> مقالات

‏الخيال ... ‏أحلام طفولة .. و أمل خفي

كتب : د. نبيله شهاب |
 ‏الخيال ... ‏أحلام طفولة .. و أمل خفي


‏إذا دخلت فجأة على طفل غرفته تجده يصمت ويجلس بعد أن كان يتحدث ويضحك ويتحرك ويقوم بأشياء جميلة غالباً ومسلية، وسكوته وتوقفه في لحظة دخولنا عليه يدل على عدم رغبته في مشاركتنا له في عالمه الخاص وافكاره، و نحن حقيقة بدخولنا المفاجيء نكون قد  قطعنا حبل أفكاره وأوقفنا أحداث كانت جارية وغيرنا مزاجه وقد نكون سببنا له حزناً، فانتقال الطفل من حالة الخيال الى حالة الواقع أمر مزعج خاصة إذا كان الخيال  مصدر سعادة للطفل . 
‏ماهو الخيال .. هو حالة من الانفصال عن الواقع جزئيا مع استمرار وجود الواقع ، سلوك أقرب الى تهميش الواقع جزئياً ..
‏والخيال يتبع التفكير التخيلي وهو جزء من العمليات العقلية والتفكير التخيلي يؤدي الى التفكير المتشعب الذي يعتبر أساس التفكير المبدع أو الإبداع ، وعلى ذلك فلخيال  الطفل أهمية كبيرة إذا سمحنا له بممارسته بكل حرية مع قليل من التوجيه والنصح . 
‏يلجأ الطفل للخيال وأكثره شيوعاً "اللعب التخيلي" حين يكون طفلاً وحيداً أو تكون شخصيته  واهتماماته مختلفة عن شخصية واهتمامات الأطفال الآخرين سواءاً كانوا إخوته أو أصدقائه أو أقاربه، ويلجأ الطفل إلى اللعب التخيلي رغبة منه في الوصول إلى تحقيق أحلامه أو للقيام بأنشطة معينة يحبها هو ، على سبيل المثال يتخيل أنه معلم أو معلمه أو طبيب ، وقد يتخيل الطفل أنه في نزهة مع أصحابه ويتحدث و كأن الآخرين متواجدين معه ويسمعونه، وقد يحزن ويتشاجر فليس كل الخيال مفرح .. وهكذا.
‏دورنا كآباء بالدرجة الأولى أو معلمين أن نشجع التخيل والخيال عند الطفل ولكن يجب أن  نحرص ألا يتعدى الحدود الطبيعية، بحيث يصبح هو السلوك السائد عند الطفل أو يشغل أكثر وقته ، و إذا حدث ذلك فيجب علينا أن نعيد الطفل تدريجيا وبهدوء وصبر إلى الواقع بتكليفه على سبيل المثال بأعمال عادية داخل المنزل أو ندعوه لنزهة حتى لو كانت لشراء شيء والعودة للمنزل ، الهدف هو قطع أفكاره التخيلية ومحاولة ارجاعه لارض الواقع .
‏هل يستطيع الطفل التفريق بين الخيال والواقع ؟؟ غالباً نعم وان كان يفضل الخيال كثيراً على الواقع و الأطفال الأكبر سنا أكثر قدرة على التمييز ، لكن قد يكون الخيال مسيطر بصورة كبيرة على عقل ومشاعر الطفل بحيث نجده يخلط بين الواقع والخيال وهنا أيضا وللأسف نقع نحن في الخطأ ونصف الطفل بالكذب، ولذلك يجب أن نعي جيداً ونعرف كيف نفرق بين السلوك والكلام التخيلي وبين الكذب.
‏هل ينتهي الخيال مع نهاية الطفولة ؟؟
‏لا ينتهي الخيال أبدا ، ينخفض الخيال تدريجيا مع تطور العقل ونموه ومع انشغالنا بأمور الحياة على عكس الطفل و غالباً ما يكون تحت سيطرة الراشد ويقوم به الراشد غالباً وقتما يشاء ويحتاج، وكلما كان الفرد منهمكا بالقيام بعمله ومسئولياته على اختلافها نجده بعيداً عن التخيل والخيال .
‏ينشط الخيال عند الراشدين غالباً حين تكون هناك رغبات وأهداف مهمة ملحة ولكنه يعجز عن تحقيقها، فنجده يلجأ للخيال كمحاولة للتخفيف من الضغط والألم الذي يسببه عجزه عن الوصول لتحقيق أحلامه وأهدافه ، على سبيل المثال حين يكون تحت ضغوط نفسية اجتماعية او ضغوط عمل ، نجده يتخيل أنه في جزيرة جميله ويستمتع بالراحة والهدوء والقيام بالانشطة التي يحبها وتناول الطعام الذي يفضله.
‏و خيال الراشد يدخل فيه خبرته في الحياة فنجده يكون أقرب للواقع وأكثر وضوحاً، و قد يطلق البعض على هذا السلوك "أحلام اليقظة" والتي نقوم بها جميعنا حسب حاجتنا وتزداد طبعا مع زيادة الضغوط حيث تكون هي المتنفس لنا وسبيلاً لشعورنا  بالسعادة وإن كانت خيالاً.  وقد يكون الخيال وسيلتنا الوحيدة لتحقيق أحلام عجز الواقع  عن تحقيقها.  من المهم أن لا تكون هذه الأحلام بصورة مستمرة وإلا أصبح الفرد غير قادر على التكيف وعلى حل مشاكله بصورة طبيعية و واقعية .
‏الخيال عالم جميل .. بعيد عن قيود الواقع وصعوباته نعيشه بفرح ونتمنى أحيانا أن تنقلب الأدوار فيصبح الحلم واقعاً والواقع حلماً.
‏د. نبيله شهاب
‏⁦‪@ns_sunshine4
3/12/2016

عدد الزيارات : 3408 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق