حكومة بلا استراتيجية .. فاشلة بدرجة امتياز

                       

     في واقعنا حينما يتم تعيين وزير جديد أول خطوة يقوم بها هي نسف أغلب مخططات ومشاريع الوزير الذي سبقه .. ليبدأ هو من جديد بخطط و مشاريع أُخرى و الأمثلة على هذا التخبط كثيرة فلدينا مثلاً أجهزة التابلت التي أقرها أحد وزراء التربية و كلفت الدولة ملايين ثم أتى وزير آخر ليلغيها بشخطة قلم و يرمي بكل تلك المصروفات بالقمامة ، و منها محكمة الأسرة التي أنشأها أحد وزراء العدل بهدف عزل المنازعات الأسرية عن المنازعات الجزائية و المدنية لما لها من خصوصية و للحفاظ على الجوانب النفسية للأطفال في منازعات الحضانة .. و بعد كل ما تم صرفه لإنشاء هذه المحاكم يأتي وزير آخر ليسعى لإلغائها . يا تُرى هل هي "الشخصانية" التي تدفع الوزراء لاتخاذ القرارات ؟ هل وظيفة الوزير هي إبراز اسمه و اسم عائلته أو قبيلته فقط ؟ و هل تعيينات الوزراء لذويهم و أصدقائهم يدل على ذلك ؟! . كل هذه التخبطات و الهدر و عدم وجود هدف محدد ينهض بتنمية البلد سببه عدم وجود "تخطيط استراتيجي" يحدد أهداف الحكومة و يرسم الخطوات اللازمة لانشاء المشاريع التنموية و الاستمرار بها لحين انجازها دون أن تتعثر بالمنازعات السياسية و البطولات الشخصية التي يسعى لتحقيقها أغلب القياديين والتي دائماً ما تكون على حساب الوطن و المواطن .  

     

     إن حرية الوزراء في إنشاء المشاريع بدون دراسة وافية ومن ثم ايقافها و كذلك إلغاء بعض الوزراء اللاحقين لمشاريع السابقين حتى وإن كانت سليمة و منتجة كل ذلك سببه عدم وجود خطة استراتيجية مُلزمة تسير عليها الحكومة ، هذا بالإضافة إلى عدم وجود جهاز رقابي فعّال يحاسب أولئك الوزراء على قصورهم و تقصيرهم ، فديوان المحاسبة و إدارة مكافحة الفساد أجهزة صورية لم نشهد لها موقف واضح في محاسبة الفاسدين بالإضافة إلى جهاز متابعة الأداء الحكومي و الذي تدور الأسئلة حول مدى استطاعته على الانتقاد و التصدي لتخبط الحكومة و هو أحد أجهزتها و يأتمر بأوامرها ، ولم يتبقَ لدينا إلا مجلس الأمة الذي غيّر الشعب الغاضب اسمه من مجلس الأمة إلى مجلس المناديب ثم إلى مجلس المعازيب بسبب تخلي أعضاؤه عن مسؤولياتهم الحقيقية وتمسكهم بالأجندات والمطالبات الشخصية وهذا ما جعل أعمال المجلس تنحصر في تطبيق رغبات الحكومة وكأنه مبرمج لخدمتها، فلا رقابة على أداء الحكومة الفاشل و لا محاسبة للوزراء و كلها ترضيات و مساومات على حساب الوطن . و من وجهة نظري المتواضعة أن الحل يتمثل بإنشاء جهاز خاص لرسم الخطط الاستراتيجية ثم تشريع قانون يُلزم الوزراء بتنفيذ تلك الخطط حتى يبدأ البلد بالنهوض

و الله ولي التوفيق

عبدالعزيز بومجداد