> مقالات

الي متي .. "بدون" ؟

كتب : خليل العريان |
الي متي ..


من المتعارف عليه ان الجنسية عبارة عن رباط قانوني بين الفرد والدولة، وتحدد وتبين تلك الوثيقة والهوية الحقوق والواجبات للأفراد كما تمكنهم من ممارسة حقوقهم سواء السياسية او غيرها في المجتمع.
ولقد استشعرت الأمم المتحدة منذ نشأتها بخطورة وجود اشخاص في العالم عديمي الهوية وقامت في العام 1954 باصدار اتفاقية لتشارك وتوقعها الدول المنظمّة لها لمعالجة هذه الظاهرة وأضافت لها اتفاقيه اخرى في العام 1961 والتي انضم لها أكثر من 55 دولة من مختلف دول العالم سعت من خلاله المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين لعلاج ظاهرة عديمي الجنسية.
وللأسف ومنذ استقلال دولة الكويت فشلت جميع الحكومات في حل تلك القضية الإنسانية طوال ال 60 عاماً الماضية، ولن اتحدث عن حرمان البدون من ابسط حقوقهم الإنسانية سواء كانت كالتعليم او الصحة او حصولهم على فرص عمل حقيقية تتناسب مع مؤهلاتهم، ولن اتطرق للحديث عن ضياع مستقبل الكثيرين منهم، ولن اخوض في الظلام الذي عاشوا فيه لانه من الصعوبة ان تكتب عن المشاعر الإنسانية إن لم تعيشها، ومن الصعوبة أن تتخيل أنك تفتح عينيك في كل صباح لتكتشف ان الشمس لم تشرق ولا زال الظلام دامس، ولا اعلم كيف نستطيع تعويضهم عن ما عانوه طوال السنوات الماضية، واقصد هنا المستحقين للجنسية الكويتية وليس كل من يدعى انه من البدون ولكن اشير الى أن الحكومة كان لديها الفرصة الذهبية بعد تحرير دولة الكويت لحل المشكلة حل جذري الا ان الحكومات المتعاقبة لم تنجح في التعامل مع ذلك الملف وتقاعست عن حلّه، ورغم انشاء الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيميين بصورة غير قانونية ورغم المبالغ والميزانيات التي  صرفت لحل هذه المشكلة الا انه لازال لدينا "بدون".
ان الأوضاع الإقليمية أصبحت صعبة اليوم بسبب الحروب واللاجئين وتفاقم مشكلة عديمي الهوية، وأصبحت المشاكل التي يعاني منها الوطن مختلفة وكان بالإمكان حل هذه القضية والتي تشبه كره الثلج كلما يمضي الوقت تزداد وتتضخم وتكبر والخوف من وصولها لمرحله اللاعودة ولا يمكن السيطرة عليها، أمام نشاط المفوضيه السامية لشئون اللاجئين في الامم المتحدة والتي تعقد في جنيف اجتماعات متواصلة من أجل حل هذه المشكلة، والتي تشير احصائياتها لوجود ثلاثة مليون إنسان عديمي الجنسيه علي مستوي العالم، بينما تفيد التقارير الغير رسميه ان عددهم تجاوز العشرة مليون فرد، ومن المؤكد أن تدخل مفوضية الامم المتحدة أصبح وشيك وستفرض قوانينها وقراراتها علي الدول المنظمه لها وقد تجبر الدول علي منح الهوية لكل طفل يولد علي أراضيها ان لم تكن له هوية، ولذلك فان حكومة دولة الكويت مطلوب منها التحرك سريعاً بحل مشكلة وقضية البدون " الانسانية" قبل ان تفرض الحلول عليها من الخارج.
فاذا كان عدد المستحقين لنيل الجنسية الْيَوْمَ حسب تصريحات المسئولين في الجهاز المركزي للبدون 34 الف فرد يمثلون 34 ‎%‎ من تعداد البدون تقريباً، فيجب الإسراع والتعجيل بمنحهم الجنسيه عوضاً عن منحها لجميع البدون مستقبلاً وبذلك يتساوي المستحق وغير المستحق، مع ملاحظه أن قانون الجنسية منح الحكومة وبسط لها الطريق بان تكون تلك الجنسيه بلا حقوق سياسية اذا كانت تخشي من ممارسة هؤلاء لأي أنشطة سياسية.
ان تكلفة حل تلك المشكلة والقضية الانسانية سوف يكون باهظ اليوم بعض الشئ، ولكن من المؤكد انه سيكون اقل تكلفة بكثير من التكلفة المستقبلية .. 
ويبقى السؤال هل حان الوقت بعد 60 عام لحل مشكلة البدون أم سيبقي السؤال بلا جواب .. "الي متي .. بدون؟".

خليل العريان
1/3/2018

عدد الزيارات : 1707 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق