> مقالات

مواطن مستدام: قرار فردي أم حكومي؟

كتب : د.اميره الحسن |
مواطن مستدام: قرار فردي أم حكومي؟

كثيرا ما يتم سؤالي عن مغزى كلمة استدامة و التنمية المستدامة كون المصطلح غير دارج في أحاديثنا اليومية في الخليج كما هو حاصل في الدول المتقدمة. ويتبع السؤال استفسار: واحنا اشعلينا!!؟؟
لذا سوف اقوم بهذه العجالة بعرض عدة نقاط اعتقد جازمة بأنها مفيدة للقراء الكرام.
أولا كتعريف علمي: التنمية المستدامة هي: عملية تطوير الأرض والمدن والمجتمعات بكافة جوانبها لتلبية احتياجات جميع الافراد في الوقت الحاضر بدون المساس بقدرة الاجيال القادمة على تلبية حاجاتها. وتراعي هذه التنمية كافة العناصر المرتبطة بالمحاور الأساسية الثلاث البيئية والاقتصادية والمجتمعية، وهو في كلمات عربية بسيطة مختصرة هو ممارستنا كأفراد وحكومات ودول لتطوير حياتنا وفق القرن الحادي والعشرين بما لا يؤذي مصالح الأجيال في القرن الثاني والعشرين بحرمانهم أي شيئ من الأشياء التي نتمتع بها الآن!
وقد حدد العلماء ثلاثة ممارسات للاستدامة تشمل إعادة التدوير – إعادة الاستخدام – خفض الاستهلاك وهي اصطلاحا باللغة الانجليزية تسمى الثلاث راءات! ( 3Rs )   وفيما بعد زادوا عليها راء أجنبية رابعة لاهميتها هي  Recover وتترجم استعادة. وباختصار شديد جميع هذه الممارسات مرتبطة بممارستنا الاستهلاكية اليومية من الناحية الكمية والنوعية: فيجب أن نقلل من الكميات المستخدمة لنقلل من الفوائض أو القمامة الناتجة. وأيضا عند انتهائنا من الاستهلاك نحاول أن نجد سبلا جديدة للشيء بدلا من رميه!
 فمثلا يفضل قراءة النسخة الالكترونية للجرائد اليومية لان ليس لها فضلات!!! ولكن ان قررت شراء جريدة فبعد الانتهاء من قراءتها استخدمها في تنظيف الشبابيك لقوة امتصاصها ونظافتها وان لم تفعل فقم بجمع الاوراق وتركها في موقع اعادة تدوير الورق، وايضا يمكنك استعادة الفائدة من هذه الجريدة بقطعها ووضعها في اناء الزراعة أو في المزرعة ( Mulching ) وكما توجد عشرات الطرق لاعادة تدوير اوراق الجرائد لمن يرغب بكسب المال في مشروع صغير موجودة !
يجب أن يرسخ في اللاوعي الانساني لكل مواطن أهمية الاستدامة لصحتنا، لأن جميع المواد التي نستهلكها وتنتهي في سلة القمامة ستجد طريقها للمدافن تحت الارض وتحلل هذه المواد بأنواعها العضوية وغير العضوية والكيميائية والآمنة والسامة سينتج عنه مواد جديدة ستصل إلينا على سطح الأرض وليس كما قد يتخيل البعض بأنها معزولة عنه وعن ابنائه!
أنظر!
إن التقدم في الحياة المدنية يتم من خلال الشراكة المجتمعية وعلاقة المواطن بحكومته: فإن كان المواطن متعلما قارئا وواعيا سوف يكسب حكمة الحفاظ على مدخوله وصحته وصحة ابناءه بعكس المواطنة التي تقدم لأبنائها اطعمة تسبب لهم فرطا في الحركة وتسوس الأسنان! وقد تصل الامور لتدهور في صحة الاطفال الذين يستهلكون مشروبات الصودا الغازية التي تسبب مشاكل صحية مثل: فرط البدانة – تسوس الأسنان – تلف دماغي بسبب مادة الأسبرتيم – خلل في تركيب الدم – الكافين مضر للغدة الكظرية وقد يسبب خلل كيميائي يؤدي لشعور كاذب بالشبع! – كما انها مدر للبول وتسبب التهاب المعدة وبطانة الاثني عشر وتحوي مادة (MSG) السامة للدماغ! بينما الأم العاملة التي تعوّد ابناءها على شرب الماء مع الطعام الصحي المعد في داخل المنزل تعلم بأن حرصها على غذاء ابناءها ضمان لصحتهم وبالتالي تقلل من الضغط على خدمات الرعاية الصحية التي تستنزف ميزانية الدولة!
إن امتناع الناس عن الشراء من التجار والوكلاء الموردون لمواد تجارية ضارة للصحة أو لبيئة الكويت هو خطوة في الاتجاه السليم وعندما يبادر المواطن بخطوة في اتجاه الاستدامة بشكل فردي ثم تتطور الأمور لتصبح حركة جماعية يتأثر بها كل من القطاع الخاص والحكومي بدون اي صدام بين الأطراف فهذا من شأنه أن يطور الدولة بمجملها.
إن حركة دفن بقايا ورق الاشجار المقطوعة في ارضية الحديقة أو أمام المنزل قد تبدو بسيطة وتافهة وليست ذات قيمة! ولكنها في حقيقة الأمر اسهام منك في تسميد أرض الكويت الصحراوية القاحلة المفتقرة لمعظم العناصر الغذائية بسبب حركة الرياح الممسببة للغبار وفقدان التربة السطحية!
وفي الختام- اعتز بنفسك وافتخر بها في كل يوم تقوم به بعمل بيئي ايجابي لأن ما تقوم به هو صدقة جارية وفق الحديث النبوي الشريف ، والله ولي التوفيق.
د. أميره الحسن – 31 / 7/ 2017م

عدد الزيارات : 1365 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق