> مقالات

كنت في الكويت وكان لي فيها ذكريات

كتب : غادة الرفاتي |
كنت في الكويت وكان لي فيها ذكريات

كنت في الكويت وكان لي فيها ذكريات 
بقلم غادة الرفاتي 
الولايات المتحدة الامريكية 
تم دعوتي ليلة أمس الى حفل عشاء تعارف يجمع بين رجال سياسة واقتصاد وطب وعلوم .. وعلمت قبل ذهابي وتلبيتي للدعوة  انه تم تخصيص مقعدا لي بين طبيب مختص بالاعصاب والجلطة الدماغية وبين رجل اعمال مليونير مختص بالعقارات وكلاهما من مواليد الكويت فاعتقدوا القائمين على حفل العشاء بأن ذكرياتنا في الكويت سوف تجمعنا نحن الثلاثة على حب والفة وحديث ممتع لن ينتهي  ... وفعلا كان ذلك .... فبدأت بالحديث بعد التعارف واول ما نطقت به امامهم لاعيد ذكريات الماضي لنا جميعا  ( يا كويت عزك عزنا يا كويت يا احلا اسم بقلوبنا يا كويت ) وكان ردت فعلهم انهم اكملوا كلمات هذه الاغنية معي والابتسامة تملأ وجوهم فعرفت انهم من عاش في الكويت فترة السبعينات والثمانينات ولانني اعمل بالصحافة فلا بد ان انهال عليهم بالسؤال تلو الاخر وبدأت بالطبيب فسألته هل تلقيت تعليمك الجامعي في دولة الكويت و متى غادرت الكويت؟ فأجابني انه غادر الكويت متجها الى الولايات المتحدة الامريكية في عام 1995 بعد انهائه الثانوية العامة وذلك ليتحلق بكلية الطب والان وبحمد الله هو طبيب أمريكي مشهور ويعمل في أكبر مستشفيات شيكاغو كما أنه بروفسور في احدى جامعات مدينة شيكاغو ومع ذلك لم ينسى ولادته على أرض الكويت ولم ينسى مدارسها وشوارعها ولم ينسى برها وبحرها وتذكر بابا جابر رحمه الله ... قال لي ان والده من الفلسطينين الاوائل الذين انتقلوا للعيش بالكويت منذ بداية الستينات ولديه مكتبة قرطاسية وعلى حد قوله انها من أكثر المكتبات شهرة وكانت في منطقة المرقاب .... تذكرنا سوياً حتى سوق السمك وشارع البلاجات وتنهد هذا الطبيب قائلا الكويت اجمل بلد في عيوني وما زالت حتى الان على ارضها ولدت وفي مدارسها تعلمت شربت من مائها وتنفست هوائها...... متمنيا ان يزورمن يعتبرها وطنه الثاني بعد فلسطين وأن يصطحب ابنائه معه في يوم من الايام ... 
ومن ثم تحولت عيناي تجاه رجل الاعمال ليبدأ حديثه هو الاخرعن الكويت وعن ذكرياته بها فقد تلقى تعليمه الابتدائي الى ان وصل التعليم الجامعي في دولة الكويت قائلا لم أكن اعرف وطنا لي غير الكويت  ولم نكن نسافر لاي بلد في الصيف فبلدي محتل ويصعب علينا زيارته 
فأنا فلسطيني ممن لا يملك حق العودة ولا حتى جواز سفر أو هوية و كل ما أملك هو شهادة ميلاد كويتية وأثناء اقامتي هناك لم المس اي معاملة سيئة  في الكويت خاصة بأننا ممن لا يحمل أي جواز سفر بل وثيقة ولكننا وبسبب كرم والروح الطيبة لحكومة الكويت تلقينا افضل تعليم في المدارس الحكومية وتم قبولي في جامعة الكويت قسم الهندسة, ولله الحمد تخرجت ومن ثم أتيت مهاجرا الى الولايات المتحدة الامريكية بسبب الغزو العراقي وبسبب أيضا اننا ممن تم سحب اقامتهم والغاء عقود عملهم  بعد التحرير وحتى هذه اللحظة لست ناقما على الكويت او حكومتها بل العكس كان تصرفهم كردة فعل طبيعية بسبب الاحداث في ذلك الوقت وكما يقال يذهب الصالح بسبب أفعال الطالح ... وقال لي أيضا انا اخته ما زالت تعيش بالكويت وانها متزوجة من رجل كويتي الجنسية وفي هذا الصيف وبعد شهر رمضان الكريم سيزور الكويت من أجل حضور حفل زفاف ابن اخته وأيضا من اجل استرجاع ذكريات طفولته وصباه فقد عاش بالكويت وله فيها أجمل الذكريات فقد شرب من نهر العلم في مدارس الكويت حتى ارتوى حيث استطاع تحقيق حلمه وحلم ابيه ان يكون مهندسا وفعلا تم له ذلك والتحق بجامعة الكويت قسم الهندسة وتخرج وحصل على وظيفة مرموقة في شركة البترول الكويتية وأضطُر الى مغادرة الكويت مهاجرا الى الولايات المتحدة الامريكية وعمل في مجال العقارات والبناء حيث كان معه رأس مال استطاع به أن يبدأ الاستثمار بالاراضي والعقارات بكل أنواعها .... قائلا والحمدلله بفضل الكويت وتعليمها وبفضل ما استعطعت ادخاره هناك استطعت ان أنجح في مشوار حياتي العملي لاكوّن ثروة لا بأس بها ومع ذلك لو خُيّرت لاخترت العيش بدولة الكويت لانني لم أعد ابحث عن المال بقدر ما أبحث عن الاستقرار النفسي والامان 
وكم مدحا الاثنان على مسمع من كان جالسا حولنا الكويت حكومة ووشعبا ذاكرين كيف كانت الكويت انذاك عروس الخليج ودرته ولؤلؤته ... 
فقلت في نفسي ربما لست انا الوحيدة التي ما زال قلبها متعلقا بالكويت وما زلت اذكرها بالخير ولن انساها ما حييت
فقد كنت في الكويت وكان لي فيها ذكريات .

عدد الزيارات : 11922 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق