذب كثيرة ومتعددة لكن السبب الرئيسي أو المسبب الأكبر لهذه المشكلة هو التربية الخاطئة للطفل والتعامل الخاطيء معه في كافة المواقف والظروف، ويعتبر  >الخوف<  هو أهم سبب يجعل الطفل يكذب، فخوفه من العقاب أو الحرمان، أو خوفه من التحقير أو الاستهزاء يجعلانه ينكر أو يغير الحقائق أو يختلق أشياء غير صحيحة ، فالطفل الصغير حين يكسر شيئاً في البيت  و ينسب الفعل إلى غيره كالإخوة أو الخدم أو يدعي أنه لا علم له به ، السبب في ذلك أن الأم مثلا لا تتفهم أن ما قام به غير متعمد وتبدأ باستخدام عقاب لفظي أو جسدي معه أو تحرمه من شيء يحبه، وباستخدامه الكذب هو كمن يقوم بحماية ذاته من كل هذه الاحتمالات المؤلمة المؤذية المهينة بالنسبة له، وتتفاقم المشكلة حين تكتشف الام كذبه ولا تبحث عن سبب ذلك أو تتحدث مع الطفل بعد أن تطمأنه ، بل تستخدم أسلوب العقاب كما سبق الذكر مباشرة، وهي بذلك تقوم  بتعزيز هذا السلوك السيء دون أن تشعر بدلاً من التخلص منه. فيستمر الوضع كالدائرة كل سلوك يؤدي الى الآخر وغالباً ما تكبر المشكلة، وللأسف يستمر الطفل باستخدام أسلوب الكذب لحماية ذاته حتى بعد مرحلة الطفولة بكثير.
أما السبب الآخر للكذب عند الاطفال فهو >التقليد<  وهو سلوك قائم على تكرار وإعادة سلوك قام به (الشخص القدوة) أحد الابوين أو كلاهما، فحين يرى الطفل أحد الوالدين أو كلاهما يكذب ولو على سبيل المزاح المتكرر يظن أن هذا هو السلوك الطبيعي المقبول والذي يوصل الفرد الى تحقيق أهدافه، فإنكار الأم لوجودها حين يطلبها أحد على الهاتف رغم وجودها يعتبر بذرة كذب ترويها الاسرة بقبولها ذلك، أو حين ينسب الأب تصرفاً إيجابياً مميزاً لم يقم به لنفسه أو لأولاده والطفل يستمع لذلك ، يكون ذلك تعزيزاً لهذه المشكلة وتدعيماً لها ولثباتها والامثلة كثيرة على ذلك.
ويعتبر >عدم الوفاء بالوعد< سلوكاً ظالما غير صحيح يقوم به الوالدان، حيث يقطعان على أنفسهم للطفل وعداً  سواءاً صغيراً كان  أو كبيراً  ثم يتراجعان عن إنجازه أو إعطاء الطفل ما وعدوه ، و هذا السلوك يعتبر سلوكاً قاتلاً بالنسبة للطفل فهو لا يعلمه الكذب فقط بل يقتل في داخله حلماً أو أمنية كان ينتظرها بشغف.
فالأم أو الأب الذين يعدون الطفل بشراء شيء ما يحبه الطفل اذا جد واجتهد في دراسته، وحين يتفوق الطفل متأملاً وفرحاً نجدهم يتنصلون من وعدهم أو حتى يستخفون بالطفل وبمجهوده أو يستهزئون ويقللون من أهمية ما كان يتمناه الطفل، فهما كمن خانه وكذب عليه ، وفي تلك اللحظة كما سبق قوله تُقتل فرحة الطفل وتنتهي الثقة بين الطفل ووالديه فلا يثق بكلامهم أو تصرفاتهم ووعودهم بعد ذلك، ويتعلم من ذلك الكذب الذي رآه متجسداً بكل وضوح وقبح في سلوكياتهم ووعودهم .
من أسباب الكذب كذلك >التباهي وتقمص شخصية وسلوكيات  يتمناها الطفل<  ولا يستطيع القيام بها، فضعف شخصية الطفل تدفعه   لتبني واستخدام الكذب ، ففي كثير من الأحيان نرى أن الطفل الذي يخاف من القيام بأعمال معينة أو لا يستطيع  القيام بها لضعف أو عجز منه  ينسب لنفسه القيام بتلك الأعمال وبتميز ، كل ذلك حماية لذاته حتى لا يقال عنه ضعيف ولا يعيره أحد بذلك ويصفونه بالضعيف الفاشل.
وحين يكون الكذب حماية للذات أي كان السبب فانه يُعتبر من الحيل اللاشعورية.
كل تلك الأمور  وغيرها تعتبر أسباباً أساسية لظهور وتطور الكذب عند الأطفال ..
يتبع ...
في المقالة اللاحقة باذن الله : تداخل الخيال عند الطفل بالحقيقة .. والكذب ، مع تناول أهم الطرق  للتعامل مع كذب الأطفال.. 
د. نبيله شهاب
⁦@ns_sunshine4

عدد الزيارات : 2511 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق