> مقالات

هل كمّم النبي موسى الأفواه .. كحكومتنا ؟ ... بقلم عبدالعزيز بومجداد

كتب : عبدالعزيز بومجداد |
هل كمّم النبي موسى الأفواه .. كحكومتنا ؟ ... بقلم عبدالعزيز بومجداد


.

     دائماً ما يرجع المسلم لقصص الأنبياء عليهم السلام ليأخذ منها العبرة و الموعظة و ليقوّم حياته و يصحح مساره ، و لنا في الأحداث التي مر بها نبي الله موسى "ع" الكثير من المواعظ و الحكم منها ما ذُكر بالقرآن الكريم و منها ما ورد في الروايات ، و من هذه القصص و التي أود أن أستشهد بها على حكومتنا التي تحاسب الناس اليوم على الكلمة و الرأي هي .. أن النبي موسى "ع" كان مستاءً في يوم من الأيام من عدم تصديق القوم لرسالته و استهزائهم به و تهكّمهم عليه بل و شتمهم له ، فتوجّه لرب العالمين و طلب منه أن يكُف ألسنة الناس عنه ، فأجابه الله تبارك و تعالى بأن يا موسى : (هذا شيء لم أجعله لنفسي حتى أجعله لك) . فرب العالمين لم يكمّم أفواه الناس حتى عن نفسه و الآيات التي تدل على ذلك كثيرة و منها "إن هي إلّا  موتتنا الأولى و ما نحن بمنشرين" بإشارة من المشركين لعدم وجود حساب و لا عقاب و لا جنة و لا نار ، و منها "و قالت اليهود يد الله مغلولة" أي إن الله بخيل ، و منها "و قالوا أتخذ الله ولدا" ، و الكثير من الآيات التي تثبت أن بعض الأقوام تطاولوا على رب العزة و الجلالة وما كان من الله إلا عقابهم بعد تطاولهم و تجاوزهم على خالقهم و لم يكمّم الله أفواههم مسبقاً ، و هذا ما رد به الله جل و علا على نبيه موسى فكان طلبه بكف ألسنة الناس عنه مرفوضاً . ثم بعد ذلك ننتقل لنبينا محمد صلى الله عليه وآله و الروايات الواردة عنه و التي تؤكد نهيه عن تكميم الأفواه و التزامه بالوصية الإلهية و هي "أمرهم شورى بينهم"

     بالإضافة إلى ذلك و بعيداً عن النظرة الدينية و عندما نتمعن بأيودلوجية الحكومة نجد أن هذه الحكومة دائماً ما تتشدق بالديمقراطية و حرية الرأي و تتفاخر بأن الكويت هي أول دولة خليجية تم إنشاء برلمان نيابي فيها يشارك الشعب من خلاله الحاكم باتخاذ القرارات المصيرية ، لكن على ما يبدو  أن هذه الحرية و هذه الديمقراطية أصبحت اليوم مجرد دعايات هدفها تلميع الحكومة و الحقيقة أن ما نشاهده من هذه الحكومة هو عكس ذلك تماماً ، فالتشريعات الجديدة مثل قانون الجرائم الالكترونية و تلك الأحكام التي وصلت لسجن صاحبها نصف قرن بسبب ابداء رأي في دولة معينة تدل على أن ديمقراطيتنا مجرد شعارات . هذا و بغض النظر عن بعض النواب المنافقين الذين يطالبون "بحريّة تعبير" محدودة بنطاق فكرهم و توجههم فقط و من يخالفهم فهو يستحق السجن و اسقاط الجنسية و ربما الإعدام إن أبدى رأيه ، و هذا ما جعل الحكومة تلعب على وتر الخلافات الفكرية فتقمع هذا تارة و تقمع ذاك تارة أخرى بتأييد من الطرفين ضد بعضهم البعض ..

            إن هذا القمع و هذا التكميم لأفواه الشعوب لا نراه للأسف إلا في الدول الإسلامية و التي تدّعي أنها ملتزمة بالقرآن الكريم و نهج النبي محمد "ص"  بينما في الواقع نشاهدها تخالف توصياته بعدم تكميم الأفواه ، 
   أما في دول "الكفار" مثل أمريكا نرى الشعب الأمريكي يصنع مجسّم لترامب و يجرّه في الشارع ليضربه الناس بالحذاء وليبصقوا عليه دون أن نرى أو نسمع محاكمات أو سجن أو سحب جناسي لهذا الشعب .

     إن هذا المقال يُعتبر سلاح ذو حدين و من الممكن أن يستفيد منه أي طرف ليدافع عن نفسه ، لكن الهدف من هذا المقال ليس الدفاع عن فئة دون أخرى ، فحرية الرأي و عدم تكميم الأفواه مصلحة مشتركة بين جميع فئات المجتمع وهذا ما يجب تعزيزه .. و كما قال الكاتب الفرنسي ڤولتير "أنا لا أتفق معك فيما قلت ، و لكني سأدافع عن حقّك في حرية التعبير حتى الموت"

والله ولي التوفيق

عدد الزيارات : 2763 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق