> مقالات

‏الحالات الانسانية والاستعراض الإعلامي ..

كتب : د. نبيله شهاب |
‏الحالات الانسانية والاستعراض الإعلامي ..

جبلت مجتمعاتنا منذ القدم على التعامل بانسانية مطلقة وبسرية تامة مع الحالات الانسانية بكل أنواعها ، فلم نسمع أن أحداً ساعد جاره أو أخاه ماديا أو حتى بالقيام بأعماله أو توفير احتياجاته المعيشية وأظهر ذلك للآخرين الا فيما ندر وحسب ما تقتضي الظروف ..

‏ما يحدث الآن من نشر مبالغ فيه على وسائل التواصل الاجتماعي للحالات الانسانية وحاجة الآخرين تصرف  غير مقبول و غير صحي من جميع الجوانب.  فالمرضى والذين تعرض تفاصيل مرضهم و"صورهم" على وسائل التواصل بحجة طلب الدعاء لهم أو المساعدة المادية لعلاجهم لابد وان يشعروا بالحرج والحزن بسبب عرض جزء مهم من خصوصياتهم للجميع وخاصة مرضهم والذي يعتبر مرحلة ضعف بالنسبة لهم وقد يكونوا في حالة نفسية سيئة بسبب المرض وما يترتب عليه ، ومن طبيعة الانسان أن يخفي ضعفه وعيوبه وحاجته. ماهي أهمية عرض كل التفاصيل للجميع ؟؟ نستطيع أن نساهم في مساعدته بعرض الوضع باختصار دون اسم او صورة او تفاصيل مؤلمة والتي قد تكون مؤلمة للقاريء أيضاً.. 

‏حتى مع افتراض حسن النوايا لابد وان تحترم خصوصية الانسان خاصة في لحظات ضعفه وحاجته..

‏ومن صور امتهان كرامة المحتاج تصويره وهو يتلقى الصدقات أو الزكاة أو المساعدات والهدايا!! مع عرض حالته ..!!
‏ماهي الفائدة التي يجنيها هذا المحتاج من هذا التصرف القبيح؟؟ أو حتى ماهي فائدة المجتمع من التشهير بالمحتاج والضعيف ؟؟ يجب نشر العمل دون التشهير بالأشخاص .. لا فائدة تذكر من ذلك  الا الاستعراض أمام الآخرين والتباهي المقيت بالمقدرة وأنهم ممن يعطي ويتصدق على المحتاجين أو من هم أقل منهم .. 

‏وننسف فكرة أنه قد يكون النشر لايصال مبدأ الصدقة والمساعدة حتى يحاكيه الآخرون، عن طريق أنه بالامكان القيام بكل ذلك دون أن يتم التشهير بالفرد ودون وضع  صورته واظهاره في وسائل التواصل والتلفاز وهو ياخذ وهو كسير !! البعض يظهر العائلة كلها أو بيتهم بما يحتويه من أشياء خاصة بهم وان قلت قيمتها المادية في نظر البعض الا انه من المؤكد قيمتها المعنوية الكبيرة عند هؤلاء الفقراء والمحتاجين الكرام. 

‏تصرف مستهجن وقبيح .. من يتعمد أن يتباهى بمساعدة الآخرين على حساب جراحهم وآلامهم ، وينشر بالصحف والاعلانات ليمدحه الآخرون . 
‏هل أصبح الوضع أقرب الى المتاجرة بآلام وأحزان الآخرين؟؟!! للأسف !!

‏ملاحظة مهمة :
‏لا أحد ينكر أو ينسى الجانب الايجابي والسلوك الروحاني الراقي لمن يعطي دون علم الآخرين ويبذل بمحبة وفرح بتكتم وبصورة فيها احترام لكرامة الآخرين .. الدنيا لا تثبت على حال وقد يكون أياً منا في نفس موقف هؤلاء الضعفاء المحتاجين الكرام  !!

‏ولنتذكر دوماً حديث سيد البشر صلى الله عليه وسلم  ..
‏(رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه ) 
‏.
‏د. نبيله شهاب
‏⁦‪@ns_sunshine4

عدد الزيارات : 1905 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق