> مقالات

الأيمان يمان والحكمة يمانية

كتب : غادة الرفاتي |
 الأيمان يمان والحكمة يمانية


 
بقلم غادة الرفاتي  
 
شيكاغو- الولايات المتحدة الأمريكية  
 
  
 
في عطلتي اليوم الأحد، أحببت أن أقضيه في البيت لأهتم بحديقة منزلي وأروي بالماء بستاني الصغير، فقد زرعت في بداية هذا الصيف حوضا صغيرا من الخضروات من باذنجان وبندوره وبامية وفلفل حار وريحان ونعناع ومن أول اهتماماتي أن أسقي  قوارير الورود الجورية بألوانها الصفراء والحمراء والوردية والبنفسجية ومن عادتي تسمية كل قاروره باسم احد أبنائي مما يعطيني الحماس للاعتناء بقوارير الورد الجوري وعدم الكسل أو تغافلها يوما حتى لو كنت متعبة من طول ساعات العمل وهموم الدنيا وأوجاعها . 
ولن أنسى بالطبع أن امليء ساقية العصافير بالماء ليشرب منها الطيور والسناجب، ولكن أبت أشعة الشمس الذهبية الساطعة إلا أن تكون في أوجها اليوم وكأنها ساخطة تريد إلانتقام فترسل أشعتها بحرارتها العالية وكأنها براكين ملتهبة فوق رؤسنا ... فتناولت  شربة ماء مثلج بشرائح الليمون وأوراق النعنع الطازج لأجلس واتكأ على مقعد واستريح في حديقتي تحت مظلة حمراء بلون قوارير الورد الجوري , ولا ادري كيف ولم ولماذا تذكرت ذاك (المهري) ولكن ربما بسبب الحر الشديد في شيكاغو اليوم خاصة أننا في شهر يوليو والحرارة وصلت ال 35 مئوية مع رطوبة عالية ....ربما ذلك ما جعلني أتذكر "المهري " ( والمهري لمن لا يعرفه هو لقب يطلق على بائع إلاقمشة المتجول وهو عاده من اليمن الشقيق)، يدور بين البيوت والمنازل يلف حاره تلوالحارة وشارع بعد شارع يحمل بكجة خلف ظهره  مناديا بصوت عالي خام خام خام , فتناديه النسوة لتشتري منه بعض قطع من القماش، وكان معروف عنهم حسن الخُلق والأمانة فلا تخاف النساء من مناداته والحديث معه ... ولان طبعه إلامانه والصدق لذا فهو يثق بمن باع لهم ويكون عادة بالدّين دون اللجوء إلى كتابة فاتورة بيع وشراء .... المهري الذي جاء من بلده اليمن إلى بلده الثاني الكويت من أجل لقمه العيش تاركا أهلة وعائلته يدور ويدور بين مناطق ومدن الكويت من شارع إلى شارع في صيف شديد الخرازة وأثار ذلك التعب محفور على وجهه بخطوط عريضة عميقة أبى الزمان أن يُمحيها أما القدمين فالتشقق باد عليهما وكأنها ارض جدباء نسيها المطر لسنوات طوال وغفل عنها ..... كنا نسعد ونفرح عندما نسمع صوته قادما من بعيد خام خام خام فننادي عليه من الشباك أو البلكونه ونشتري منه بعض قطع القماش ....وتذكرت أيضا كيف كان ذلك الماضي السعيد فعلاً سعيد ... اما إلان عندما اتذكر اليمن أو التقي صدفة بشخص من اليمن يطرأ على بالي وخاطري تلك الحرب التي يبدوا عليها عدم إلانتهاء منها إلا بعد أن يُقضى على الأخضر واليابس في بلاد اليمن الذي كان يلقب " باليمن السعيد " هكذا درسنا في كتب التاريخ وفي المدارس عندما نذكر اليمن لابد من ملازمة كلمة السعيد له .... ولكن ربما هذا فقط في الكتب ....فالحرب لا تأتي إلا بالدمار وخلق جيل جديد من أطفال مشردين دون مأوى، هذا طفل يتيم إلاب وربما إلام أيضأ، وذلك طفل قد فقد بعض أطرافة أو نظره، أو اُماً فقدت أبنائها لتعيش بقية حياتها حسره وألم ... انها اليمن يا اخواني التي جاء ذكرها في القرءان ... انها اليمن التي أوصانا بأهله رسول الله .. انها اليمن التي حكمتها بلقيس وذكرها القرآن الكريم  بحكمتها وعدلها وذكائها مع شعبها وكيف حافظت على سلامته من القتل والدمار حين قالت  
(إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ۖ وَكَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ ) 
ولقد رُويَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم أهل اليمن على رسول الله عليه الصلاة و السلام في المدينة قال رافعا صوته  : الله أكبر الله أكبر جاء نصر الله و جاء فتح الله و جاء أهل اليمن فقال بعض الصحابة : و ما أهل اليمن ؟! فقال صلى الله عليه وسلم : قوم نقية قلوبهم و لينة طباعهم ... الإيمان يمّان والحكمة يمانية هم مني و أنا منهم و هو شرف و الله عظيم . وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: إذا مر ّ بكم أهل اليمن يسوقون نساءهم ويحملون أبناءهم على عواتقهم فإنهم مني وأنا منهم" ... هكذا وصانا رسول الله بأهل اليمن ... اما آن الأوان لكل من يقول لا اله إلا الله أن يدعوا بالأمن والسلام ووقف الحرب والعدوان على أهلنا في اليمن فوالله أن هدم الكعبة عند الله أهون من قتل وسفك دم مسلم .... فكيف بشعب كامل يُشرد ويباد ....دعوا الخلق للخالق فهو من يحاسب كل منا على دينه ومعتقداته ...  
اللهم احمي أهل اليمن واحمي دمائهم وا طفالهم ونسائهم وشيوخهم ووحدهم لرفعة ونصره دينك ...ليعود كما درسنا في تاريخنا بلاد اليمن السعيد ...
 

عدد الزيارات : 2826 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق