> مقالات

"اللحية .. العمامة ،، والسياسة "

كتب : خليل العريان |

في حقبة زمنية ماضية كانت أوروبا عبارة عن دولة مسيحية واحدة يحكمها البابا من الناحية الدينية والإمبراطور للأمور الدنيوية، وكما يشير التاريخ فإن الفرد لم يكن له أي أهمية بل مجرد تابع، ولم تكن لديه فرصة لممارسة أي نشاط ولا إبراز شخصيته المستقلة أو حرية الرأي بقضية معينة إلا للفرد المنتمي للكنيسة أو النقابة، ولكن عندما حدث الإنهيار السياسي للإمبراطورية بدأت الدول القومية في الظهور، إستطاعت أوربا التقدم وبناء دولها وتحقيق التنمية لشعوبها من خلال نزع ثوب الدين عن السياسة ومنح حرية التعبير لجميع الأفراد دون النظر لإنتماءاتهم.
هكذا كان الوضع في أوربا وفي الكويت ومنذ الثمانينات تغير الوضع السياسي فيها ليرتدي الكثيرين من الساسة العباءة ويضعون العمامة ويطلقون اللحى ، علماً بأن الكويت دولة مدنية غالبية مواطنيها دينهم الإسلام ولكنهم مختلفي المذاهب، والدولة المدنية التي وضعنا الدستور الكويتي الشامخ لها، لم يكن هدفنا الرئيسي منح أصحاب اللحي والعمائم المناصب والأموال .. وعليه يجب البدء بمنع جميع جمعيات النفع العام بالقانون من القيام بأي دور سياسي فجمعية هدفها مساعدة الفقراء والمحتاجين كيف يكون لها مرشحين في إنتخابات الجمعيات التعاونية والأندية الرياضية وفي إنتخابات مجلس الأمة، هل الأموال منحت للجمعيات لأعمال الخير أم لأهداف وتكسبات سياسة .. من الواضح أن إنتشار البغض والكراهية والفئوية كان بسبب فقد بعض أهل الدين للبوصلة وإقتحامهم المعترك السياسي، فمن الطبيعي أن تكون إمام مسجد ودكتور في الشريعة وصاحب حسينية ولكن من غير المعقول أن يكون الغرض من ذلك هو جمع الأصوات للإنتخابات، فعندما يتحدث رجل دين عن قضية سياسية معينة سوف يخالفه البعض فهي قضية دنيوية وقد يترتب عليه إنتشار البغض لتلك العمامة أو اللحيه بسبب ذلك الرأي والعكس صحيح، ونشاهد كيف هو الحال اليوم من كراهيه بين أبناء الكويت لبعض المتدينين بإختلاف إنتماءاتهم بسبب مواقفهم السياسية .. أعزائي جميع أهل الكويت على قدر من المسئولية الوطنية وبعد تجربتنا الديمقراطية أجد بأن دخول الإسلاميين السياسة لم يعالج مشكلة الإسكان والصحه والتعليم، بل زاد المجتمع فرقة وإنقسام فالمرشح المعمم من سابع المستحيلات أن يتبني قضية تصب في مصلحة الطرف الآخر كما أن العضو الملتحي لن يسعى لفتح مسجد لفئة مخالفة لعقيدته، ولا ننسى أن بعض الكويتين من الدين المسيحي ولديهم طلبات لن يتبناها أهل العمائم واللحى ولذلك أجد الأعضاء من أصحاب التوجهات الوطنية أكثر قدرة على تمثيل المجتمع الكويتي بجميع فئاته، ومتى ما إستطعنا أن ننزع الفئوية والطائفية من قلوبنا وأبعدنا رجال الدين عن كراسي البرلمان سنحظى بإستقرار وأمن لهذا الوطن وفي الختام ليكون شعارنا القادم .. لا لحية ولا عمامة في مجلس الامة ..

عدد الزيارات : 1635 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق