> مقالات

العوض على الله ..

كتب : خليل العريان |
  العوض على الله ..

قبل ثلاثون عاما مضت قدم الى الكويت أحد الأخوة العرب والذي تزوج حديثاً ليعمل في أحد المدارس الحكومية، وكانت عقارب الساعة تسير بهدوء لتضيف لحظات السعادة لتلك الأسرة والأيام تمضي، ليحدث بعدها الإنفجار عندما قرر الجار هدم الجدار واحتلال الكويت بفعله الغدار، كانت زوجته حامل في طفلها الثاني، لتتغير وتيرة الحياة الهادئة الى قلق مستمر وانقلب الحال من هدوء الى تفتيش ومضايقات وجنود واسلحة ودبابات وصواريخ من هنا وهناك .. وبعد اعلان الرئيس المصري الاسبق حسني مبارك موقف بلاده تجاه الغزو العراقي الغاشم جاء القرار بالرحيل ومغادرة الكويت مع الطفلة الصغيرة والزوجة الحامل ..
وسارت السيارة المحملة بالممتلكات والاسرة الى الحدود البرية للكويت الحبيبة، ولكن الطرق المسدودة جعلت طريق الصحراء الرملي هو الخيار المتاح، والتي قالت للمدرس قف هنا، واحاطت الرمال بالسيارة من كل جانب واحتضنت الاطارات ومنعتها من الحركة، واظلم الليل وازداد الوضع خطورة .. وقف وحيداً في الصحراء ينظر من حوله من هنا وهناك فلم يجد غير طلب النجدة من السماء، فنادي يا كريم يا قادر يا عظيم يا الله .. ليبزغ الفجر مع الفرج ويشاهد مجموعة من السيارات العابرة ليمدوا له يد العون ويأخذوه معهم تاركاً خلفه كل ما يملك .. وبعد رحلة طويلة شاقه وصل الى مستشفى القاهرة عبر ميناء الاردن وزوجته على حافة الموت .. لينادي مره اخرى يا الله يا كريم .. ليرزقه الله بأجمل جميلاته وفلقة القمر الجميلة ..
لقد خسر كل شيء بليلة وضحاها ولكن الله رزقه ابنة جميلة واسرة سعيدة فقرر بعدها الاعتماد على الله في كل شيء، وعاش حياته وهو يردد عند كل خسارة "العوض على الله" ..
ان الحياة اسمى واجمل من سيارة فارهه أو ساعة ماركة مرصعة بالألماس، ونحن في هذه الأيام المباركة من شهر رمضان المبارك الم نتعلم الدرس من ساعات الصيام الطويلة في درجات الحرارة المرتفعة، ألم نتعلم بأن هناك بشر يشعرون بالجوع والعطش وربما بلا مأوى، وهم بحاجة الي ابسط احتياجات الحياة من ملبس ومأكل ومشرب ... 
للأسف 
 بيننا اليوم من الذين يقبلون الرشاوي، ويسرقون ليس لأنهم بحاجة الى المال أو لا يملكون الطعام، بل لانهم بحاجة لشراء سيارة فارهة او ساعة ألماس مزركشة .. لماذا كل ذلك؟؟ هل هذه هي السعادة؟ وكيف الهروب من ضمائرهم التي تردد لهم بأنهم حرامية أو مرتشين؟؟ 

يجب أن نفكر جدياً في هذه الأيام ونحن نودع هذا الشهر الكريم بأن نعيد ترتيب اولويات حياتنا، ونتأكد بأن الله سبحانه قادر على كل شيء، وان أقدارنا جميلة لأنها من صنع الله سبحانه .. لأن العوض دائما وأبدا على الله وحده ..

عدد الزيارات : 1356 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق