> مقالات

عبدالعزيز بومجداد يكتب : من الإخفاقات الحكومية .. الشهادات الكرتونية


عبدالعزيز بومجداد يكتب : من الإخفاقات الحكومية .. الشهادات الكرتونية


     عندما نشاهد الدول المتقدمة و المتطورة من الناحية العمرانية و الإنشائية و حتى السياحية فإننا نغبطهم على هذا التطور و الذي تفوّقوا به علينا خاصة و أن الكويت لا تعاني من نقص في مجال معيّن حتى تكون أسوأ من تلك الدول ، فالمال وفير و لله الحمد و حجم الدولة صغير مما يجعل تحويلها لجنة الله في الأرض ليس أمراً صعباً ، لكننا نشاهد عكس ذلك تماماً .. فلا السياحة و لا المنشآت و لا الشوارع تدل على تطور أو تقدّم الدولة و الأكيد أن الخلل لا يتمثل بقلّة الإمكانيات المادية ، إنما يتمثّل في سوء إدارة الحكومة و هزلية مجلس الأمة و الذي أصبح الشعب الكويتي اليوم لا يرجوا من ورائه خير . و إذا أردنا أن نبحث عن أسباب هذا الإخفاق العمراني سنجد أن هناك سلسلة إخفاقات تسببت به و جميعها مترتبة على بعضها البعض ابتداءً بفشل التعليم مروراً بتعيين المواطنين في غير الأماكن المناسبة لهم ما يحوّلهم لبطالة مقنعة وجودهم كعدمه في وزارات الدولة انتهاءً بتعيين الوافدين بدلاً منهم ليشكلوا بدورهم القوة الإنتاجية الفعلية في الدولة .

     إن ما أريد تسليط الضوء عليه في هذا المقال هو موضوع التعيين و إلزام الحكومة المواطنين بالحصول على شهادة جامعية كشرط افتراضي للحصول على وظيفة ذات راتب مناسب ليبقى راتب صاحب شهادة الثانوي "لا يكفي الحاجة" ، ثم إن الموظف ذو الخدمة الطويلة و الخبرة الكبيرة معرّض لأن يكون مرؤوساً لموظف جديد ليس لديه أي خبرة أو تجارب وظيفية و مهنية لمجرد أنه جامعي .. هذا الشرط "الشهادة الجامعية" دفع الكثير من الموظفين للحصول على شهادات وهمية "كرتونية" سواء بالغش أو بشراء تلك الشهادات من الجامعات الفاشلة و التي يعترف بها التعليم العالي بالرغم من علمه بفشلها و اسلوبها الساقط في منح الشهادات لطلبتها ، هذا فضلاً عن عزوف الشباب الكويتي عن معظم الحرف و المهن الحرة بسبب أن ليس لها مدخول ثابت و هذا ما يعزز حالات الكسل و الاتكالية التي استشرت اليوم بين أفراد الشعب الكويتي و هو ما يسمى بالمرض الهولندي و الذي ذكرناه في مقالات سابقة ، و هنا نعرف سبب تكدّس الوافدين في هذه المهن ما يؤدي للإخلال بالتركيبة السكانية و التي يعاني الجميع منها .

     الحل باعتقادي يتمثّل بتفعيل نظام "الحد الأدنى للأجور" و الذي سيفتح أبواب العمل للمواطنين في الوظائف الحكومية و المهن الحرة على حدِّ سواء و بدون أن يكون الموظف أو العامل مُجبراً على الحصول على شهادة جامعية لينعم براتب مناسب و عيش كريم ، غير ذلك تكون ادعاءات الحكومة بسعيها للتكويت مجرد كلام فارغ و هذا ما اعتدناه منها .. فالموظف أو العامل "الكويتي" لا يستطيع أن يعيش بنفس الراتب الذي يعيش عليه الوافد و إذا حصل على شهادة جامعية ليحسن راتبه فإنه لن يقبل بالعمل في المهن الدنيا التي لا يعمل بها إلا أصحاب الشهادات العادية كالمتوسط و الثانوي ، هكذا يمكن للحكومة أن تعالج عدة قضايا في تطبيق هذا النظام ، فعلاج مشكلة تكدّس الجامعيين في تخصصات معينة و التي ينتج عنها مشكلة البطالة المقنعة و كذلك حل مشكلة التركيبة السكانية و ايضاً إعطاء أصحاب الشهادات الدراسية العادية كيانهم الوظيفي و الحرفي و عدم إشعارهم بأنهم أقل فائدة للمجتمع و الوطن سيتحقق بتطبيق نظام "الحد الأدنى للأجور" فهل نشهد من حكومتنا الفاشلة إجراءات إصلاحية فعلية ؟ و هل سيكون لمجلس الأمة الهزلي دور في إصلاح النظام الوظيفي في الدولة ؟ هذا ما نطمح له لمستقبل كريم لجميع أفراد الشعب الكويتي .. بمختلف مستوياتهم العليمية .

و الله ولي التوفيق
عبدالعزيز بومجداد
14/3/2018

عدد الزيارات : 2526 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق