> مقالات

وسائل الدمار الاجتماعي

كتب : ليما الملا |
وسائل الدمار الاجتماعي

                        

مرت منطقة الخليج العربي بأزمات عدة في الماضي بعضها تم حلها، واخريات تم احتواءها فيما ظلت قلة منها معلقة لتخرج بين فترة واُخرى  مذكرة بضرورة حسمها كما هو الحال الأن مع الأزمة الخليجية . 
وفي السابق لم تتجاوز الخلافات الخليجية الحدود السياسية إلا في حالات نادرة  نظراً لإعتبارات إجتماعية وتاريخية ودينية، كذلك لوجود الإعلام الرسمي كمصدر وحيد للأخبار،  وعلى اثر ذلك لم يكن يعرف ما يدور في النفوس بعد كل أزمة على الصعيد الإجتماعي سوى اننا خليج واحد ومصيرنا واحد وبمقدورنا التعايش فيما بيننا وحل أمورنا داخل بيتنا ...
ولكن الأزمة الخليجية الحالية حملت معها مستجدات مخيفة ولغرابة الأمر لم تكن سياسية بل اجتماعية !!! فالجميع مدرك ان الأمور ستحل سياسياً عاجلاً ام اجلاً، وستعود العلاقات الطبيعية بين الاشقاء،  ولكن ما هو مخيف ومرعب اللغة واللهجة التي رافقت ردود الأفعال على وسائل التواصل الإجتماعي من قبل الاطراف المختلفة - ولا اقصد الحكومات او المسئولين بل عامة الشعب - بغض النظر من الصح ومن الخطأ، فالمسألة ليست غالب ومغلوب  لان المحصلة النهائية خاصة في مثل هذا الخلاف خسارة الجميع.
فللوهلة الأولى بدا وكأن كل طرف مختلف مع الآخر كان بإنتظار أي مشكلة ليفرغ شحنة تراكمات محملة بالكراهية والعداء جعل شعوب الخليج العربي  وكأنها يوغسلافيا سابقاً بعد التفكك حيث ما ان إنهار الإتحاد حتى دبت الخلافات التاريخية والعرقية والمذهبية بينهم، وتلك ليست مبالغة على الإطلاق، فمواقع التواصل الاجتماعي تويتر وفيسبوك وانستغرام وغيرها مليئة بالتغريدات والصور المفبركة والأخبار المزيفة التي تعكس عمق الخلاف على عكس ما كان في مخيلتنا..
فقد غاب المنطق في الكتابة، وضاعت الحقيقة بين الأسطر، ورقعت الأحرف بالكراهية فيما رتبت الجمل على أسس طائفية عنصرية والاهم أنها غير إنسانية او أخلاقية....
لو كانت الأزمة الخليجية الحالية قد وقعت قبل 15 عاماً لما عرفنا حقيقة المشاعر التي نراها الآن، ولكن بما اننا نعرف الآن فإن النظر الى الماضي لن ينفع إلا من أجل الإستفادة منه . ولمعالجة هذا النوع من الخطاب على وسائل التواصل الاجتماعي فإن الحل لن يأتي من الحكومات بقدر ما تعتبر المسألة شخصية ... فالخطوة الاولى تبدأ بفتح  صفحة جديدة مع انفسنا يكون عنوانها ( الانسنة ) , تلك الثقافة الغائبة عنا منذ زمن بعيد، التي لو استعدناها سنفهم معنى حق كل إنسان في إبداء وجهة نظره ضمن حدود الأدب والأخلاق ... والخطوة الثانية مراجعة النفس أكثر من مرة قبل نشر تغريدة اوكتابة كلمة للتأكد انها لا تتضمن تجريح او إهانة لشخص او عرق او دين او مذهب ... والخطوة الثالثة الوضع بالإعتبار ان كل حرف ينشر علي الإنترنت سيكون في متناول الجميع الى الأبد، وقد تدور الأيام ويحتسب هذا الشئ ضد الكاتب او المغرد !!!...
ان كل ما أرجوه من مستخدمي وسائل التواصل الإجتماعي لاسيما في منطقة الخليج العربي هذه الايام  ان يضعوا الأدب والأخلاق أمامهم قبل تعاملهم مع الإنترنت،  ولا أعتقد اني بحاجة للتذكير بأن رسولنا الكريم (ص) قد ضرب أروع الأمثلة في الأدب والأخلاق بقوله ( المسلم من سلم الناس من لسانه ويده ) .... 

ليما المُلا
7/7/2017

عدد الزيارات : 1842 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق