> اقتصاد

«الوطني»: الاقتصاد العالمي يواجه خطر تراجع النمو


«الوطني»: الاقتصاد العالمي يواجه خطر تراجع النمو

أكد تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني ان حدّة المخاوف ازدادت في الشهر الماضي بشأن العلاقات التجارية العالمية، وذلك بعد أن انتهت فترة الإعفاء من الرسوم الجمركية التي فرضتها أميركا على أهم حلفائها كأوروبا وأميركا الشمالية، الأمر الذي ولّد ردة فعل حادة من جانب الاتحاد الأوروبي الذي بدأ بدوره بالتلويح بإجراءات مضادة. وقد جاء ذلك في أعقاب اجتماع الدول الصناعية السبع الكبرى الذي عقد في كندا، والذي تراجع فيه الرئيس ترامب عن موافقته على البيان المشترك الصادر في نهاية القمة، متهماً إياه بعدم النزاهة. في الوقت نفسه، تأثرت أسواق السندات بالتوتر السياسي في إيطاليا وأسبانيا الذي بدأ بالهدوء في مطلع يونيو. وبينما من المتوقع أن يبلغ النمو العالمي هذا العام نسبة قوية تقدّر عند %4، فإن التقرير الأخير الصادر عن منظمة التعاون الاقتصادي يشير إلى أن تلك المخاطر ترمي بثقلها على الآفاق الاقتصادية، لا سيما أن النمو لا يزال رهن الدعم الحكومي، كما أن الحاجة لتطبيق الإصلاحات الهيكلية قد أصبحت ملحّة.

النمو الأميركي
حافظ الاقتصاد الأميركي على قوته بالرغم من مؤشرات على اعتدال النمو في بداية العام، بالإضافة إلى تشدد السياسة النقدية. إذ تشير البيانات المراجعة لنمو الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول من عام 2018 إلى خفض تقديرات النمو ليصل إلى نسبة سنوية تبلغ %2.2 من %2.3 (و مقارنة بـ%2.9 في الربع الرابع من عام 2017، وذلك على إثر تباطؤ طفيف في إنفاق المستهلك والمخزون. فقد تراجع نمو إنفاق المستهلك إلى %1.0 فقط من نسبة قوية بلغت %4.0 في الربع الماضي. ولكن يرى بعض المحللون أن نمو الناتج المحلي الإجمالي قد يستعيد قوته لنسبة قد تصل إلى %4 في الربع الثاني من عام 2018، وذلك بدعم من خفض الضرائب وضيق سوق العمل، وقوة الزيادات في المخزون وصافي التجارة الخارجية.
وتبين المؤشرات الاقتصادية قوة قطاع المستهلك. فقد تسارع نمو الوظائف الجديدة إلى 223 ألف وظيفة في مايو، متخطياً متوسطه للأشهر الأربعة الأولى من عام 2018، بينما تراجعت البطالة لتصل إلى أدنى مستوياتها منذ ثمانية عشر شهراً عند %3.8 مقارنة بـ%3.9 في أبريل. وبالرغم من أن ثقة المستهلك قد تراجعت قليلاً عن مستوياتها الأخيرة، فإنها لا تزال قوية جداً. كما شهدت أسعار المنازل ارتفاعاً ثابتاً بالرغم من ارتفاع اسعار فائدة الرهن العقاري. وبعد أن تراجع إنفاق المستهلك في الربع الأول، تشير بيانات شهر أبريل إلى ارتفاعه بواقع %0.6 على أساس شهري، مما يشي ببداية قوية للربع الثاني، وذلك بدعم من قوة نمو دخل الفرد. الجدير بالذكر أن قطاع المستهلك يشكل أكثر من ثلثي الاقتصاد الأميركي.
على الرغم من تخوف شركات التصنيع الأميركية من تأثر الأسعار بالرسوم الجمركية الأخيرة التي فرضت على واردات الصلب والألمنيوم، تشير استطلاعت حديثة إلى محدودية الأثر الذي خلفته الرسوم على مستوى الطلب حتى الآن، حيث تبيّن مؤشرات قياس التصنيع (المؤشر الصناعي لمعهد إدارة الموارد الأميركي ISM ومؤشر مديري المشتريات للتصنيع PMI ارتفاع الطلبات الجديدة في مايو وتراكم الأعمال وامتداد فترات التوصيل. كما تشير بعض البيانات المتقدمة إلى تراجع طفيف في عجز ميزان تجارة السلع رغم التوترات حول الرسوم الجمركية، متقلّصاً إلى 68 مليار دولار في أبريل،ولكن سيكون من الأهم النظر إلى هذه البيانات حول فترة ما بعد الإعفاء الجمركي، أي بعد شهر يونيو.
رجّحت قوة بيانات الوظائف في مايو صحة التوقعات بشأن تبنّي مجلس الاحتياط الفدرالي سياسة نقدية أكثر تشدداً في ما تبقى في العام، وهذا لا يضم الارتفاع المتوقع وشبه المؤكد في الفائدة الأساسية عقب الاجتماع المقبل المزمع عقده في منتصف هذا الشهر والبالغ 25 نقطة أساس، حيث تعد هذه المرة الثانية التي سيرفع فيها «الفدرالي» سعر الفائدة، التي من شأنها رفع هدف تسعير الفوائد على الأموال الفدرالية إلى نطاق %1.75 إلى %2.00. كما زادت قوة البيانات أيضاً من احتمالية رفع الفائدة مرتين إضافيتين في عام 2018 إلى %35 بعد أن انخفضت في الشهر الماضي على إثر المخاوف التي ولّدتها التطورات في إيطاليا. وقد بلغ مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الذي يفضّله مجلس الاحتياط الفدرالي لقياس التضخم هدفه البالغ %2.0 في أبريل للمرة الرابعة فقط منذ خمس سنوات بينما ظل التضخم الأساس، الأقل تقلباً بطبيعته، عند نسبة %1.8.

تفاوت البيانات
شهدت مؤشرات الاقتصاد في منطقة اليورو تفاوتاً، إلا أن أغلبها قد سجل تباطؤاً في مايو، مشيرة إلى ضعف طفيف في النمو مع حفاظه على وتيرة جيدة. فقد جاء مؤشر مديري المشتريات لمنطقة اليورو دون التوقعات بكثير عند 54.1 مسجلاً تراجعاً للشهر الرابع على التوالي، ولم تشهد ثقة المستثمر تغييراً يُذكر. وسجل التضخم قفزةً حادة ليصل إلى %1.9 نتيجة ارتفاع أسعار السلع بصورة رئيسية، بينما ظل التضخم الأساس عند مستوى أدنى من هدف البنك الأوروبي المركزي البالغ %2 عند %1.1.
وكان للمشهد السياسي أيضاً دور رئيسي في أوروبا. حيث أدت حكومة شعبوية ائتلافية ومناهضة للمؤسسات اليمين الدستورية في إيطاليا وذلك بعد فترة ممتلئة بالاضطرابات. وتعهدت الحكومة الجديدة بالحد بشكل كبير من الضرائب وخفض سن التقاعد مما سيتسبب في فرض المزيد من الضغوط على أوضاع المالية العامة الإيطالية الضعيفة. في الوقت نفسه، صوت البرلمان الأسباني لحجب الثقة عن رئيس الحكومة على خلفية فضيحة فساد فيما منح ثقته لبيدرو سانشيز ليكون رئيساً لحكومة أقلية جديدة.
ومن المحتمل أن تدفع هذه التطورات إلى اتخاذ البنك الأوروبي المركزي سياسة نقدية حذرة، إذ من المتوقع حالياً أن ينهي البنك برنامجه للتيسير الكمي بحلول نهاية عام 2018 والبدء برفع الفائدة بحلول منتصف عام 2019. ولكن من المحتمل أن يتم تأجيل ذلك نتيجة استمرار ضعف البيانات وزيادة حدة القلق حول المشهد السياسي. ومن المزمع أن يجتمع البنك المركزي في الرابع عشر من يونيو ولكن ليس متوقعاً أن يتم الإعلان عن أي تطورات حتى شهر يوليو.

تراجع للاقتصاد الياباني
تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي لليابان بواقع %0.6 سنوياً في الربع الأول من عام 2018 من نسبة توسع وصلت %0.6 في الربع الرابع من عام 2017 ليكون ذلك أول تراجع في النشاط منذ 2015. وذلك نتيجة تراجع الاستهلاك والاستثمار، بالإضافة إلى تراجع نمو الصادرات الذي يعكس بيئة عالمية أقل ملاءمة للتجارة الخارجية. وقد تكون التقديرات الأولية للنمو في اليابان متقلبة، كما من المحتمل أن يتعافى النمو في الربع الثاني بدعم من ضعف الين مقابل الدولار وضيق سوق العمل. إذ أظهرت البيانات الأخيرة تسارع نمو الصادرات من %2.1 على أساس سنوي في مارس إلى %7.8 على أساس سنوي في أبريل على خلفية تصدير شحنات كبيرة من السيارات ومواد التصنيع، بينما ظل معدل البطالة عند %2.5 ليكون بذلك أدنى مستويات للبطالة في العالم. ومع ذلك قد يؤدي هذا الضعف في بيانات الربع الأول من عام 2018 إلى التقليل من احتمال الرجوع إلى السياسة النقدية التيسيرية في وقت قريب.

أسعار النفط
تراجع سعر مزيج برنت في بداية شهر يونيو بعد أن ارتفع للشهر الثالث على التوالي في مايو (+ %3) ليصل إلى أعلى مستوى له منذ ثلاث سنوات ونصف السنة عند 80 دولاراً للبرميل. إذ أتى هذا التراجع نتيجة احتمالية رفع «أوبك» الإنتاج خلال الربع الثاني من العام، حيث من المتوقع أن يطرأ هذا التغير في استراتيجية المنظمة بعد اجتماعها المزمع عقده في الثاني والعشرين من يونيو. وعلى الرغم من أنه من المحتمل أن تنتهي خطة خفض الإنتاج تدريجياً في يوليو، فإن احتمالية رفع الإنتاج تبدو ضعيفة، لا سيما أن معظم الدول التابعة للمنظمة لا يمكنها رفع إنتاجها للخفيف من التراجع في الإيرادات النفطية الناتج بدوره عن تدنّي الأسعار. وفي الوقت نفسه، لا يزال الإنتاج في أميركا مستمراً في تحقيق ارتفاعات قياسية ليصل إلى 10.76 ملايين برميل يومياً في الأسبوع المنتهي في الخامس والعشرين من مايو.

أسعار النفط تساهم في إنعاش احتياطيات دول مجلس التعاون الأجنبية
استمرت الاقتصادات في المنطقة في التحسن مع ارتفاع أسعار النفط، واستعاد الفائض التجاري قوته كما انتعشت الاحتياطيات الأجنبية. فقد تجاوزت احتياطات السعودية الأجنبية الرسمية 500 مليار دولار لأول مرة منذ ما يقارب العام. وشهد النشاط غير النفطي في اقتصادات المنطقة تزايداً في مستوى الإنفاق. وعلى الرغم من القلق المستمر بشأن الأوضاع المالية، فإن صندوق النقد الدولي قام مؤخراً برفع توقعاته لنمو البحرين هذا العام إلى %3.2 من %3 على خلفية زيادة الاستثمار وتعافي إنتاج النفط، كما أكّدت وكالة ستاندرد آند بورز تصنيفاتها للعملة المحلية والأجنبية في البحرين عند +B وB على المدى الطويل والمدى القريب مع نظرة مستقبلية مستقرة نتيجة استمرار المملكة في الاستفادة من الاستثمارات الخارجية. في المقابل، لا يزال النمو في السعودية دون التوقعات نتيجة ضعف نمو الائتمان وتراجع ودائع البنوك وذلك على الرغم من محافظة نشاط مبيعات أجهزة نقاط البيع على ارتفاعه العام الماضي عند %18 على أساس سنوي في أبريل، ولكن تحسن مؤشر مديري المشتريات قليلاً ليصل إلى 53.2 في مايو.


عدد الزيارات : 1161 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق