> مقالات

لم يبقى الإسلام إلا بشهادة الحسين

كتب : عبدالعزيز بومجداد |
لم يبقى الإسلام إلا بشهادة الحسين

إننا كمسلمين .. نقرأ عن الشخصيات التاريخية بهدف التعلم، ولكننا لا نقتدي إلا بالشخصيات الاسلامية ومن هذه الشخصيات بل وأبرزها هي شخصية الإمام الحسين بن علي سلام الله عليهما، ولكي نقتدي به بشكل صحيح لابد لنا أن نعرف حقيقة نهضته والهدف منها ولا نكتفي بإحياء الذكرى لمجرد إحيائها، وفي هذه السطور القليلة لا أريد أن أتكلم من منطلق العاطفة بل أريد أن أركز على الجانب الواقعي لنهضة الحسين "ع" وأوضح السبب الذي دفعه لعدم المهادنة مع السلطة الباغية كما فعل أخوه الإمام الحسن عليه السلام. يقارن الكثيرين بين موقف الامام الحسن وموقف الامام الحسين عليهما السلام دون مراعاة لاختلاف الظروف السياسية والاحكام الشرعية وأيضاً بسبب عدم معرفتهم الحسين "ع" حق معرفته، فالأكيد أن الحسين "ع" سبط رسول الله صلى الله عليه وآله وسيد شباب أهل الجنة وهو أعلم بكيفية تقدير الأمور السياسية فضلاً عن إنه العالِم بشؤون دين جده رسول الله صلى الله عليه وآله، وهذا ما يؤكد بالتبعيه جهل من اتهمه بعدم معرفة تلك الأحكام الشرعية مما دفعه للخروج على الحاكم الشرعي، على حد زعمهم !!! 

في الحقيقة أن نهضة الحسين "ع" جاءت وفق سلسلة أحداث مترابطة، وسنأخذ على سبيل المقارنة ما جرى مع الإمام الحسن "ع" والصلح الذي أقامه مع معاوية، وإن موقف الحسين "ع" جاء مختلفاً عن موقف أخاه بسبب الظروف السياسية، فما تعرض له الحسين "ع" لم يتعرض له الحسن "ع" الذي كانت الخيارات متاحة أمامه، فبالرغم من قلة الناصرين لكل من الحسن والحسين عليهما السلام إلا أن الحسن "ع" لم يُرغم على مبايعة معاوية وهذا ما ساعده على أن يسير في الطريق الذي سار عليه أبوه وجده وهو الصلح للحفاظ على الاسلام وحقن دماء المسلمين كما حصل في صلح الحديبية "مثلاً"، فشروط صلح الحديبية كانت أغلبها في صالح قريش ومع ذلك لم يعتبر النبي الأكرم هذا الأمر مذلاً للمسلمين بل أخذ بعين الاعتبار حقن الدماء وأراد توجيه رسالة للعالم مضمونها أن الإسلام هو دين السلام وليس دين السيوف، والملاحظ هنا أن وجه الشبه بين صلح النبي "ص" وصلح الحسن "ع" هو أنهما لم يُجبرا على مبايعة من لا يملك الشرعية الدينية فكان أسهل عليهما أن يقدما بعض التنازلات على أن يسلّا سيوفهما فتراق الدماء، وهنا يجب أن يكون كل شخص مطّلعاً على تفاصيل صلح الامام الحسن "ع" الذي لم يكن مجبراً على البيعة بل إنه قد طوّق رقبة معاوية بهذا الصلح وهذا ما دفع معاوية للتملّص من بنود المصالحة فيما بعد .. أما ما جرى على الحسين "ع" روحي له الفداء كان مختلف تماماً، فقد كان مجبراً على الاختيار بين مبايعة يزيد وبين حمل السلاح .. فاختار السلة على الذلة ...

 لقد حاولت السلطة الباغية أن ترغم الحسين "ع" على المبايعة، فحاول بشتى الطرق أن يرفضها دون اللجوء لحمل السلاح، بل طلب من القوم أن يسمحوا له بالهجرة، ولكنهم إصروا على انتزاع البيعة منه، فيزيد لم يكن ليشعر بأنه الحاكم الشرعي إلا ببيعة ابن رسول الله وهذا ما لم يكن الحسين "ع" سيقبله مهما كلف الأمر لأنه كان يؤمن بأنه ببيعته ليزيد سيعطي الشرعية لمن لا يستحقها وهذا ما سيضيّع الإسلام، فاضطر عليه السلام لحمل السلاح بعد أن تعنتت السلطة معه فكان أهون عليه أن يموت في سبيل الله على أن يبايع أمثال يزيد، من هنا ندرك أن التنازلات التي قدمها الإمام الحسن لم تتجاوز الخطوط الحمراء بينما في قضية الإمام الحسين تجاوزتها بل وكانت ستقضي على ما تبقى من دين محمد "ص". هكذا هم آل محمد، قدموا التضحيات لا من أجل سلطة ولا من أجل كرسي ولا جاه ولا مال، بل قدموا التضحيات من أجل دين الله، واختلفت تضحياتهم على حسب زمان كل منهم، فهم أعرف بإدارة الأمور والتعامل مع الأحداث ولا يُتوقع أن يكون بينهم من أخطأ في أمر معين .. فسِلمهم حق وحربهم حق وسكوتهم حق وكلامهم حق، ونحن نتعلم منهم الحق. 

السلام على الحسين 
وعلى علي بن الحسين
 وعلى أولاد الحسين
 وعلى أصحاب الحسين 
عبدالعزيز ابو مجداد

عدد الزيارات : 1878 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق