> مقالات

الكذب عند الأطفال .. ‏أهم الطرق للتعامل مع هذه المشكلة

كتب : د. نبيله شهاب |
الكذب عند الأطفال .. ‏أهم الطرق للتعامل مع هذه المشكلة

‏الكذب ذلك السلوك الغير مقبول من قبل الجميع والذي للأسف يكبر كلما كبر الفرد في العمر إن لم يتم التخلص منه، يعتبر سلوكاً مخيفاً ومرفوضا وغامضاً عند الوالدين. واذا كان الوالدان جادان في محاولة تعديل سلوك الطفل يجب عليهم أن يضعوا أيديهم قبل كل شي على سبب المشكلة.
‏فإذا كان كذب الأطفال ناشئاً من "التقليد" وخاصة تقليد الوالدان أو أحدهما فيجب عليهم أن يتقبلوا ذلك، ويجدوا حلاً لأخطائهم في البداية، وللأسف نجد أن بعض الآباء يصابوا بصدمة من كذب أطفالهم متناسين أنهم أنفسهم يكذبون، ويحاولوا بشتى الطرق التخلص من كذب الأطفال وتعديل سلوكهم وهم بعيدين كل البعد عن السبب الرئيسي لتعلم الطفل الكذب، فيبقى الطفل يمارس الكذب دون تردد أو محاولة تغيير طالما بقي الآباء يمارسونه، ولذلك يجب على الوالدان أن يلاحظا سلوكهما وردات أفعالهما وأن يقوما بتغيير سلوكهم السلبي والتركيز على السلوك والكلام الصادق وتعزيزه، وذلك لمساعدة الطفل على نسيان الخبرة السابقة. وحتى نكون صادقين فإن إعادة التعلم يعتبر أصعب بكثير من التعلم نفسه لأننا نحتاج إلى أن نتخلص مما تعلمه الطفل سابقاً ثم نقوم بتعليمه خبرة جديدة ونغرس في نفسه السلوكيات الخالية من الكذب.
‏ولا يجب أن ننسى ان "الوعد وإخلاف الوعد" من أشد أنواع الكذب وأكثرها إيلاماً لنفس الطفل. فلابد إن وعد الوالدان الطفل بشيء أن يوفيا بوعدهما حسب الاتفاق بينهم.
‏أما إن كان سبب كذب الطفل هو "التربية الخاطئة" للطفل والتي تكون قد تسببت في غرس انفعال "الخوف" داخل نفسه من قول الحقيقة إن اخطأ أو أساء التصرف فهذا يحتاج كذلك من الوالدين إلى أن يبادرا بعمل تغيرات جذرية في طريقة تعاملهم مع الطفل وتبني أسلوب تربية سليم يغرس ويعزز ثقة الطفل بنفسه و ثقته  بالوالدين، ويبتعدا كلية عما يسبب له الخوف من الاعتراف بالحقيقة كمعاقبته لفظيا أو جسديا مثلا أو حرمانه مما يحب، فعلى سبيل المثال إذا قام الطفل بكسر لعبته أو لعبة أخيه وادعى أنه لا علم له بالموضوع يجب على الأم أن تكون هادئة وتقول له مباشرة وهي تبتسم: { أنا أعرف انك كسرت اللعبة بس هالمرة انت ارتبكت ونسيت تقول لي، مرة ثانية تذكر تقول لي، ميخالف رح أسامحك واعتبر انه ما صار شي اذا قلت أنا آسف وما أكررها }. وبمجرد ما إن يعتذر الطفل  يجب على الأم أن تحتضنه وتقول له: { انا فخورة فيك انت فعلاً طفل صادق وأنا وأبوك نحبك وايد }. وتنهي الموضوع كلية. وتستمر الأم بمعالجة كذب الطفل الناشيء عن الخوف  من العقاب أو غيره تدريجياً وبهدوء و"حب وحزم". تعامل الأم السليم مع الطفل الذي يكذب سوف يخلصه من الكثير من الضغوط النفسية والسلوكيات الخاطئة وليس فقط "الكذب".
‏وإذا إن كان الطفل يكذب كسلوك تعويضي لنقص فيه أو عجز أو لانخفاض ثقته بنفسه فهنا يجب أن نبادر إلى بناء ثقة الطفل بنفسه وتدعيم سلوكياته وتصرفاته الإيجابية والتركيز على إنجازاته وتضخيمها وإن صغرت، كما يجب على الوالدان أن لا يقارنا الطفل بأطفال آخرين، وإن كان هناك ضرورة للمقارنة فيجب مقارنة سلوك الطفل السلبي حالياً بسلوكه الايجابي سابقاً. 
‏ومن المهم كذلك ألا يتعرض الطفل للاستهزاء أو التحقير من قبل أيٍّ كان حتى الأم ، حتى لا نقتل ثقته بنفسه وحبه لذاته.
‏أما إن تأكد الوالدان أن الطفل يكذب قاصداً ويريد غالباً إلحاق الضرر والأذى بآخرين يجب عليهم معاقبته العقاب الذي يناسب ذنبه،  وفي هذا المجال يجب أن لا يكون العقاب أبداً حرمانه من شيء مهم في حياته أو دراسته أو مهم لبناء علاقته مع من حوله وأهمهم الأصدقاء، على سبيل المثال: عدم توفير كراسات جديدة له أو تركه في ملابس مدرسية قديمة أو منعه من الذهاب إلى حفلة يجتمع فيها أصدقاءه وتعتبر مهمه للجميع ..
‏يجب أن يكون هناك عقاب لكن بطرق أخرى وخيارات أقل تأثيراً وتدميراً للطفل فنحن نعاقبه ولا نعذبه، ويجب متابعته وتدعيم أي تحسن في سلوكه وعدم إفشاء ذلك، فلا يجب نخبر أحداً أو أن نناديه بالكذاب أو حتى نلمح لذلك لأن ذلك سوف يزيد من وجود هذه المشكلة بدلاً من حلها.
‏ولنتذكر دائماً أنهم أطفالنا وليسوا أنداداً لنا ، ولا يقومون بالكذب لايذائنا وأن خبرتهم في الحياة قليلة فمن الطبيعي أن يقعوا بالخطأ ولذلك نحن دائماً حولهم ولهم لنتفهمهم ونساندهم ونساعدهم ونصحح أخطاءهم ونتغاضى عن هفواتهم ، ونحبهم كثيراً ونفخر بهم دائماً ونشعرهم بذلك قولاً وفعلاً .
‏ويستمر الوالدان بتدعيم سلوك الصدق عند الطفل حتى يتسنى له بناء شخصية سليمة يفخر بها الجميع وأولهم الطفل نفسه .. 
‏د. نبيله شهاب
‏⁦‪@ns_sunshine4

عدد الزيارات : 2058 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق