بعض الأخطاء قاتلة

نسمع كثيراً أن أحدهم قد دخل للمستشفي على رجليه وخرج جثة هامدة أو ذهب لإستئصال اللوزتين وأصيب بسكتة قلبية هذا ما يتناقله الكثيرون في شتى أنحاء العالم وليس في دولة الكويت فقط، ففي الولايات المتحدة وعلى الرغم من تطورها الهائل في المجال الطبي إلا أن الكثير من الأخطاء الطبية القاتلة تحدث بها، فهناك ١٨ مريض ينسى الأطباء بعض الأدوات في بطونهم لكل ألف عملية يجرونها في الولايات المتحدة. 

ويعلم الجميع أن مهنة الطب تعتبر من المهن الإنسانية والتي لا تحتمل الخطأ، لأنَّ الطبيب يتعامل فيها مع جسد الإنسان وحياته، فأيّ خطأ قد يقتل إنساناً أو يحرمه من وظيفة أحد أعضائه، وقد يتسبب ذلك الخطأ بآثار يعاني منها المريض طوال حياته.

إن الأخطاء الطبية متوقعة وتشير الإحصائيات أنَّ الغالبية العظمى من الاخطاء تحدث نتيجة إهمال الطبيب لمتابعة حالة المريض بعد العملية أو قلة خبرته أو ربما عدم منحه الجرعات المناسبة من الأدوية أو بسبب خطأ في التشخيص أو تقديم العلاج الغير مناسب، بالإضافة الى عدم إفصاح المريض عن بعض الأمراض الثانوية التي يعاني منها لتحدث إنتكاسة غير متوقعة له، ولا يخفى عليكم أن ضغط العمل وكثرة أعداد المرضى الذين يستقبلهم الأطباء يومياً يرفع من معدلات الأخطاء الطبية المتوقعة، ولا ننسي دور الهيئة التمريضية ومستوى تدريبها وكفائتها يساعد بشكل مباشر بوقوع بعض الأخطاء القاتلة.

ومن الخطأ أن تكون وزارة الصحة هي الحكم والخصم في هذه المسألة فهي جهة تراقب نفسها، وتراقب من ينافسونها من القطاع الخاص، بل المطلوب إنشاء "جهة رقابية أو هيئة مستقلة" تراقب أداء المستشفيات سواء في القطاع الحكومي أو الخاص بالإضافة الى المستوصفات والمراكز الطبية والعيادات الخاصة ويكون دور تلك الجهة المتابعة والتدقيق على الإجراءات المتبعة فيها مثل ديوان المحاسبة ويتم تشكيلها من الأطباء والإستشاريين الذين تقاعدوا أو المتفرغين بشرط أن لا يكون لديهم أي نشاط أو مصلحة مع تلك الجهات، وتقوم الهيئة بدور رقابي يشمل كل شيء بما في ذلك نوعية العمليات ومدى أهميتها للمريض وخصوصاً في القطاع الخاص والذي وللأسف تحول الى قطاع تجاري، ويقوم المسئولين في تلك الهيئة بكتابة التقارير الدورية عن أداء المستشفيات العامة والخاصة وتقيمها وتتبع تلك الهيئة أما مجلس الأمة مباشرة أو معالى سمو رئيس مجلس الوزراء، ويكون من واجبها وضع آلية للإبلاغ عن الأخطاء الطبية القاتلة التي يقع فيها الاطباء بشفافية مطلقة، ويتم فرض عقوبات رادعة وتشهير بالأطباء والمستشفيات التي تحدث فيها الأخطاء الطبية .. فالأرواح ليست لعبة والبشر ليسوا محطة للتجارب ..