> مقالات

"فخ المديونيات الصعبة"

كتب : خليل العريان |

بعد إنهيار سوق الأسهم في كارثة إقتصادية عرفها التاريخ الكويتي وأُطلق عليها "ازمة المناخ" جاء الغزو العراقي في العام 1990 ليكونان السبب في خسارة بعض التجار من المواطنين لأموالهم وقدر عددهم في ذلك الحين ب 11766 مواطن وقدرت مديونياتهم ب 20 مليار دولار ليقوم البنك المركزي في العام 1992 بشرائها وإصدار سندات ب 18 مليار دولار تحملت البنوك الكويتية ومساهميها خسارة الفرق.

ثم جاء مجلس الأمة الكويتي في العام 1993 ليسقط في "فخ المديونيات الصعبة" من منطلق "أن المجلس سيد قراراته " في جلسة دراماتيكية تاريخية يتذكرها الكثيرين، وأصدر قانون المديونيات الصعبة رقم 93/41 ذلك القانون الذي منح المدينين ممن تعثروا بسداد قروضهم تسهيلات حيث طالبهم القانون بسداد 46 % فقط من المبالغ المستحقة عليهم وتتحمل الدولة الباقي وبسبب تقاعس البعض أو عدم مقدرتهم على السداد طرأ على ذلك القانون ثلاث تعديلات كان الأول 94/102 الذي منح مهلة 7 شهور للراغبين في الإنظمام للمديونيات الصعبة من جديد، والثاني كان رقم 95/80 والذي بموجبه أعاد جدولة السداد الفوري الى خمسة اقساط جديدة، والثالث رقم 98/63 وفيه تم تأجيل سداد القسط الرابع لمدة عام، ومن الملاحظ من التعديلات أنها منحت أصحاب المديونيات الصعبه الوقت الكافي، فهي أزمة بدأت في العام 1982 واستمرت قرابة 18 سنة لغاية سنة 2000.
وللعلم فقط فلقد قام 8500 مواطن تقريبا تقدر نسبتهم ب 72% بسداد ديونهم فوراً حسب ما نص عليه القانون، لينظم لهم البقية بعد ذلك تباعاً مستفيدين من التعديلات وفترات السماح الطويلة التي أتاحها القانون وتعديلاته حتى نهاية العام 2000 ليتبقى بعد ذلك فقط 800 شخص تقريباً من أصحاب المديونيات نسبتهم فقط 7 % ولكنهم هم أصحاب المبالغ الضخمة لم يلتزموا بالسداد.  

وخلال السنوات الطويلة الماضية لمسيرة المديونيات الصعبة تحدث الكثيرون من المؤيدين لهذا القانون بأنه قد جاء من أجل المحافظة على الإقتصاد الكويتي من الإنهيار والمحافظة على التماسك الإجتماعي والأسري للكثير من المتضررين سواء من أزمة المناخ أو الغزو العراقي الغاشم من التجار، ولكن ذلك ماضي نتفهمه واليوم نجد أن اللجنة التشريعية في مجلس الأمة تقوم بفتح صفحة سوداء عن تعديلات جديدة تتنازل بها الحكومة عن مليارات من الدنانير رغم الظروف الإقتصادية التي تمر بها الدولة من إنخفاض أسعار البترول وإيرادات الدولة ومطالبات بجعل المواطن شريك في تحمل المسئولية وصدرت قرارات حاسمة أدت الى رفع الدعم عن المشتقات البترولية، ولكن بعض أعضاء مجلس الأمة للأسف يغردون خارج السرب ولا توجد لديهم معرفة بما هي أوليات المواطنين، ومجرد طرح هذا الموضوع في المجلس للمناقشة والتصويت عليه هو ضياع للوقت وإشغال الشارع الكويتي بمواضيع ليست ذو أهمية ونحن في غنى عنها، واليوم من الشجاعه أن يتراجع الأعضاء في اللجنة التشريعية عن ذلك المقترح وسحبه فوراً وعدم عرضه على المجلس، وأتمنى أن لا يتكرر سيناريو مجلس 1993 فالكويت دولة مدنية والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي وليس وحيد للتشريع والمديونيات الصعبه قصة طويلة مشابهة لقصة إسقاط القروض، وما ينطبق على المديونيات ينطبق على القروض .. وجاء الوقت لإسدال الستار على هذه القضية .

عدد الزيارات : 16137 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق