> مقالات

رحيل الوزراء و ديمومة الوكلاء ..


 رحيل الوزراء و ديمومة الوكلاء ..


‏كل من يتابع الاداء في القطاع الحكومي والتغييرات المتسارعة للقياديين سواء من وزراء أو وكلاء للوزارات أو من هم على شاكلتهم من القياديين، يعلم تمام المعرفة إن المشكلة الحقيقية تكمن في غياب الاستراتيجية الحكومية وخطة العمل الواضحة والأهداف المرسومة بعناية وخارطة الطريق لتحقيق الأهداف المطلوبة في خطط التنمية ..
لقد تابعنا كما تابع الكثيرون خلال الأيام الماضية الخلاف الذي حدث في وزارة الصحة بين الوزير والوكيل، ويعتبر من النوادر أن يكون الصراع في العلن، فالغالب يكون ذلك النوع من الصراعات في الخفاء وتحت الطاولة..
إن القوانين واللوائح البالية القديمة الجامدة الموجودة لدينا تأخذ الوزير بعد إختياره وأداء اليمين الدستورية في قارب شراعي الى منتصف المحيط العميق وتطالبه منفرداً بتحقيق الاصلاح فوراً، ووضع خطة للتنمية وتنفيذها على وجه السرعة، والقضاء على الفساد ومعالجة ملاحظات ديوان المحاسبة وتعيين أقارب النواب وإرضاء أبناء الدوائر المختلفة، وإلا التشهير به وصعوده المنصة وإستجوابه وطرح الثقة به، مع ملاحظة أن الوزير يخوض الحرب منفرداً دون أسلحة أو جنود أو حتى دعم لوجستي، وفي المقابل هناك المعسكر القديم والموجود خلف التحصينات القانونية وأسوار الأسرار الإدارية والفنية أحياناً ولديهم الجيوش المتمركزة من الموظفين والقيادة الوسطى الموالية تعمل لتحقيق مصالحهم، والتي لن يستطيع الوزير إختراقها ولو بعد خمسين سنة ضوئية ..

وعطفاً على ما حدث من خلافات في وزارة الصحة، فلقد كنت أتمنى أن لا ينحاز بعض أعضاء مجلس الأمة إلى طرف ضد آخر، فهم السلطة التشريعية الرقابية والتي مطلوب منها مراقبة السلطة التنفيذية، ويجب علي البرلمان أن يتخذ موقف الحياد في تعامله مع جميع القياديين في الحكومة، فالطرف الذي سينتصر سيحسب علي اولئك الأعضاء الذين ساندوه أدبياً على أقل تقدير، وسيواجهون مشكلة في محاسبتهم له مستقبلاً، كما كنت أتمنى من أعضاء المجلس القيام بدورهم التشريعي من خلال سن القوانين الخاصة بتعيين القياديين وتعديلها لتتناسب مع أوضاع كتلك التي واجهناها في الصحة، فالوزير عندما يتم تكليفه بحمل أمانة حقيبة الوزارة من المفترض أن يكون لديه فريق فني إداري متخصص يعينه ويساعده بإدارة الوزارة، وعندما يرحل يرحل معه ذلك الفريق سواء كانوا وكلاء أو مستشارين أو غيرهم، وللوزير الحرية بالاستعانة بأي كفاءات وطنية يجدها مناسبة وفق شروط وضوابط يحددها القانون وليس مزاج معاليه..
‏إن الصراعات بين القياديين هي السبب الرئيسي لتراجعنا كثيراً وتوقف عجلة خطة التنمية عن الدوران، فالوزارات مشغولة في الصراعات وتحقيق الأجندات الشخصية، فالفشل الذي حققه الغالبية من الوزراء ورحيلهم خلال السنوات الماضية لم يكن محض صدفة أو سوء إختيار للوزراء بل ناتج طبيعي للحرب وصراع البقاء بين القياديين في الوزارات والغالب كانت النتيجة رحيل الوزراء و" ديمومة الوكلاء".. 
وفي الختام أقترح على البرلمان والسلطه التنفيذية تغيير القوانين ومنح الوزراء حرية إختيار فريقهم من القياديين والذين سيشاركونهم تحقيق وتنفيذ الخطة المطلوبة ومن ثم محاسبتهم وإستجوابهم ..

خليل العريان
4/3/2017

عدد الزيارات : 2889 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق