> اقتصاد

تدهور الليرة التركية ومرحلة الغموض في الاقتصاد التركي


تدهور الليرة التركية ومرحلة الغموض في الاقتصاد التركي

بعد سنوات من النمو السريع بدأ الاقتصاد التركي في التباطؤ بشكل ملحوظ بسبب الاضطرابات السياسية في الداخل والصراع على الحدود السورية والعراقية وما أسفرت عنه من تراجع الاستثمارات.
وكان لهذا تأثير مباشر على الليرة التركية التي واصلت تدهورها لتسجل مستويات متدنية جديدة ما جعل من عام 2015 "عاما ضائعا" اقتصاديا بالنسبة للأتراك كما يقول المحلل الاقتصادي سدات يلماز.
 
 
 
وقال يلماز إن الثقة بالليرة انخفضت بشدة بسبب التوتر الأمني السائد في البلاد منذ أكثر من شهر على ضوء الصراع الدائر بين الجيش التركي وحزب العمال الكردستاني في المناطق الجنوبية الشرقية التركية.
وبحسب يلماز فإن قيمة الليرة التركية تشهد "تدهورا مخيفا" للغاية أمام العملات الأجنبية موضحا ان سعر صرف الدولار تخطى 03ر3 ليرة تركية اليوم ليحطم مجددا رقما قياسيا بعدما زاد بنسبة 35 في المائة منذ سبتمبر 2014 حتى الآن وبنسبة 30 في المائة منذ مطلع 2015 حتى الآن.
وأعاد تهاوي قيمة الليرة التركية إلى هذا الحد أمام الدولار إلى الأذهان الأحداث التي شهدتها تركيا إبان الأزمة الاقتصادية في عام 2001 حيث أدت زيادة قيمة الدولار إلى تضاعف ديون الشركات التي تقوم بتوفير التمويلات المالية من خارج البلاد وبدأت الزيادة التي طرأت على سعر صرف الدولار تنعكس على السلع والبضائع الاستهلاكية في البلاد.
 
 
 
ويواجه الاقتصاد التركي مخاطر عدم الاستقرار السياسي طويل الأجل حيث أكد وزير المالية التركي محمد شميشك أمس أن الاقتصاد ينمو على الأرجح بنسبة ثلاثة في المائة العام الجاري لكنه حذر من أن غموض الوضع السياسي لفترة طويلة قد يضعف أوضاع المالية العامة التي تمثل حاليا عامل حماية من الصدمات الاقتصادية.
وواصل سعر صرف الليرة التركية تراجعه مسجلا مستويات تاريخية أمام الدولار واليورو على الرغم من تدخل عاجل وواسع للبنك المركزي من أجل مساندة العملة المحلية في أسواق الصرف وذلك لأول مرة منذ عام 2012 إلا أن سعر صرف الليرة واصل الهبوط في تداولات اليوم ليهوي إلى ما دون 03ر3 مقابل الدولار الأمريكي فيما يواصل أبرز مؤشر في بورصة اسطنبول هو الاخر تراجعه.
 
 
 
وتشعر حكومة رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو بخطر سحب استثمارات من اقتصادها في حال استمرت تفاعلات قضية استمرار هجمات حزب العمال الكردستاني ضد الجنود الأتراك خاصة مع قرب حلول موعد الانتخابات المبكرة المقررة مطلع نوفمبر المقبل والتي ستمثل اختبارا لشعبية حزب العدالة والتنمية الحاكم.
ومر الاقتصاد التركي بعملية تحول كبيرة طوال العقد الماضي منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة وانعكس هذا التحول على الناتج المحلي الإجمالي للبلاد ومعدل دخل الفرد وعلى أجواء الاستثمار حيث أصبحت تركيا في المرتبة ال16 في ترتيب أكبر الاقتصادات على المستوى العالمي والسادسة على المستوى الأوروبي وبذلك تضيق الفجوة لأول مرة بهذه النسبة بين معدلات التنمية التركية ومعدلات التنمية الأوروبية.
 
 
 
وانعكس الأداء الجيد للاقتصاد التركي على انخفاض معدلات الفائدة والتضخم بشكل سريع كما حقق انخفاضا في عجز الموازنة وزيادة الإنتاجية وزيادة التجارة الخارجية وقامت الحكومة بإصدار قوانين مختلفة من أجل تنشيط حركة الثروات والأموال في نهاية سنة 2008 وحقق ذلك دعما ماليا يقدر بنحو 15 مليار دولار انعكس بشكل إيجابي على أسعار الفائدة كما عملت الحكومة بشكل فاعل على تطوير أدواتها الاقتصادية غير الربوية (الإسلامية التي تعمل خارج نظام الفائدة) من أجل الاستفادة من مصادر أموال المؤسسات التي تعمل وفق هذا النظام.
 
 
 
ومع أن أسس الاقتصاد التركي مازالت قوية لكن المخاوف تزداد مع استمرار تراجع سعر الليرة إذ ان استمرار تراجع الاقتصاد ربما يؤثر بشكل طفيف على شعبية حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المبكرة المقبلة خاصة أن قدرا كبيرا من شعبيته يعود إلى تحسين الوضع الاقتصادي لتركيا ما انعكس على مستوى المعيشة للأتراك الذي ارتفع بمعدل 40 في المائة في 13 عاما.
ويعاني المشهد السياسي التركي حالة من الضبابية أفرزتها الانتخابات البرلمانية الأخيرة في السابع من يونيو الماضي حيث فشل حزب العدالة والتنمية في الحصول على الأغلبية البرلمانية لتشكيل الحكومة بمفرده أعقب ذلك فشل الأحزاب السياسية الأربعة في تشكيل حكومة ائتلافية ما استدعى الدعوة إلى انتخابات مبكرة سيتم عقدها في مطلع نوفمبر القادم.

عدد الزيارات : 1788 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق