> مقالات

ملابسك.. هيبتك؟ خيبتك أم استدامتك؟

كتب : د.اميره الحسن |
ملابسك.. هيبتك؟ خيبتك أم استدامتك؟

                        
سوف اكتب لكم مقالي هذ عن ملابسكم والتي تعد وفق المفهوم العصري حرية شخصية بحتة، بعكس المثل الكويتي الشعبي الذي ينبه الناس صراحة : (اكل ما يعجبك والبس ما يعجب الناس) .. معتبرا  الطعام الذي يدخل في جوفك ويستطعمه لسانك حريتك الشخصية أما ثيابك فهي ما سيشاهده الآخرون بعيونهم ويتأثرون به! ويبدو لي أن هذا المثل يحرّص على اللباس المحترم لأن في تلك الأيام كان الناس يأكلون أكل "ستاندارد": عيش لحم دجاج سمك خبز بيض خضره لبن فاكهه تمر مكسرات .. انتهت القائمه، بينما كان هناك تنوع في لباسهم؟؟؟؟
عموما في العصر الحديث تنوعت أشكال الطعام المصنوع، واصبحنا نطلع في وسائل الاعلام على صور مأكولات مقززة من مثل صور لأشخاص يأكلون أجنة بشرية مطبوخة في احدى دول الشرق الأقصى لغرض اطالة العمر والشباب! أو أكلهم الكلاب أو الديدان وأيدي الدببه وأعشاش نوع من الطيور وذيل القرش.. بالاضافة لمطاعم الوجبات السريعة والحلويات المتنوعة!
و ما نشاهده اليوم من شذوذ في اللبس في الأماكن العامة هو ما دعاني لكتابة هذه المقالة، حيث يداوم بعض الموظفين في مكاتب رسمية وهم يرتدون "غترة" خاصة برحلات البر ظنا منهم أن هذا الشيء "عادي" بينما شكلهم مزعج أو ترى فتاة ترتدي فوق رأسها بونيه سباحة (توربان) يبدو لها في المرآة حجابا جميلا بينما هو في واقع الأمر يظهرها كأنها مقاتل من أحد الطوائف  أو غواص أعالي البحار! وحصل ان منعت وزارة ما على موظفيها الذكور ارتداء شورتات برمودا قصيرة منعا لخدش الحياء العام  وصاح الموظفين الرجال: ماذا عن زميلاتنا الموظفات اللاتي يرتدين ثيابا فوق الركبه؟ لماذا هن فوق القانون؟ 
وعلينا الاعتراف بأن أفضل شيء عملته وزارة التربية هو تحديد الزي الرسمي لطلبة المدارس بأنواعها مما قضى على أية احتمالات للتنافس بين الطلبة والطالبات في اللبس كما هو حادث مع طلبة التعليم العالي، الخ.
على أن ثورة الثياب تطورت جدا جدا من العام 1950 وحتى 2017 ، بحيث تغيرت أحوال محلات الثياب من عرض الثياب حسب المواسم ، الى تغيير ال"كولليكشن" في كل اسبوع ، فصار المعروض كثير جدا  والمباع أقل والفائض الذي يحتاج الى رميه في المكب أو تصريفه للمحتاجين من الفقراء والمشردين واللاجئين أكبر و أكبر.
والواقع أن كثير من الثياب التي ترمى في القمامة تشكل عبئا كبيرا على البيئة ولا تتحلل بسهولة لكون انسجة أقمشتها مصنوعة من الياف غير طبيعية وتم تلوينها بألوان تبطء من عملية تحللها. أما الثياب التي يتم التبرع بها، فمعظمها لا تصلح للاجئين بسبب عدم استجابتها لطبيعة احتياجاتهم اليومية الشخصية في ظروفهم القاسية . فضلا عن ان الدراسات الميدانية قد كشفت بأن مؤسسات بيع الملابس التي تأخذ الثياب من عملائها لتشجيعهم على إعادة التدوير وتطبيق الاستدامة أصلا تضع الكميات في مخازنها ولا تتصرف بها!
إذا، علينا أن نعي جيدا بأن ما نشتريه من ثياب ثم نرميه هو أساسا قد جاء من ثمرة تعبنا في الذهاب للعمل والحصول على راتب هو في الحقيقة ثمن وقتنا وصحتنا وطاقتنا ، ولا يجب هدره باسم التباهي بالمظهر، ولذا الحكمة تستدعي التفكير قبل تبضع الثياب!

د. أميرة الحسن
12 يناير 2017م

عدد الزيارات : 1824 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق