> مقالات

‏الصداقة .. ‏تلك العلاقة الجميلة المميزة ..

كتب : د. نبيله شهاب |
  ‏الصداقة .. ‏تلك العلاقة الجميلة المميزة  ..

                      
‏ 
‏كلنا يسعى الى تكوين علاقات اجتماعية مع الآخرين (من نفس الجنس)  ولو لدقائق معدودة نشبع فيها رغبة في داخلنا ألا وهي كسب محبة الآخرين وتقديرهم و مشاركة وتبادل الأفكار فيما بيننا.
‏ومنذ لحظة وصول الطفل الى متعة المشي وحتى قبلها ، نجده يتجه الى التقرب الى والتعرف على الأطفال الآخرين في الحديقة أو مركز التسوق أو وقت زيارة الأهل والأقارب. وتتفاوت طرق بداية  هذا التعارف وتختلف: فقد يبدأ التعارف بابتسامة ، أو بمجرد الوقوف قرب الطفل الآخر ومراقبة سلوكه، أو الحديث معه ، وقد يصدمنا الطفل جميعاً بضربة مفاجأة للطفل الآخر !! أو يأخذ منه لعبته ، لكن الذي يطمئننا أنهم  بعد دقائق سوف يصبحون أعز الأصدقاء، فقدرة الطفل على التغير والتشكل والتوافق مع المواقف سريعة جدا وكذلك قدرته على التحول من حالة مزاجية معينة الى عكسها تماماً سريعة جدا، فمن الطبيعي أن نجد طفلاً يضحك من كل قلبه ومازالت دموع الألم تتلألأ على وجنتاه.
‏صداقة الأطفال تبدأ من الاقتراب  الى جميع الأطفال من نفس الجنس أو الجنس الآخر دون تفرقة وتكوين  علاقة صداقة وقتية أو مستمرة نوعاً ما،  لكن مجرد ما أن يصل الطفل الى سن الثامنة نجده ينبذ اللعب مع الجنس الآخر فنرى الأولاد لا يحبون اللعب مع البنات أو تكوين صداقات معهم، وكذلك تفضل البنات اللعب مع البنات فقط . و من ثم تبدأ الصداقات الحقيقية بمعناها الواضح بالتبلور  عند هذه الأعمار،  وتستمر بالنمو والنضج والوضوح مع نمو الطفل خاصة أنه عمر يتضح  فيه النمو الإجتماعي .
‏و حين يبدأ الطفل مرحلة المراهقة تحدث نقلة نوعية للمشاعر والسلوك داخل هذه الصداقة ، فنجد الصديق/ة يصبحون كل شيء بالنسبة للمراهق/ة وهم أقرب اليه حتى من أهله وهم قدوته وعزوته ولذلك يطلق على هذه المرحلة ب "مرحلة جماعة الرفاق". حيث  نجد الطفل هنا شديدالتعلق نفسياً واجتماعياً بصديقه/تها يضحكون ويلعبون ويخرجون الى التنزه مع بعضهم البعض ويتشاركون الأسرار ويتخاصمون وقد يشتد صراعهم وصراخهم ولكنهم يبقون الأقرب لبعضهم البعض ولا يرغبون بأن يتدخل أي أحد آخر بينهم خاصة الأهل والذين يمثلون لهم في هذه السن "السلطة" والتي يحاولون بشتى الطرق التخلص منها واثبات ذاتهم من خلال استقلالهم ، ولذلك يكون اقترابهم من الأصدقاء هو أنجع وسيلة للتقليل من سلطة الأسرة من وجهة نظرهم . وتبقى معاملة الوالدان هي من يحدد كيفية وسلاسة سير هذه التغيرات والأولويات في حياة الطفل المراهق.
‏أما صداقة مرحلة الرشد فهي علاقة من نوع آخر مبنية غالبا على التقارب أو التكامل الى جانب الاحترام والثقة والمحبة، وهي تنقسم الى عدة أنواع من الصداقات مثل الصداقة لمدة طويلة كصداقة الطفولة ، وصداقات العمل (وقد لا توجد) وصداقة المواقف والتقارب النفسي وغيرها.
‏ونجد أن الأصدقاء والذين يتشاركون المحبة والتفاهم والاخلاص لبعضهم البعض الى جانب مساندتهم لبعضهم البعض وكتم الاسرار نادراً ما يفترقون ان كانت صداقتهم حقيقية وصادقة وذلك في كل المراحل العمرية خاصة مرحلة المراهقة.
‏وعليه .. تبقى الصداقة قوية مادمنا قد احطناها بهالة من التفهم والمحبة والاحترام والتضحية ، فالصداقة بشكل عام و ككل العلاقات الاجتماعية لا تعتبر علاقة  تملك أو أنانية أو تسلط بل تبنى على المشاركة والعطاء وتبادل المشاعر الصادقة ، فنحن لا نملك أصدقاءنا بل نتشارك الحياة والمواقف معهم  بحلوها ومرها. فالصداقة مصدر أمان وراحة خاصة في الظروف الصعبة ..
‏د. نبيله شهاب 
‏⁦‪@ns_sunshine4
26/1/2017

عدد الزيارات : 2967 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق