> مقالات

صف بالدور .. أمامك طابور ! بقلم /عبدالعزيز بومجداد

كتب : عبدالعزيز بومجداد |
صف بالدور .. أمامك طابور !   بقلم /عبدالعزيز بومجداد


في الكويت .. كما في أي دولة متخلفة، عندما يذهب المواطن لأي جهة حكومية لإنجاز معاملة مّا فإنه أول ما يواجه هو طابور المراجعين، وإن تحرّك يميناً أو شمالا أو حاول الاقتراب من الموظف ليسأله عن أمر معين جاءه النداء السريع "صف بالدور" فيقف المسكين في الطابور ليسمع في نهاية الأمر إحدى عبارات الكآبة التالية "معاملتك مو عندنا، السستم واقف، المدير ما داوم، الموظفات يتريقون".

     مهازل إدارية ما بعدها مهازل، فاذا نظرنا للمنظومة الإدارية في الكويت لوجدناها فاشلة من كل النواحي، ولوجدنا النظام فيها لا يتمثّل إلا بطوابير الانتظار والتي لم يجني منها المواطن شئ يُذكر. إن النتيجة المتوقعة بل والمؤكدة لطوابير الانتظار هي أن تنتج لدينا طوابير أخرى بمفهوم مختلف، فطابور المراجعين لدى الأسكان نتج عنه وعلى مدى السنوات الماضية طابور الطلبات الاسكانية المتراكمة والتي تجاوز عددها المئة ألف، وطابور العلاج في الخارج هو بالأساس ناتج عن فشل وزارة الصحة في تطوير المستشفيات والتي أصبحت اليوم أقرب إلى المتاحف هذا فضلاً عن عدم ابتعاث المرضى الحقيقين وإرسال بدلاً عنهم المتمارضين أصحاب الواسطات، وطابور طلبة الابتعاث للدراسة بالخارج والذي يصطف عند أبواب التعليم العالي والذي بدوره يغيّر شروط الابتعاث "كل اسبوع" خلق لنا طابور من مزوّري الشهادات "لصوص الوطن" والذين سهّل عليهم عمليات تزوير شهاداتهم طابور الثغرات القانونية والتي سمحت لهؤلاء المزورين إجبار الحكومة على تصديق شهاداتهم الكرتونية مع عجز مشرعي الأمة نواب الفشل من تقديم أي تعديلات تشريعية تغلق هذا الباب، ثم إلى طابور التوظيف والذي يُعتبر أسوأ الطوابير وأكثرها مشاكل، فدمار التركيبة السكانية والبطالة بأنواعها وما يترتب عليها من سلبيات اقتصادية ناتجة من هذا الطابور المشؤوم والذي لا نرى من الحكومة ولا المجلس حلولاً جدية وجذرية له، فسوء التعليم وعدم تنسيق مخرجاته مع متطلبات الوزارات هو السبب الأول لرفض تعيين الخريجين الذين ينتظرون في طوابير التوظيف لسنوات وسنوات ليتم تعيينهم في النهاية بمهن غير متلائمة مع تخصصاتهم الدراسية وهذا ما يجعل الاستعانة بعمالة وافدة هو الحل الأمثل ..

     إنه لمن الخطأ أن أكرر كلمة طابور في المقال بهذا الشكل الذي ربما يكون مملاً، لكنه الواقع الكويتي المؤلم يا أعزائي، المليء بالطوابير، والذي يعكس الفشل الإداري الذي تعاني منه الدولة، إنه فعلاً فشل بكل ما تحمله الكلمة من معنى. بيروقراطية، دورات مستندية خانقة، هيئات إدارية لا يُعرف الهدف الحقيقي منها، إدارات فارغة من مضمونها بينما المضمون الحقيقي أخفتهُ أيدي المتنفذين، جميع مظاهر الفشل والفساد الإداري متوفرة في الكويت ليبقى الإنجاز الذي أراه وحيداً في الإدارات هو ترتيب طوابير المراجعين الذين ينتظرون خيبات الأمل أمام شبابيك الموظفين. فعلى من تقع المسؤولية ؟ لقد سئمنا من الكلام، لقد سئمنا من المناداة ولا حياة لمن ننادي .. ننادي الحكومة! ، ننادي المجلس! ، ننادي المواطنين وندعوهم لحسن الاختيار .. أنت المسؤول يا مصدر السلطات !!

والله ولي التوفيق
عبدالعزيز بومجداد

عدد الزيارات : 2313 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق