> مقالات

أضلاع المثلث الخطير ، إما إلى الجنة وإما إلى السعير !

كتب : عبدالعزيز بومجداد |
 أضلاع المثلث الخطير ، إما إلى الجنة وإما إلى السعير !

                       

      عندما نتابع سياسات الدول الداخلية و طرق تعاملها مع شعوبها سنرى أن وجهات النظر و الخلافات تدور جميعها حول نقطة محورية بين تلك الشعوب و الحكومات .. و هي "الحرية" ، حرية الكلمة ، حرية إبداء الرأي ، حرية المعتقد ، و جميعها تصب بالنهاية في خدمة اتخاذ القرار السياسي ، و هذا ما سبَقَ به الشعب الكويتي كل الشعوب الخليجية و الكثير من الشعوب العربية ، و بالرجوع لعام 1921 و مع بداية حكم المغفور له الشيخ أحمد الجابر رحمه الله ستعرفون كيف كافح الكويتيون لأقناع القيادة بالموافقة على إنشاء "مجلس"  يكون للشعب كلمة مؤثرة من خلاله على القرار السياسي . ولعل هذا المجلس كان سببًا لمهاجمة بعض الدول للكويت خوفاً من انتقال عدوى "الديمقراطية" لها .. (نقطة على السطر) .

       إن مطالبة الشعب الكويتي للمشاركة باتخاذ القرار السياسي لم تكن اعتباطية ، بل كانت تستهدف تقويم سياسة البلد التي كان يراها معوجّة و لا تخدم مصالحه التجارية و الاجتماعية و الدينية ، فمن الناحية الاقتصادية كان اقتصاد الكويت قائماً على أموال التجّار لذلك رأوا أن مشاركتهم باتخاذ القرار السياسي ضرورة حتمية للتصدي  لبعض الخطوات التي تتخذها الحكومة و التي كانت تعرقل تجارتهم مما يؤدي للتأثير سلباً على اقتصاد البلد ، أما من الناحية الاجتماعية فنتيجة احتكاك أولئك التجار بالشعوب المختلفة برزت لديهم فكرة تطوير التعليم لمواكبة الشعوب المتطورة و المثقفة حيث استطاعوا الترويج لمثل هذه الأفكار بين أوساط المجتمع الكويتي ، و من الناحية الدينية فقد تصدى شعب الكويت بعد أن تطورت أفكاره للصوت التكفيري المتخلّف الذي كان يكفّر التعليم الحديث و يحرّم إنشاء المستشفيات المتطورة بحجة أنها ستنشر "المسيحية"

     من خلال هذا الطرح يتضح لنا أن أساسيات الدول ثلاث هي : الدين ، التعليم و الاقتصاد ، و هي تشكل "المثلث الخطير" الذي له الأثر المباشر في النهوض أو الانحطاط بالدولة ، ولو نظرنا اليوم للواقع الكويتي نجد أن هذه الأضلاع الثلاث هي المسببات الأساسية للرجعية و التخلف بعد أن كانت تعتبر مسببات التقدم و الازدهار ، و المصيبة الأكبر أن منبع التقدم و منبر الوعي بالأمس أصبح اليوم منبعًا للتخلف وهو "مجلس الأمة" الذي كان نتاج  لكفاح متواصل يهدف لرسم مستقبل رائع للكويت و شعبها . يا ترى هل هي محاولات حكومية لتجريد البرلمان من محتواه و مضمونه ؟ أم هي أجندات لبعض النواب هدفها إضعاف بيت الأمة الذي يُعتبر الواجهة الديمقراطية الأولى في البلد ؟

     للأسف بتنا اليوم نشاهد الطائفية و التفرقة تنضحان من مجلس الأمة بعد أن كان يسعى لوحدة الشعب و انتزاع حقوقه من السلطة ، زد على ذلك اهتمام النواب بكل الأمور التافهة و اغفالهم لقضية التعليم الفاشل و مخرجاته التعيسة التي لا تخدم الوطن . ولو رجعنا للجانب الاقتصادي سنلاحظ بأننا لا نزال نعتمد في اقتصادنا على أسعار "البرميل" الذي أغنانا بالأمس و أفقرنا اليوم ! فلا خطط بديلة عن البترول و لا تنويع لمصادر الدخل و لا تطوير للقوى البشرية التي ستؤدي للاعتماد على النفس و الاستغناء عن الوافدين .

     أضلاع المثلث الخطير الديني والتعليمي والاقتصادي نهضت بنا بالأمس عندما كان هناك اهتمام بمستقبل هذا الوطن فطورت الفكر، أما اليوم فالمستقبل مجهول بسبب تخاذل الحكومة وغالبية النواب وبعض ابناء الشعب !!

والله ولي التوفيق
عبدالعزيز  بومجداد

عدد الزيارات : 1629 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق