> مقالات

الحسرة على الماضي بعد غياب الفلسطيني

كتب : غادة الرفاتي |
الحسرة على الماضي بعد غياب الفلسطيني



دار بيني وبين صديق برتبة عقيد متقاعد أمس حديث عبر الهاتف تناولت فيه ذكرياتنا  في الكويت وكيف أننا برغم البعد عنها سنوات طوال ما زلنا نتذكر الكويت بالخير... نتذكر رحلات البحر و طلعات البر وكما نقول نحن الفلسطينين " شمات الهوا " 
ذكرت خلال تلك المكالمة كيف كانت امي رحمها الله دائما تتحسر على ايام الكويت فكانت دائما تقول " بعد الكويت ما في " كانت تتذكر جيرانها الطيبين وتتذكر أسواق الكويت حتى " المهري " والبائع الهندي الذي يحمل حقيبة سفر ويدور بين البيوت والشقق مرددا " بيع بيع "لم تنساهم أمي   .
سردتُ لصديقي المتقاعد والذي تجاوز بالعمر منتصف الخمسينات كيف أننا ونحن في المهجر ما زلنا نتذكر شهر فبراير ونبدأ بسماع أغاني العيد الوطني الكويتي... ونعيش طقوس عائلية خاصة بنا  كأل الرفاتي في شيكاغو بأن نعيد مشاهدة بعض مقاطع من مسلسل درب الزلق .... وقد نغني اغاني العيد الوطني الكويتي وكأننا ما زلنا نعيش ذلك الزمن الجميل نتجول بشوارع الكويت وخاصة العاصمة فقط لنُمتع انظارنا بالزينات المعلقة في كل مكان وعلى جدران وواجهة كل مبنى ووزارة . 
نبدأ ذكرياتنا عندما نجتمع بضحكات وسعادة حتى أننا نشعر أن مجرد الحديث عن ذكرياتنا في الكويت تجعلنا نتقرب من بعضنا البعض لنزيل جمود الحياة وطبقات الجليد التي تجمعت فزادت العلاقات الاسرية برودة بسبب ساعات العمل الطويلة.... 
فبادرني الصديق الكويتي المتقاعد قائلا بأنه وغيره الكثيرين ممن عاش الفترة الذهبية  في الكويت وخاصة فترة الستينات والسبعينات  يكنون بكل الشكر و الاحترام للاساتذه الفلسطينيين الاوائل الذين علموهم ودرسوهم في ذلك الوقت بكل جدية وامانة ... قائلا كان تعليمهم وتدريسهم لنا ( صح ) ثم قال ضاحكا ما زلت اذكر الخيزرانه التي كان يحملها لنا الاستاذ مصطفى سليم (ابو العبد ) لكننا بفضلهم تعلمنا جيدا وعندما انظر الى جيل اولادنا الان  أحزن عليهم 
فلم يعد هناك تعليم وتدريس بل دروس خصوصية يلازمه الفشل ....حيث فقدنا المعلمين الفلسطينيين الاوائل الذي كان هدفهم التعليم وخلق جيل مثقف متعلم وليس دروس خصوصية . 
فظننته يجاملني لكوني فلسطينية الاصل  فشكرته قائلة شكرا على المجاملة اللطيفة فقاطع حديثي قائلا: لا انا لا اجامل ولكنني اقول الحق والصدق .... كانت الكويت وكان التعليم عندما كان مدرسينا من فلسطين .... اليوم و بناءا على تقرير منتدى الاقتصاد العالمي  صنفت الكويت في مرتبة متدنية جدا بالنسبة لجودة النظام التعليمي حيث حصلت على مرتبة 140 من أصل 144 اي المرتبة الرابعة قبل الاخيرة .... هكذا وصلنا في مناهجنا وفي كفاءة معلمينا عزيزتي وللاسف كان التأثير السيء على ابنائنا رجال المستقبل .... 
فقلت بيني وبين نفسي وصديقي ما زال يستطرد في حديثه عن ما وصل اليه التعليم حاليا في الكويت ( سبحان الله صديقي المتقاعد يقارن التدريس في بلده بين الماضي والحاضر وربما المستقبل ويتحسر.... وأنا اقارن بين التدريس وكفاءة المعلمين وأسلوب تعاملهم مع الطلبة هنا في أمريكا وبين معلمين الوطن العربي قاطبة ... فلم اجد وجه مقارنه ...فأتحسر ) والنتيجة أننا كعرب أصبحنا  نعيش الحسرة على ما فات  وعلى ما مضى لأن حاضرنا سيء ومستقبلنا قد يكون أسوء.

بقلم غادة الرفاتي 
الولايات المتحدة الامريكية 
7/2/2017

عدد الزيارات : 2253 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق