> مقالات

استراتيجية الحكومة المعدومة و الضياع المُمنهج

كتب : عبدالعزيز بومجداد |
  استراتيجية الحكومة المعدومة و الضياع المُمنهج

                      

          لا يمكننا أن نضفي على "الضياع" صفة المنهجية لأن المنهجية لا تُطلق إلّا على العمل الذي يسير وفق خطط محددة و واضحة و تحكمه قواعد معينة، لكن حكوماتنا المتعاقبة منذ التحرير حتى اليوم اتخذت من العشوائية و عدم رسم خطط واضحة لأعمال التنمية و التطوير مسلكاً لها حتى أصبح الفشل بالنسبة لها استراتيجية ممنهجة.

          إن العمل الحكومي يفتقر لأبسط مبادئ علم الإدارة، بل إننا نكاد نجزم بأن الكويت خالية من وزارة اسمها "التخطيط" فلا خطط للمستقبل البعيد ولا القريب و لا بحوث و لا دراسات و لا تنمية بشرية ولا اصلاح اقتصادي و كل ما نسمعه عن اقتصادنا هو الفساد و السرقات حتى وصلنا للتقشف. و بالنسبة لبقية الوزارات فإن كل وزير يتم تنصيبه يقوم بنسف أعمال سلفه ليبدأ هو من جديد ثم لا يدركه الوقت بسبب الاستقالة هرباً من استجواب أو بسبب حل المجلس و الحكومة و اعادة تشكيلها ثم يأتي الوزير الذي يليه بنفس الخطوات لنبقى بنفس المربع .. فإخفاقات الوزراء أصبحت واجب على كل وزير، و لا يُتصور أن يأتي أحد الوزراء بجديد، فلا التربية علّمت أبناءنا بالشكل المطلوب و لا مخرجات التعليم متناسبة مع سوق العمل و هنا ندخل في قضية الوافدين و التي نتج عنها البطالة في العمالة الوطنية ثم العمالة السائبة و الجرائم الناتجة عنها ثم الازدحام .. إلخ، و لا الأشغال طوّرت شوارعنا و منشآتنا و لا الصحة عالجت مرضانا و لا جددت مستشفياتنا و لا الشؤون حلت مشاكل المطلقات و لا أبناء الكويتيات و لا التركيبة السكانية ولا وجود للسياحة لدينا، و بالإضافة إلى إخفاق الوزارات بإنجاز أعمالها التخصصية فقد انتشرت فيها بشكل عام مظاهر التخلف الإداري، فالروتين و تشعّب اللوائح القانونية و غموض أهداف بعض الأجهزة الإدارية أفقدنا الثقة بأجهزة الحكومة و جعل انجاز المعاملات مهمة شبه مستحيلة.

          إن من أسباب التخلف الحكومي أيضاً المحاصصة، فعندما تنصّب الحكومة وزيراً بهدف "الترضية" لا بهدف "التنمية" فإنه لن يشعر بأنه مُطالب بإنجاز شئ للبلد و كل ما سيقوم به هو تعيين أقاربه و أصدقائه لينال إعجابهم فهذا هو المطلوب منه فقط و هذا ما سيُسأل عنه من قبل الناس، لأن الجميع يعلم بأن تعيينه كان بسبب الضغوط السياسية على الحكومة فيتعرّض هو الآخر للضغوط السياسية و القبلية و الطائفية، و لو كانت الحكومة قد اختارته بناءً على علمه و تخصصه بالمجال المعين به لشعر بالمسؤولية الملقاة على عاتقه و لشعر بأن المطلوب منه هو تطوير البلد لا تطوير الذات

          و من جهة أخرى عندما نأتي لمجلس الأمة نجده فارغ من محتواه مبتعداً عن أهدافه، فكل ما يقوم به "أغلب" نواب المجلس هو تكملة دور وزراء "المحاصصة" من تعيينات و ابتعاث للعلاج في الخارج فضلاً عن دخول بعض النواب للمجلس فقراء و خروجهم منه "مليارديرية" و هنا لا يمكننا أن نلوم الحكومة في ذلك، فالمسؤولية في هذا المقام تقع على عاتق الشعب، هو المُطالب بالابتعاد عن العنصرية و القبلية و حسن الاختيار

          و من هنا نطالب مجلس الوزراء بأن يكون لديه خطط تنموية مرسومة و جاهزة للتنفيذ و أن يفرض رقابته على أعضائه و يطالبهم بإكمال تنفيذ تلك الخطط بدلاً من نسفها و البدء من جديد مع بداية تعيين كل وزير، كما نطالب نواب مجلس الأمة بصدق النية في المراقبة و المحاسبة و تقديم المشاريع التي تخدم الوطن و المواطنين قاطبةً لا القبيلة و الطائفية، و أخيراً نطالب الشعب بأن يلتفت لمصلحة وطنه و أبنائه و مستقبله و أن لا تقتصر نظرته على معاملة تافهة يتم انجازها على يد أحد النواب ثم تضيع بقية حقوقه بسبب هذا الاختيار الطائش و السريع

والله ولي التوفيق                        
 عبدالعزيز بومجداد
28/1/2017

عدد الزيارات : 2118 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق