> مقالات

حرفية ودقة بوب وودورد ...وعنتريات زهران الدونكوشوتية... ليما الملا

كتب : ليما الملا |
حرفية ودقة بوب وودورد ...وعنتريات زهران الدونكوشوتية...  ليما الملا


في الأيام القليلة الماضية انشغل العالم بكتاب ( خوف ) للصحافي الامريكي الشهير بوب وودورد الذي تناول حالة الفوضى التي يعيشها البيت الابيض وساكنه الاول دونالد ترمب،  ورغم محاولات البيت الابيض التقليل من مصداقية كتاب وودورد - احد من فضحوا قضية ووترغيت التي اجبرت الرئيس ريتشارد نيكسون على الإستقالة من رئاسة امريكا - الا ان الصحافي المخضرم رد بكل حرفية مفيداً ان كل ما ذكر في الكتاب مدعوماً باكثر من ثمانية مصادر بالإضافة الى قيامه بتسجيل كل من قابلهم من أجل الكتاب ولدية عشرات الساعات من الاشرطة لإثبات ذلك،  ليقطع الطريق أمام إدارة ترمب في تعاملها مع الكتاب من هجوم على مصداقيته الى دفاع عن الفساد المتفشي في المكتب البيضاوي والغرف الاخرى في البيت الأبيض. فلولا حرفية وودورد في تعامله مع مهنته واعتماده أهم قواعد واسس العمل الصحافي وهي الإرتكاز على مصدرين في أي خبر  لما خرج الكتاب بهذ الشكل، إلا ان وودورد تخطى السقف باعتماده ثمانية مصادر كتأكيد وتعزيز لمصداقية ما يكتب بالاضافة الى المستندات التي لا حصرلها.
وفي عالمنا العربي فان أسس وقواعد العمل الصحافي تختلف تماما ًعن المتعارف عليه دولياً ...ففي عالمنا العربي كل ما على الصحافي عمله ارتداء بدلة انيقة،  والتحدث بأسلوب لبق وسريع  مصحوباً ببعض أبيات الشعر  والحوادث التاريخية التي تجير لصالح فكر هذا الصحافي لكي يكسب مصداقية عند الناس،  اما مسألة المصادر وضرورة وجود اكثر من مصدر للخبر ناهيك عن المصداقية فكلها أمور ثانوية وجانبية لأنها في نهاية الأمر لا تخدم ظهوره امام الشاشة ولحظات المجد التي يمر بها ليكسب شهرة يرضى بها نرجسيته وغروره ضارباً في الوقت نفسه بعرض الحائط الذين اصابتهم شظاياه غير المسئولة..
هذا الامر ينطبق على سالم زهران الذي ظهر مؤخراً في إحدى القنوات اللبنانية متحدثاً بلغة دونكويشوتيه عن حادثة أقرب ما تكون للخيال مستنداً فيها على مصدر واحد وذلك بحد ذاته كفيلاً لعدم تصديق ما ذكره، ولكن في حقيقة الأمر ان زهران وهو منطلقاً أمام شاشة التلفزة بكل قوة وعنتريه ليزيد من توريم ذاته ومرضياً نرجسيته، تغافل عن اهم حقيقة فاتته ان ما ذكره  وقع في الولايات المتحدة ..وفي البيت الابيض الذي فيه تسريبات الان تجعله يبدو كانه بدون ابواب او نوافذ ... وقصة مثل التي ذكرها زهران لا بد من صحف مثل الواشنطن بوست او النيويورك تايمز المتربصان بترمب وادارته ان حصلا عليها ومن اكثر من مصدر، وفي حال حدوث ذلك سيتم نشرها لكي تخدم مصالحهما الليبرالية لإثبات غطرسة ترمب وعدم صلاحيته لقيادة الامور في واشنطن. كذلك تغافل زهران وجود الصين الطرف الثالث في قصته...فهل يعقل ان تقوم الكويت بالغاء اتفاقية تاريخية مع الصين في اقل من 24 ساعة وتقوم يتوقيع إتفاقية مشابهه مع الولايات المتحدة دون أن نسمع أي إحتجاج من بكين !!!!!...
الا يدرك زهران ان هناك حرباً اقتصاديه بين الولايات المتحدة والصين على التعرفة الجمركية وحادثة مثل الذي ذكرها  لا تلامس الحقيقة لان جميع المستشارين الاقتصاديين حول ترمب ينصحونه بالتقارب مع الصين لأسباب سياسية أبرزها تأثيرها على كوريا الشمالية وايران واقتصادية بسبب حجم  السوق الصينية عالمياً...
اتمنى من زهران وغيره من الصحفيين العرب ان ينظروا الى بوب وودورد وطريقة عمله كصحفي وان يتعلموا منه كيفية مخاطبة الرأي العالم وطريقة حصوله على الأخبار وطرحه الهادئ للأمور التي تخدم مصلحة الولايات المتحدة وليس مصلحة بوب وودورد الذاتية،  ولعل الأهم ان ينتقوا مفرادتهم حتى لا يقعوا في اخطائهم اثناء اندفاعهم امام الشاشات واطلاقهم التصريحات الدونكيشوتية ...
 ليما الملا

عدد الزيارات : 2454 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق