> مقالات

‏ذكرياتنا ... ‏ وقفة قصيرة مع الذاكرة ..

كتب : د. نبيله شهاب |
 ‏ذكرياتنا ... ‏ وقفة قصيرة مع  الذاكرة ..


‏الذاكرة .. تلك القدرة العقلية المميزة والتي لها السبق في السيطرة على احتواء كل خبراتنا في الحياة على اختلافها، فهي من أهم القدرات العقلية حيث تعتبر أساس أي سلوك عقلي أو تفكير لأنه لولا استذكارنا واسترجاعنا لمعلومات معينة خاصة كانت أو عامة لما استطعنا أن نفكر بالطريقة السليمة.
‏ومع إنه من المعلوم أننا نبذل جهداً كما سبق أن ذكرنا في الاحتفاظ بالمعلومات والخبرات، الا أنه أحيانا هناك من المواقف والخبرات والمعلومات ما يتم تخزينها مباشرة دون تدخل منا والسبب يرجع لأهميتها أو قوتها وشدتها وقوة تأثيرها، على سبيل المثال لا أحد منا يسعى للاحتفاظ بمناظر مؤلمة أو مخيفة مثلاً ولكن شدتها تجعلها تُحفظ تلقائياً في مراكز الذاكرة وإن كنا لا نريد ذلك والامثلة على ذلك كثيرة،
‏و حتى نفهم ماذا يجري داخل تلك المراكز الخاصة بالذاكرة والتي هي عبارة عن مركز رئيسي وعدة مراكز ثانوية متوزعة في الدماغ  يجب أن نعرف أن الذاكرة  تنقسم الى ثلاث أنواع وهي :
‏{الذاكرة الحسية} ومدتها أقل من الثانية
‏و{الذاكرة قصيرة المدى } وهي غالباً لا تتعدى ال ٢٠ ثانية
‏ثم تأتي {الذاكرة طويلة المدى } وهي التي تمتد معنا الى آخر العمر إن كان الفرد في حالة صحية ونفسية سليمة. وهناك من العلماء من يجمع بين الذاكرة الحسية وقصيرة المدى لشدة تشابههما الا في المدة.
‏{الذاكرة الحسية والذاكرة قصيرة المدى} هما عبارة عن احتفاظ مؤقت للمعلومات ومن ثم إما أن تُفقد هذه المعلومات أو أن يتم تحويلها الى {الذاكرة طويلة المدى}  لأن  المساحة أكبر وأكثر تنظيما مما يسهل عملية الاحتفاظ بها حيث أن {الذاكرة طويلة المدى} هي عبارة عن احتفاظ دائم نسبياً للمعلومات والخبرات .
‏و تنقسم {الذاكرة طويلة المدى} الى نوعين من الذاكرة : "الذاكرة البعيدة "وهي عبارة عن الاحتفاظ بمعلومات وخبرات غير شخصية ، على سبيل المثال الحرب والدمار في دول اخرى نحن عاصرناه لكن لا يعتبر من خبراتنا الشخصية الخاصة بنا ، ونظل نحتفظ بهذه المعلومات الى مراحل متقدمة من العمر .
‏النوع الآخر هي "الذاكرة الشخصية" وهي الذاكرة التي تحتوي على خبراتنا الشخصية وكل ما يتعلق بنا، على سبيل المثال مواقف الفرح التي عشناها ومواقف الالم وغيره ، وكل تفاصيل حياتنا والمواقف المختلفة التي مرت علينا شخصياً و ذكرياتنا مع  الافراد المقربين لنا والآخرين  وغيره.
‏ 
‏و كما سبق و أن ذكرنا ، تبدأ الذاكرة بالانخفاض التدريجي كأول قدرة عقلية مع التقدم بالسن، ولكن مع ذلك نجد أن الكثير من الراشدين الكبار يتمتعون بذاكرة قوية جداً، خاصة "الذاكرة الشخصية " حيث يتذكر الراشد تفاصيل دقيقة لرحلة مدرسية قام بها مع زملائه أو تفاصيل يوم سعيد بالنسبة له،  وهكذا وعلى الطرف الآخر نجد أن الانخفاض في "الذاكرة البعيدة " أكثر وضوحاً حيث يبدأ الراشد بنسيان الكثير من التفاصيل الخاصة بخبرة عامة أو حدث عام.
‏و على الرغم من أن الانخفاض في الذاكرة هو الطبيعي الا أنه لا يعتبر حتمي ،  و وجد العلماء أن الفرد كلما زاد استعمالا لذهنه وتحديدا قام بعملية الحفظ المباشر كلما ظل يحتفظ بذاكرة قوية  وظل يحتفظ بأغلب قدراته العقلية بصورة جيدة.
‏و من البديهي أن الذاكرة الشخصية هي المتنفس الحاني لنا جميعاً ، حيث نعود لها خاصة حين نكون تحت وطأة ضغوط كثيرة ونستدعي الكثير من الذكريات الشخصية الجميلة . أو على العكس تماماً فأحيانا و لسبب معين نستدعي ونتذكر خبرات مؤلمة أو محزنة أو غيره.
‏نحتاج الذاكرة ونسعى الى تحسينها وتحنو علينا في أحيان كثيرة بكم جميل من ذكرياتنا   الغالية ،  إلا أنه نتمنى أحيانا أن ننسى أشياء محددة أو خبرات معينة ، ونظل نحن بين الطلب والرفض لهذه الذكريات وتظل الذاكرة هي مستودع كل أحلامنا وخبراتنا وأسرارنا وكل ما نتعلمه أو نكتسبه أو نختبره..
‏.. و تكون الذاكرة أجمل .. حين نتذكر بعضنا البعض بدعوة صادقة .. 
‏د. نبيله شهاب
‏ns_sunshine4

عدد الزيارات : 3291 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق