> مقالات

‏الطفولة الراشدة : المراهقة ..

كتب : د. نبيله شهاب |
‏الطفولة  الراشدة : المراهقة  ..


‏أطفالنا زهرات قلوبنا نبضنا الجميل .. يكبرون بتدرج طبيعي يسعدنا ويرسم الأمل والبهجة في قلوبنا ، ولكل مرحلة من مراحل نموهم ميزاتها و سلبياتها ، و لكن تبقى مراحل الطفولة من أجمل مراحل العمر . 
‏‏وبعد جمال وبراءة الطفولة يصل الأبناء إلى مرحلة المراهقة والتي تعتبر من أصعب المراحل خاصة في المجتمعات المتقدمة، فمرحلة المراهقة هي مرحلة انتقالية بين  الطفولة والشباب والرشد وهي عند البعض طفرة في كل شيء. 
‏فهو يصل الى هذه المرحلة بعد أن تشكلت شخصيته من فترة مبكرة وتكونت لديه قناعات معينة غالباً يكون قد اكتسبها من الوالدان تحديداً والمدرسة والمجتمع بكل مكوناته، هذه الشخصية قد تساعده على تخطي صعوبات وضغوط هذه المرحلة أو قد تزيد من الضغوط لديه وذلك حسب نوع أو نمط الشخصية ومدى قوتها وثباتها ومرونتها.
‏يسعى المراهق بدافع كبير لبداية حياة مختلفة هو يراها بمنظور معين قد يتفق معه الوالدان وقد يراها الوالدان بمنظور آخر مختلف كلية عن منظوره . على سبيل المثال قد يشعر المراهق انه نضج بما فيه الكفاية لان يعتمد على نفسه في كل أموره وأهمها في اتخاذ القرارات المهمة في حياته، ويكون للوالدان منظور مختلف فقد يقتنعون بنموه ونضجه في بعض الأمور لكن ليس لدرجة الاستقلالية التامة وخاصة في اتخاذ القرارات المهمة في حياته، وهنا تكون نقطة الاختلاف والتي قد تصل الى التصادم بين المراهق ووالديه وخاصة الأب والسبب في ذلك أن الأب هو المسئول الأول عن جميع أفراد الأسرة وهو قائد سفينتها ولذلك حين يبدأ المراهق بالاستقلالية يشعر الأب أن دوره بدأ يتهدد وبدأت صلاحيات مهمة هو يمتلكها تنسحب منه الى طفله الذي لا يشعر أنه قادر الآن على اتخاذ القرارات الحاسمة وتحمل المسئوليات بدقة وإجادة، وتبدأ المشاكل وتزداد خاصة اذا كان الوالدان لا يتخذان الاسلوب الصحيح في التعامل مع المراهق.
‏وينجح الوالدان اللذان يتعاملان بهدوء وروية واحترام مع المراهق ويسمحان له  بمساحة من الحرية لممارسة حياته كما يريد واختيار ما يناسبه ويسعى اليه.
‏أما إذا كان الوالدان ممن لا يدرك جيداً التغيرات التي طرأت وتطرأ على المراهق ويتعاملون معه كطفل يحتاج الى المراقبة  والتوجيه والرعاية ويقومون باتخاذ القرارات التي تخصه دون مناقشته وأخذ رأيه، فسوف يجدون صعوبة كبيرة في التعامل معه وفي نفس الوقت سوف يكون هناك  حاجزاً نفسيا بينهم يصعب على الجميع التخلص منه وقد يؤدي سوء تعاملهم معه الى ردة فعل عكسية من قبله سواء اتجاه الوالدان أو اتجاه الآخرين. وإذا كان الوالدان يستخدمان أسلوب القسوة في التربية فان النتائج السلبية سوف تكون مضاعفة بشكل كبير.
‏جماعة الرفاق ..
‏أهم ما يكون واضحاً على الصورة في هذه المرحلة هم الأصدقاء أو "جماعة الرفاق" ، حيث يكون الحب والولاء لهم طاغيا على كل المشاعر الأخرى وقد أطلق بعض العلماء على هذه المرحلة بمرحلة جماعة الرفاق لأن الأصدقاء هم عصب حياة المراهق  في هذه المرحلة وهم على قائمة انشطته اليومية من لحظة استيقاظه الى لحظة نومه. 
‏ ويستمد المراهق من علاقته بأصدقائه أغلب قيمه ومفاهيمه وأهدافه وأغلب سلوكياته، وفي هذه المرحلة يكون الصديق هو القدوة والمثال الذي يتبعه ويقلده المراهق في كل شيء حتى في نوع الملابس وطريقة التعامل مع الآخرين وأغلب إن لم يكن جميع سلوكياته واهتماماته، ويخطيء الوالدان اللذان يقوما بعزل أو إبعاد المراهق عن أصدقائه خوفاً عليه، لأنه إن لم تظهر آثار هذا العزل أو قلة التواصل عليه حالياً، فمن المؤكد أنها سوف تنعكس سلباً على سلوكه وشخصيته وحياته النفسية والاجتماعية لاحقاً. 
‏والأسلوب الصحيح في التعامل مع المراهق هو أن نترك له الحرية في التواصل مع أصدقائه مع التوجيه ومحاولة وضع قوانين وضوابط .
‏وبتفهمهم لاحتياجاته وتشجيعه على التواصل مع الأصدقاء الذين اختارهم ، يكون الوالدان قد غرسا في نفس الطفل احترامه لذاته لأنهم بينوا احترامهم له وغرسوا فيه القدرة على التعامل مع المواقف المختلفة حين أعطوا له مساحة من الحرية الشخصية في اختيار أصدقاءه واختيار ما يخصه واتخاذ قراراته بنفسه بعد استشارة  الوالدين .
‏أخيرا ...
‏مرحلة المراهقة من أصعب مراحل النمو إلا أنها تمر بسلاسة وهدوء لو تعامل الوالدان بحكمة وثبات في السلوك وأعطوا المراهق  الفرصة لاثبات ذاته وهي حاجة ملحة عنده ، كما أعطوه الثقة والاحترام وبينا له حبهم باستمرار وأظهرا له  الفخر والاعتزاز بسلوكه وأدائه وقاما بمدحه والثناء عليه أمام الآخرين ، وفي نفس الوقت يقوما بعملية التوجيه والمساعدة واستمرار التذكير والصبر على ذلك ، على أن يكون ذلك سراً دون علم أو حضور الآخرين.
‏د. نبيله شهاب
‏⁦‪@ns_sunshine4

عدد الزيارات : 2580 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق