> مقالات

معاييرنا .. ومعاييرهم ..

كتب : د. نبيله شهاب |
معاييرنا .. ومعاييرهم ..

لفت نظري كما الكثيرين الكم الهائل من التعليقات السلبية التي تصاحب وجود أنثى جمالها مختلف عن معايير الجمال عند "البعض" ..
‏فزوجة الرئيس الفرنسي كانت وما زالت محط سخرية البعض .. وقبل أيام كانت زوجة الأمير هاري في نفس الموقف وغيرهن الكثيرات ممن قد يكنّ من أجمل الجميلات وأحسنهن في الروح والأخلاق والتعامل الا أن مقاييس الجمال الخارجي مختلفة ..

‏والانحراف في تقدير الاخرين وتقييمهم والحكم عليهم حسب المظهر الخارجي ليس مقصوراً على المشاهير فقط ، بل حتى البسطاء لم ينجوا من هذا السيف المسلول  .. فلو تزوج رجل من فتاة أقل منه جميلاً فإن وصلة الاستهزاء والازدراء تبدأ من أول خطوة تخطوها المسكينة داخل قاعة الزفاف الى مالا نهاية!!
‏والأمثلة الأخرى كثيرة لا حصر لها للأسف ..

‏في المجتمعات الغربية خاصة لا تجد هذه النظرة الموجودة عندنا الا فيما ندر فهم عند اختيارهم لشريك الحياة يختارون من يناسب أرواحهم وقلوبهم ولا ينظرون الى الشكل او العمر كأحد المقاييس المهمة، وحين يختارون ملابسهم مثلاً يختارون ما يناسبهم ويشعرهم بالراحة ويكون مناسباً للمناسبة الاجتماعية وللزمان والمكان مهما كانت قيمته ..

‏البعض منا لا يريد أن يتعلم كيف يكون الرقي الأخلاقي المنصف في وضع المعايير .. فما زواج أفضل الخلق وأحسنهم رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم من أم المؤمنين السيدة خديجة رضي الله عنها الا أهم درس اجتماعي أخلاقي كان من المفروض أن نتعلم منه أن معايير الاختيار يجب أن تكون على أساس الخلق والروح والتقارب والتفاهم والمحبة وليس للعمر ولا الشكل ولا غيره صلة بها مطلقاً ..

‏وللاسف الشديد بدأت المظاهر تزداد وبدأت بعض العلاقات الاجتماعية على هذا الأساس تضعف وتتكسر .. فتلك الفتاة البسيطة في شكلها وملبسها على سبيل المثال قد ينتقدنها صديقاتها أو يلمحن لها أو يخبرنها بقلة جمالها ويجب عليها ان تحسن من شكلها وملبسها وان وان وقد تشعر بنبذهن لها .. وهي لا تريد وقد لا تستطيع أن تغير لا من شكلها ولا من ملبسها .. وعليه تبدأ بالابتعاد عنهن وتتفكك صداقات جميلة كانت لتبقى لو كانت معايير الاختيار صادقة ومنصفة وراقية.. 

‏"معاييرنا" هي إحدى أدوات التعبير عن "مفاهيمنا" وهذه المفاهيم يجب أن تصقل وتهذب منذ الصغر بعد أن تغرس المفاهيم الصحيحة السليمة المبنية على الانسانية والخلق في التعامل مع الآخرين .. وقبل كل شيء يجب أن تكون مخافة الله سبحانه وتعالى هي أساس تعاملنا مع الجميع دون استثناء حتى أنفسنا..
‏وعليه يجب أن نغرس في نفوس أطفالنا وحتى نفوسنا أن الشكل الخارجي هو قشور زائلة .. ويجب ان نهتم بروح الانسان ونفسه وأخلاقه وانسانيته وهي المترسخة والباقية  ..

‏لا يوجد منا من هو كامل ولا حتى أجمل الجميلين .. ولكل منا جميعاً جماله الخاص به .. كم يكون جميلاً ومفرحاً  لو احترمنا بعضنا البعض كما نحن عليه .. وبحثنا عن مواطن الجمال والتميز في الآخرين بدلاً من البحث عن عكس ذلك ..

‏د. نبيله شهاب
‏⁦‪@ns_sunshine4

عدد الزيارات : 3087 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق