> مقالات

دولة .. و ميزانية .. و الكرة الأرضية !


دولة .. و ميزانية .. و الكرة الأرضية !

 لا يكاد يمر علينا يوم إلا و نسمع خبراً عن قيام الكويت بالتبرع لإحدى الدول أو اقراضها "قرضاً حسناً" ، بسبب أو بدون سبب ، فالكثير من المساعدات و القروض التي تمنحها الكويت للخارج ليست بسبب كوارث طبيعية حلت بتلك الدول ، وهنا ينتفي "نسبياً" أول سبب من أسباب الدعم الخارجي وهو "الكوارث الطبيعية" ، أما السبب الثاني من أسباب الدعم الخارجي هو الدعم لأسباب "تجارية" ، وهذا السبب ليس له أي أثر على أرض الواقع ، فأغلب الدول التي تدعمها الكويت لا يرتجى منها أي مردود مادي على الدولة ، بيد أن الدولة لم تقرضهم لسبب تجاري أصلاً ؟؟

 أما السبب الثالث و الأخير للدعم الخارجي هو السبب "السياسي" ولا يتصور أبداً أن تتبناه أو تعمل به دولة صغيرة كالكويت ، حتى وإن كان أثرها كبيراً في المنطقة و العالم ، فهذا النوع من الدعم تختص به الدول العظمى التي تؤثر كثيراً و تتأثر قليلاً ، مثال : الدعم الذي قدمته أميركا لدول قارة أميركا الجنوبية و أفريقيا و آسيا تصدياً منها للمد الشيوعي ، والذي قابله الاتحاد السوفييتي بدعم الدول التي تطبق نظامه الإشتراكي ، وكان هذا بعد الحرب العالمية الثانية حيث انقسم العالم إلى معسكرين يتنافسان على قيادة العالم و هما المعسكر السوفييتي و الآخر الأميركي .

        مع كل هذا . لا أعتقد أن هناك من يعارض أعمال الخير من تبرعات و اقراض للدول المحتاجة، خاصة دول المسلمين ، إنما الإعتراض الحقيقي محله عدم رفع مستوى الدولة من منشآت و مباني و شوارع ، و عدم رفع مستوى المواطنين المعيشي مع هذه الوفرة المالية ، و بدون ذكر أسماء : كم دولة بنت لها الكويت شوارع ؟ و كم دولة بنت لها الكويت المدارس الجديدة ؟ و كم دولة بنت لها الكويت المستشفيات الجديدة المجهزة بالكامل ؟ و كم دولة بنت لها الكويت وحدات و مجمعات سكنية ؟ ، في حين شوارعنا مهترئة و جسورنا مؤقتة و لا تستوعب عدد سيارات المواطنين، غير ذلك تطاير الحصى و الحفر الجميلة التي تجبر كل مواطن على تبديل اطارات سيارته كل شهرين او ثلاث و "مصيبة" الوافدين و الاختناقات المرورية التي رفعت نسبة الحوادث ، و مدارسنا بعضها آيل للسقوط والبعض الاخر بدون تكييف و أخرى بدون برادات ماء ، غير ذلك بعض المدرسين الذين لا يقومون بالشرح الوافي في الفصل في سبيل أن يطلب منه الطلبة دروساً خصوصية والتي تسمح بها الحكومة وهذا عبئ آخر توقعه الحكومة على عاتق المواطن ، و مستشفياتنا مهترئة و قديمة و هي أقرب لأن تحول لمتاحف تاريخية و العلاج بها يزيد المريض مرضاً ، مما يدفع المواطن للذهاب للمستشفيات الخاصة باحثاً عن العلاج الجيد وهذا عبئ آخر ، و طلبات الاسكان لدينا تجاوزت المئة ألف طلب و كل صاحب طلب ينتظر "رحمة" الحكومة ما لا يقل عن خمسة عشر عاماً يحصل خلالها على 150 دينار بدلاً للاجار و يدفع لصاحب العقار أكثر من الـ500 دينار ، وبعد كل هذه الأعباء و المشاكل الداخلية التي يواجهها المواطن بسبب أخطاء حكومية ، كيف لا يعترض على التبرعات و القروض الحسنة التي تقدمها الدولة للخارج ؟ فهذا المواطن يعيش في دولة لديها ميزانية كبيرة توزعها على الكرة الأرضية دون أدنى محاولة منها لرفع مستوى منشآتها و معيشة مواطنيها .
و هذا ما يتمناه كل كويتي

والله ولي التوفيق


عدد الزيارات : 1812 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق