وترجّل فارس الحكمة ..

بدأ مشواره السياسي عندما نجح لأوّل مرة في إنتخابات مجلس الأمة الكويتي ممثلاً عن أبناء الدائرة الثانية وكانت الكويت مقسمة الى 10 دوائر إنتخابية في ذلك الحين، ونال ثقة أبناء الدائرة بعد ذلك مراراً وتكراراً وإستمر كعضو مجلس أُمة ثم رئيسًا  لها بالانتخاب أو التزكية منذ عام 1999 الى أن إعتزل العمل السياسي في العام 2012.

كان للمغفور له السيد جاسم محمد الخرافي رئيس مجلس الأمة الأسبق الدور الإيجابي الذي سيذكره ويخلده التاريخ في العديد من المواقف السياسية من إستجوابات وأزمات واجهتها الكويت أثناء عضويته في مجلس الأمة أو رئاسته لها، ولقد شارك بإيجابية وفاعلية وحكمة بتجاوز منعطف أزمة الحكم من خلال رئاسته وقيادته لبيت الشعب أثناء تلك الأزمة ليسجل التاريخ بأحرف من نور تلاحم الشعب وأسرة الحكم من جديد وحفاظها على مواد وبنود الدستور الكويتي الشامخ والإلتزام بمواده، كما نذكر أيضاً موقفه أثناء أزمة التأبين والتي كادت أن تعصف بالوحدة الوطنية وتعرض خلالها النسيج الإجتماعي لشرخ كبير وخطر التمزق والتفكك، لولا حكمته والتي إستطاع بها نزع فتيل الأزمة من خلال قيادته الحكيمة لمجلس الأمة عندما رفض أن تتطرق الجلسة آنذاك إلى التداعيات التي أثارها تأبين "عماد مغنية" فقطع الطريق على الفتنة وفوّت الفرصة على من يضمر للكويت شراً ونجحت جهود الرئيس الخرافي معطوفةً على تحرك عدد من النواب وقال كلمته في ذلك اليوم "لن اسمح لأي كان بالخروج عن جدول الأعمال وسألتزم باللائحة وعلينا أن نحرص على هذا الوطن، فلا يعيبنا أن نختلف، ولكن يعيبنا أن نجعل المجال لمن يريد الفتنة لهذا البلد أن يتمكن من ذلك".

وبعيداً عن السياسة فالمرحوم تقلد العديد من المناصب المختلفة وعضوية عدد من مجالس إدارات الشركات كما إنه مؤسس وعضو في عدد من جمعيات النفع العام الأهلية والعربية والعالمية ومساهم فعال في منظمات العمل الخيري، والقليل يتذكر أنه تقدم في مجلس الأمة الكويتي في العام 1981 بمشروع قانون لجمع وتوزيع أموال الزكاة على المحتاجين والنائب مشاري العنجري تقدم كذلك بإقتراح مشابه لتقوم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدمج الإقتراحين معاً وبعد موافقة مجلس الأمة على ذلك أُنشأ بيت الزكاة الكويتي .. كما كان للمغفور له الكثير من المساهمات بأعمال الخير وتوزيع المعونات على الأسر المتعففه وتشجيع حفظة القرآن الكريم وطلبة العلم وغيرها من الأعمال التي نعجز عن ذكرها وحصرها .. 

واليوم بكل الأسى والحزن والألم "ترجل فارس الحكمة" من صهوة جواده ليرحل الى جوار ربه فذلك قضاء الله وقدره والذي نؤمن به، ونسأل الله عزّ وجل أن يغفر له ويرحمه وأن يرحم جميع المسلمين الأحياء منهم والأموات وأن يلهم أهله الصبر والسلوان ..