> اقتصاد

صامسون لؤلؤة مكنونة على البحر الأسود جوهرة الشمال التركي تدعو الكويتيين إلى السياحة والإستثمار


صامسون لؤلؤة مكنونة على البحر الأسود جوهرة الشمال التركي تدعو الكويتيين إلى السياحة والإستثمار

تركيا ليست مجرد دولة ذات حدود وسيادة ودور إقليمي فاعل، إنما هي في الحقيقة نقطة اتصال بين القارات والحضارات، ولا يمكن قياسها مع بقية الدول لجهة الآثار الموجودة فيها فقط، فهي في كل زاوية تحكي قصة شعوب عاشوا فيها وتركوا بصمتهم محفورة في الصخر أو على قمم الجبال الخضراء. ولا بد لزائر تركيا أن يستكشف المناطق الرائعة المطلة على البحر الأسود، ليسمع صوت الطبيعة ويرى ما لم تشاهده عيناه من قبل، بعد أن يملأ رئتيه بأوكسجين فريد بكمه ونوعه.

وشاركت القبس في قمة البحر الأسود للسياحة والاستثمار الثانية لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي نظّمتها شركة الخطوط الجوية التركية في مدينة أوردو، بمشاركة 200 شخص، يمثلون أكثر من 15 دولة مختلفة، ورجال أعمال وممثلي وكالات السياحة ومؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي وممثلي وسائل إعلام، إضافة إلى جولة في مدينة صامسون التي أعلنت الخطوط التركية عن تشغيل خط جوي مباشر من الكويت إليها ابتداء من منتصف يوليو المقبل. وكانت فرصة لـ القبس للتجول في منطقة الشمال التركي المطل على البحر الأسود التي قال عنها نائب رئيس قسم المبيعات في الخطوط التركية محمد فاتح يلماز إن إمكانات السياحة والاستثمار فيها زادت بفعل نمو حركة المرور بنسبة %79، لافتاً إلى أن هدف الشركة تزويد السياح بأفضل الخيارات الممكنة من حيث الوجهات والخدمات.

تعتبر محافطة صامسون Samsun جوهرة الشمال التركي بثرائها الطبيعي والتاريخي الذي يعود إلى عصر الأمازون، فهي أهم أبواب الأناضول إلى البحر الأسود، ومركز زراعي ذو أهمية، بسبب وجود نهري قيزل أرماق ويشيل أرماق، مما جعلها مدينة حضارية تعج بالآثار التي تعود إلى العصور: البرونزي والكالكوليتي والنحاسي، والقرن الثالث قبل الميلاد عندما نشأت مملكة بونتس إحدى ممالك إمبراطورية الإسكندر الأكبر. وفي العصر الحديث، كانت صامسون المدينة التي بدأت فيها حرب الاستقلال الوطنية، بقيادة مصطفى كمال أتاتورك في 19 مايو 1919.

لؤلؤة مكنونة

تشمخ صامسون كلؤلؤة مكنونة في حوض البحر الأسود، وتمتاز بمناخها النموذجي، حيث إن صيفها معتدل ورطب، مع حرارة تصل إلى 27 درجة في شهر أغسطس، كما أن شتاءها بارد ورطب، مع أدنى حرارة تبلغ 3 درجات.

وتمتاز المدينة بشواطئها صاحبة العلم الأزرق، كشاطئ فينير وساحل ميرت وباندرمه، وتتراوح حرارة المياه بين 8 و20  درجة مئوية على مدار العام. كما تمتاز بسهولها ومراعيها الخصبة وأنهارها وتلالها الخضراء على امتداد النظر، كـ«تلة لاديك» التي تستحق مشاهدة جمالها للتمتع بمناظر الغابات والجبال والطيور والاستفادة من منتجعات مياهها التي لها تأثيرات إشعاعية منبهة للكتل العضوية في الجسم وتعالج الروماتيزم وتعرف باسم «ماء الفتوة»، وشلالات قراجا أوران التي يصل ارتفاعها إلى 92 متراً، وتلة نبيان في منطقة 19 مايو، وغابة الكوندوز في منطقة وزير كوبرو التي تبعد عن مركز المدينة 17 كيلومتراً، ويوجد فيها وادي شاهين قايا الذي يعد أضيق مكان للسد على النهر الأحمر، حيث يوجد الشق الصخري الشاهق.

وإضافة إليها هناك شلالات كيكنين، وجزيرة كرزليق، أيفاجق (الجنة الدنيا) التي تقدم تراكما ثقافيا حقيقيا في صامسون، ويرجح أنها أول منطقة للحياة في تاريخ شعوب البحر الأسود، إذ يمكن مشاهدة آثارها التي تعود إلى العصر الحجري 8000 سنة قبل الميلاد، وهي مكان يمتزج في اللون الأخضر بالأزرق والماء معاً.

وكهوف تيك كوي التي تقع في منطقة تكّا كوي Tekkeky التي عاش فيها الإنسان البدائي، وهي من أهم الأماكن السياحية، وفيها كوخ على الطراز اليوناني، وضعت داخله نماذج للأدوات التي وجدت في المكان، إضافة إلى نماذج عن الاسلحة والادوات وتماثيل لجنود الحضارات التي عاشت في هذا المكان منذ آلاف السنين.

وفي صامسون، تجدون التاريخ بجميع اعماقه، لا سيما مع الجامع الخشبي (كوكجه لي) في جارشانبا، وهو واحد من المساجد الخشبية النادرة في تركيا، يعود إلى عام 1206، ويقال إن بناءه لم يستخدم فيه أي مسمار. وفيها أيضا العديد من المتاحف كمتحف غازي ومتحف التاريخ والاثنوغرافيا ومنزل أتاتورك. اضافة إلى مراكز تزلج على الماء وعلى الثلج ومراكز قفز بالمظلات.

جنة الطيور

وتعتبر جنة الطيور من أجمل ما يمكن ان تراه في صامسون، فهي تحتضن أعلى نسبة من أنواع الطيور في جنوب حوض البحر الأسود (نحو 110 أنواع). وتقع جنة الطيور Ku Cenneti في دلتا نهر قيزل أرماق، وتشتهر بكونها محمية طبيعية تستضيف الملايين من الطيور خلال رحلاتها وهجرتها، وبعض هذه الطيور نادرة جداً أو مهددة بالانقراض، خصوصاً ترينجا فلافيبس، والنقشارة الغبراء، وعصفور الشوك الأسود الرقبة. وتتضمن المحمية بعض الجسور التي تمر فوق النهر والبحيرات المحيطة، والتي يمكن الاستفادة منها لالتقاط الصور، كما تضم برجاً رائع البناء يُستخدم كمأوى للطيور التي تعيش في المكان، وللطيور المهاجرة.

وتحتضن منطقة الدلتا العديد من أنواع الحياة البرية، فلا تتعجبوا إن صادفتم بعض أنواع الجاموس والغزلان والأحصنة البرية.

ولمحبي الاستمتاع بغروب الشمس، فلحظات الغروب في جنة الطيور تضفي على المكان ألواناً ساحرة تستحق العناء.

توجد في وادي قيزيل ارماق صخور تسمى بـ«بافلاجونيا»، تعود إلى العصر السابع قبل الميلاد، وتوجد أطلال آثار تعود إلى العهد الروماني والبيزنطي والعثماني في قلعة أسار.

 

الخدمات البلدية

واللافت في صامسون أنها مدينة قيد التطوير وتبنى على مفهوم الخدمات البلدية العليا، وفيها بنية مواصلات حديثة وأسواق جميلة متناسقة كالسوق الروسية وميدان الجمهورية الذي يضم شارع التشيفتلك التجاري، إضافة إلى ملعب الغولف لبلدية صامسون، وهو النادي الوحيد للمحترفين الذي تم إنشاؤه على مساحة 650 ألف متر مربع، ويعتبر مكاناً للاسترخاء.

كما تشتهر المدينة كمركز علاجي متطور يتناغم مع الهواء العليل والطبيعة الساحرة ومنتجعات المياه الحارة الطبيعية العلاجية.

باختصار، لا مكان يتسع لوصف صامسون التركية، المدينة التي تسعد السائح بسمائها وشروق الشمس منها وغروبها، مع جبالها الغنّاء وساحلها الرملي وأطعمتها التقليدية وأطباق السمك النهري والبحري من خيرات البحر الأسود وبأقل التكاليف. فزيارتها مفيدة للتعرف على الإرث التاريخي والطبيعي، والتمتع بجمالها الخلاب على البحر الأسود.

كيف تصل إلى صامسون؟

 

يوجد في صامسون مطار يسمى Caramba ويبعد عن مركز المدينة حوالي 23 كيلومترا، وهناك رحلات جوية متكررة بشكل يومي من اسطنبول إليها. واطلقت الخطوط الجوية التركية (تركش ايرلاينز) خطاً مباشراً من الكويت إلى صامسون سيبدأ تشغيله منتصف يوليو المقبل، لتسهل على السائح الكويتي الوصول اليها دون عناء الانتظار في مطار اسطنبول.

كما يمكن الوصول اليها بالحافلات، فلو انطلقت من اسطنبول إلى صامسون ستستغرق معك الرحلة حوالي 9 ساعات، ومن ترابزون اليها قد تستغرق نحو 6 ساعات. كما أن هناك خط سكك حديدية يربطها مع المناطق الداخلية من سيفاس أو أماسيا. ويمكن للسائح الذي يحب السفن الولوج إلى صامسون عبر رحلات بحرية منتظمة تنطلق أغلبها من اسطنبول.

فرص ذهبية للاستثمار

 

شرح والي صامسون، عثمان قايماك، لـ القبس، خلال استقباله عدداً من ممثلي المكاتب السياحية الكويتية، أنهم في الولاية يرغبون بتقاسم جمال الطبيعة مع العالم، وبالأخص مع الكويتيين وأهل الخليج. مبيناً أن صامسون هي أكبر وأهم ولاية في منطقة البحر الأسود، وتملك كل المقومات السياحية والاستثمارية في مجال التجارة والنقل البحري إلى أروربا، وهي رائدة في مجال الزراعة البيئية، وفيها المنطقة الصناعية المنظمة، التي توفر العديد من الفرص، لا سيما في مجال الطاقة، بالإضافة قطاع البناء والتطوير العقاري، مشيراً إلى أن الأرض التي توفرها الدولة للمستثمر شبه مجانية، وكهرباء منخفضة التكلفة، مع إعفاءات ضريبية بحسب نوع الاستثمار. ودعا الوالي الكويتيين إلى استكشاف المنطقة وفرصها الذهبية، مركزاً على الاهتمام، الذي توليه المدينة للاستثمار في قطاع السياحة العلاجية، كونها الأكثر تطوراً في تركيا في هذا القطاع، حيث توجد أفضل الجامعات الطبية، وهي جامعة «او دوكوز ماييس» (19 مايو)، ومستشفيات على أعلى درجة من التطور، توفر سياحة علاجية راقية وآمنة.

وشرح قايماك فرص الاستثمار في قطاع الزراعة، حيث تشتهر المدينة بإنتاج البندق والأرز والقمح والشعير، وبالثروة الحيوانية والسمكية المهمة، التي تحتاج إلى تطوير واستثمارات كبيرة. لافتاً أيضاً إلى أن مجلس المحافطة بالتعاون مع الجامعة يعملون على فرص في مشاريع تكنولوجيا المعلومات، كما دعا الطلبة الكويتيين من محبي الطيران إلى تعلم هذه المهنة في صامسون، حيث توجد جامعة لتعليم قيادة جميع أنواع الطائرات المدنية والعسكرية وطائرات الدرون المتطورة، التي تنتجها تركيا وتستخدم لأهداف مدنية وعسكرية.

ويبلغ عدد السياح في صامسون سنوياً نحو 50 ألف سائح أجنبي، يشكل العرب %90 منهم، في مقدمتهم سعوديون ثم كويتيون وقطريون، فيما يأتي السياح الروس في المرتبة الرابعة، عدا عن السياحة الداخلية، التي تقدر بـ150 ألف سائح. وتطمح المدينة إلى استيعاب مليون سائح سنوياً، مما يتطلب استثمارات في قطاع الفندقة والخدمات السياحية. ولفت قايماك إلى أن الاستقرار السياسي والأمني سيستمر بعد الانتخابات المقررة في يونيو، وستكون تركيا أكثر نمواً. وفي هذا الإطار، لفت إلى وجود نحو 30 ألف لاجئ في صامسون، بينهم 8 آلاف سوري، والباقون من العراق، يتم دمجهم في المجتمع، وتعليمهم اللغة التركية، وفتح سوق العمل أمامهم، لا سيما في قطاع السياحة لجذب السياح العرب على وجه الخصوص.

من جانبه، أشار رئيس البلدية إلى أن العلاقات الكويتية مع الشمال التركي تأخرت نسبياً، آملا أن يكون الخط الجوي المباشر فاتحة خير. وشدد على أن منطقة صامسون بحاجة إلى استثمارات في قطاعات مختلفة، وتفتح ذراعها للمستثمر الكويتي، مع توفير كل أشكال الدعم، منها تقديم %70 من مساحة الأرض مجاناً بشرط وحيد هو أن يدخل الاستثمار سوق الإنتاج خلال سنتين من توقيع العقد.

أوردو – كيرسون..

أرض الهدوء والأوكسجين

 

ولاية أوردو وجارتها كيرسون تقعان شرق منطقة البحر الأسود شمال تركيا، وتغريان بسحرهما ومفاتنهما كل سائح بزيارتها، حيث الطبيعة الخلابة، والشواطئ النقية، والجو المعتدل، ومن زار تركيا ولم يزر أوردو وكيرسون فزيارته غير مكتملة.

تلقب المنطقة هناك بـ«قلب الشمال»، و«قطعة من الجنة»، و«أرض الهدوء»، و«مدينة الأوكسجين»، وهي الأكثر جمالاً من ناحية الجبال الخضراء المغطاة بثوب أخضر نسجته أشجار الصنوبر والبندق، والقمم الشاهقة التي تعبق بالتاريخ، اذ تعني كلمة «أوردو» في التركية «معسكر الجيش»، وقلعة كورول شاهدة على حقبة الإسكندر الكبير.

تمتلك المنطقتان قمماً جبلية قلّ أن تراها في غيرها من المدن، والبيوت على قمم هذه الجبال يتم بيعها بأسعار زهيدة، نظراً بمثيلاتها في بلدان ومدن أخرى، وتحرص في الربيع، الذي يتزامن مع إجازة الصيف في الخليج العربي، على إبراز ثقافتها وتراثها الخاص في كل شيء تقريباً. وهي بحق المكان الأمثل لعشاق الطبيعة والهدوء وتنفس الأوكسجين.

وبات الوصول إلى المنطقة أسهل وأسرع بعد أن تم تدشين مطار «أوردو – غيرسون»، الذي شيد داخل البحر على جزيرة اصطناعية، ويستغرق السفر من إسطنبول إليها نصف ساعة فقط.

 

مدينة صامسون لوحة معلقة بين البحر والجبال جنة الطيور على دلتا نهر قيزل ارماق.. ومشهد سريالي للغروب كهوف تكّا كوي Tekkeky التي عاش فيها الإنسان البدائي جوهرة الشمال التركي تدعو الكويتيين إلى السياحة والاستثمار

صامسون.. لؤلؤة مكنونة على البحر الأسود

أيفاجق (جنة الدنيا) وادي شاهين قايا حيث الشق الصخري الشاهق في وزير كوبرو

 

 


عدد الزيارات : 1113 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق