> مقالات

المرض الهولندي يصيب الكويت .. و أصحاب القرار نائمون

كتب : عبدالعزيز بومجداد |
المرض الهولندي يصيب الكويت .. و أصحاب القرار نائمون

عانت هولندا من مشكلة اقتصادية كبيرة أُطلق عليها "المرض الهولندي"، تمثلت هذه المشكلة الاقتصادية باعتماد هولندا على البترول وأهملت بقية الموارد الاقتصادية الأخرى كالصناعة والزراعة مما دفع الشعب الهولندي إلى استحسان حياة الرفاه فابتعدوا عن المهن الحرفية تدريجياً وتوجهوا للأعمال الإدارية وزادت نسبة البطالة، بل وزادت نسبة الإعاقات الجسدية بسبب المردود المادي الذي تصرفه الحكومة للمعاقين والذي يعتبر أكبر من مردود إعانات العاطلين.
تبعت هذه المشكلة مشكلة أخرى وهي ارتفاع أسعار السلع المحلية بسبب ندرتها وقلة عدد منتجيها مما جعل الاستيراد أقل كلفةً على المستهلك، وبعد نضوب النفط اكتشفت هولندا أنها أمام شعب معاق جاهل حرفياً لا يقوى على العمل وحل مشكلته الاقتصادية .
لقد بدأ ذلك المرض الهولندي المدمّر يتفشى في الكويت رغم اختلاف أسباب هذا المرض على البلدين، ففكرة جفاف ونضوب النفط في هولندا مستبعدة عن الكويت، وما نخشى منه ليس نضوب النفط بل نضوب القرارات الصائبة التي تضع الرجل المناسب في المكان المناسب .
إن أهم مقومات الدول الناجحة هي التعليم واستثمار ما يسمى بـ"رأس المال البشري" و هذا ما ينقصنا في الكويت، فالتعليم لدينا شبه فاشل ومستوانا العالمي علمياً يكاد لا يُذكر، بالإضافة إلى الشهادات الوهمية والتي لم تفكر الحكومة في محاربتها حيث أن أغلب أصحابها أصبحوا "إداريين" وأصبح لدينا فائض بالكوادر الإدارية بينما كوادرنا الحرفية شبه معدومة مما يُجبر الدولة على استقطاب الأيدي العاملة الحرفية من الخارج وهذا سيؤدي إلى ما يسمى اقتصادياً بعناصر التسرّب .. أي تسرّب الأموال للخارج بدلاً من حقنها و تشغيلها في الداخل، وكذلك لدينا معاهد تطبيقية كل همّها هو تخريج أكبر عدد ممكن من الطلبة بدون تنسيق مع الجهات الحكومية لمعرفة متطلبات سوق العمل فنجد أن خريجي هذه المعاهد يصبحون عاطلين بعد تخرجهم مع استمرار استقطاب الوافدين ليحلوا محلهم في الوظائف .
واليوم نتفاجأ بقرارات وتصريحات  لشد الحزام ليست بسبب نضوب النفط كما حصل في هولندا .. بل بسبب التخبط الحكومي والقرارات الفاشلة التي تتراكم منذ وقت طويل حتى وصلنا لمرحلة التقشف رغم أننا من أغنى دول العالم، و ها نحن اليوم ندفع ثمن أخطاء الحكومة و التي لا زالت مستمرة بإصدار القرارات المتكررة التي تزعزع راحة المواطن بدلاً من أن تبحث عن مصدر الخلل و تحاول معالجته، وهو الإصلاح في التعليم و التأهيل للموارد البشرية حتى نستغني تدريجياً عن الوافد و نقضي على البطالة و نرفع من اقتصاد البلد .

والله ولي التوفيق
عبدالعزيز بومجداد

عدد الزيارات : 3675 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق