> مقالات

رفع الدعم عن سعر البنزين والوعي الاستهلاكي

كتب : د.اميره الحسن |
رفع الدعم عن سعر البنزين والوعي الاستهلاكي

في يوم الخميس الموافق 1 /9/ 2016م  تم تطبيق قرار رفع الدعم عن وقود السيارات في الكويت وذلك لعدة أسباب أعلنت في وقت سابق لهذا التنفيذ كان من ضمنها اعادة ملايين الدنانير بما يشكل نسبة 2% من ميزانية الدولة.
لم يقتنع الشارع الكويتي بهذه الحجة واعتبروها واهية وانتشرت تسجيلات فيديو لطوابير السيارات الداخلة لمحطات البنزين في الليلة السابقة لتنفيذ القرار انتشار النار في الهشيم مع تعليقات ضاحكة ونقد لاذع لأداء كل من أعضاء مجلس الامة ومخرجات الحكومة.
فهل سيؤدي ما حصل إلى تغيير أنماط الاستهلاك في دولة الكويت فعليا؟
في واقع الأمر، إن المستهلك هنا يشتري بنمط يشبه نظرائه الخليجيين. ومع أن 192 دولة في العالم بما فيها الكويت قد صادقوا على أهداف التنمية المستدامة الـ17 ذات الـ 169 مؤشرا في سبتمبر 2015م، إلا أننا لا نجد أدلة كافية على اقدام الخليجيين على الاستهلاك المستدام. مازالت دول الخليج والتي تشكل مجازا "أقلية عالمية" من حيث مجموع السكان هي الأكثر استيرادا لأحدث الأجهزة الالكترونية والأغذية والملابس وكل شيء تقريبا! 
ومازال كثير من المستهلكين غير معنيين بمصطلحات من مثل (Faire trade) و (Organic) و ( Food Mile) و ( Virtual Water Value for food) والبيئة وحقوق العاملين في الدول مصدرة البضائع التي يتسوقونها!  فقط يهمهم الشراء من جمعيات يمتلكون بها أسهما لأجل الربحية ولا يعنيهم الضغط على مجالس ادارات الجمعيات من أجل تطوير سياساتها.
قد يوفق المستهلك في شرح مصطلح (جودة المنتج) ولكنه لاشك عاجز عن شرح علاقة الاستدامة بما سيشتريه ناهيك عن ربطه قرار الشراء من عدمه مع الرموز المطبوعة على المنتج مثل رموز (معاد تدويره) و (قابل للتدوير)، الخ. والعجيب أن الكثيرين يدققون قبل شراء أي منتج الكتروني ولكنهم لا يكلفون أنفسهم عناء التدقيق حول المعلومات الصحية للغذاء وأثره عليهم! وحتى لو عرفوا مكونات ما سيشترون ليأكلون، سنجد تفاوتا بمعلوماتهم، فهم مثلا ذوي معرفة تامة بمنتجات مثل البيبسي والحليب والقهوة والكاكاو، ولكن معلوماتهم تتضاءل حول أنواع الكورنفلكس وشيبس الاطفال وكثير من المشروبات! وبالنسبة للإكسسوارات، فالسيدات ذوات خبرة فقط بالشركات المعروفة ولا يعرفن معنى مصطلح (أخلاقيات الشراء) لا يبنين قرار الشراء على المنطق، فالشراء هو الشراء، وقد يفاجأ البعض ان قلنا ان استخدام البلاستك (وهو غير مرحب به في الاستدامة) قد يكون قرارا حكيما لأنه يطول من عمر الغذاء على الرف حتى يتم شراءه بدل أن يتلف ويرمى!
الجميل أن المستهلكين يثقون بكل من وزارتي التجارة والصحة وحماية المستهلك في التصدي لأي أمر استهلاكي طارئ وضار لهم، فهل هم فعلا يحملون هذه المسؤولية بصورة مستدامة؟
لا تقل لي أن معلومات الفرد مصدر قراره لأن مجرد العلم بالشيء لا يضمن حسن التصرف! فالكل يعرف بأن السجائر مضرة ولكنهم لن يترددوا عن شراءها لأن العلم بالشيء يختلف عن "الوعي الاستهلاكي"!
للأسف ان وضعية الاستدامة في الكويت تعادل مستواها في العالم في العام 1989! ولا يوجد في الكويت متجرا واحدا يعتمد قواعد الاستدامة يثق به المستهلكين على نمط متجر ( Migros) السويسري، ولذا عليهم أن يتحملوا مسؤولية حماية ابنائهم بأن يعملوا عقولهم قبل شراء أي منتج. 
أخيرا.. لا يدرك الكثيرين الفرق بين "قيمة" و"ثمن" ما يبتاعون وفق مفهوم الاستدامة، وهل هم الملامون في ذلك؟
  د. أميره الحسن

عدد الزيارات : 1848 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق