> مقالات

عندما بكت القلوب أميرها ..

كتب : خليل العريان |
عندما بكت القلوب أميرها ..


رنّ جرس الهاتف في صباح ذلك اليوم ونحن نستعد لمغادرة المنزل، فالإمتحانات الفصلية قد بدأت منذ أيام ولابد من ذهاب الأبناء باكراً للمدرسة لكي يكونوا مستعدين للإمتحانات .. رفعت سماعة الهاتف مجيباً، وكانت المتصلة زميلة لإبنتي .. وسألت عنها هل ذهبت للمدرسة؟ فأجبتها : لا .. سنخرج الآن وقالت بالحرف : عمي ما في مدرسة اليوم .. وجاوبتها مستغرباً ولماذا؟ أجابت : بابا جابر مات !!! لم اصدق الخبر، وبدأ الأبناء في البكاء وفتحت التلفزيون .. لأتابع الأخبار .. وعادت بي الذكريات لفجر 31 ديسمبر 1978 عندما استيقظت للذهاب للمدرسة .. ولكن والدي رحمه الله : قال : ماكو مدرسة اليوم : "الشيخ العود توفي ؟".. ويدور الزمن من جديد .. لأقول لأبنائي "العود توفى" ..

بلاشك تضيع الكلمات في مناسبات كهذه وتضيع الحروف وتتداخل الجمل فالمصاب كبير عندما يغيب عن هذه الحياة ويرحل أمير القلوب .. 
لقد كان عهده مليئ بالأحداث، فهو لم يحكم الكويت بل منحه أهلها قلوبهم وسكن فيها، وما لا يعرفه الكثيرون بأنه كان متواضع فلقد إنطلق مباشرةً بعد توليه مقاليد الحكم في جولات ميدانية بين المناطق السكنية ليلتقي بأهل الكويت من شمالها وجنوبها وشرقها وغربها، كباراً وصغاراً، يتحدث ويستمع لهم ولمعاناتهم، وفي بعض الليالي كان رحمه الله يقود سيارة صغيرة متنكراً، يقف ليساعد المحتاجين ويوصلهم ويسالهم عن احوالهم، هكذا كانت الحياة جميلة بسيطة غير معقدة في ذلك الزمن .. كل ذلك جعل القلوب تحبه وتعشقه، جعل الشباب يأخذونه مثلهم الأعلى يقلدونه في لبسه، فهو القدوة الحسنة والأب الحكيم، واليوم نتذكره وندعو له في ذكرى رحيله .. 

قاد الشيخ جابر الأحمد الكويت في ظروف إقليمية صعبة للغاية وعانت الكويت الكثير بسبب مواقفها السياسية المعتدلة الحكيمة، مما جعل الأعداء يتربصون به محاولين إغتياله ولكن إرادة الله وكلمته كانت هي العليا وأنقذته من الموت، وتعرضت الكويت في عهده للكثير من الأعمال الإرهابية بسبب مواقفها السياسية، سواء من تفجيرات إرهابية أو اختطاف لطائرات الخطوط الجوية الكويتية (الجابرية) و (كاظمة) وترويع أبنائها بتفجير المقاهي الشعبية، فلقد كانت المنطقة تغلى والحروب مشتعلة والقائد الحكيم يقود سفينة الكويت ليتجاوز بها المنعطفات والأزمات واحدة بعد الأخرى والشعب كان معه في السراء والضراء، وبعد عامين من نهاية حرب الخليج الأولى جاء جيش المقبور ليغزو الكويت في صباح الخميس الأسود، ليخرج الى الطائف في المملكة العربية السعودية، ورغم صعوبة ذلك الحدث إلا أنه رحمه الله قاد الكويت من الخارج، ليوفق الله القائد وتثمر الجهود التى بذلت، وجعلت العالم يقف صفاً واحداً بجانب الكويت لتعود لأهلها محررة .. لقد كان عهده عهد الإزدهار وإستطاع إعادة إعمار الكويت في سنوات قليلة بعد أن حطمها الغزاة..

أيها القراء الأعزاء نحتاج لمجلدات لنكتب عن المغفور له جابر الأحمد ولكن بإختصار : في مثل هذا اليوم الخامس عشر من يناير 2006 رحل أمير أحب شعبُه فأحبوه .. رحم الله جابر الأحمد وغفر له وأسكنه فسيح جناته وأطال الله في عمر والدنا وقائدنا أمير الإنسانية الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح وولي عهده الأمين الشيخ نواف الأحمد الصباح .. حفظ الله الكويت ..

خليل العريان
15/1/2017

عدد الزيارات : 3624 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق