> مقالات

د.أميرة الحسن تكتب "اعادة تدوير النفايات الفكرية"

كتب : د.اميره الحسن |
د.أميرة الحسن تكتب

 
في ظل الظروف المتناقضة المحيطة بنا من حروب داخلية وخارجية وجرائم ضد الأفراد في المجتمع هنا وهناك، تتسلل ذكرى غزو الجيش العراقي للكويت بايعاز من رئيس العراق حينئذ صدام حسين. ولأن هذه الذكرى تصادف حرق مستوطنين يهود لمنزل عائلة فلسطينية في نابلس نتج عنها احتراق الرضيع حتى الموت، وتصادف كذلك موت السوريين بواسطة براميل الموت التي تُقذف عليهم من دون رحمة، وتشريد ما يفوق الأربع ملايين سوري خارج دولتهم، واصطدام اليمنيين مع بعضهم البعض في حرب ضروس تهدف لاجتثاث قوى الشر الرابضة على ارضهم ولا ننسى ما يجري في دول أخرى مما يجعل *بعض الشعوبيين يقفزون ضدنا هنا في الكويت قائلين: وايه اللي هامكم؟ لقد حرروكم في 7 أشهر بينما ترزح فلسطين تحت نير الاحتلال منذ 1948!
نقول ونستعين بالله سوف لن نتحدث عن نسبة الضحايا الكويتيين وغير الكويتيين إلى التعداد السكاني في تلك الفترة المشؤومة وسنركز على العرب الآن! إن ما يجري في دول الربيع العربي والخريف العربي والشتاء والصيف العربيين هو من دواعي الحزن والكمد في قلب كل عربي يتمتع بكامل عروبته، ولكن ما العمل إن كان العرب يفتقر معظمهم إلى جانب التثقيف الذاتي فيستسهلون قراءة المسجات التي تصل للموبايل دون أن يتسائلو عن مصداقية مرسليها. أصبح سهلا أن يقرئوا حديثا نبويا ضعيفا أو جملة منسوبة لأحد الخلفاء الراشدين أو الصحابة فينسخوها ويعيدوا ارسالها – إعادة تدوير نفايات فكرية – بل أن الأمر عينه الذي حدث في عام 1990 تكرر منذ بدء المظاهرات بدول الربيع العربي: ألا وهو تأكيد العديدين بأن علامات يوم القيامة الكبرى والصغرى حدثت كلها ولذلك سوف تقوم القيامة في بحر أشهر أو أيام. نعم سوف يأتي يوم القيامة ومن ينكر هذا الامر خارج عن سياق الدين، ولكن علمه عند الله سبحانه وتعالى. ونعم استشرت الجهالة بين العرب لدرجة تقسيم الكثيرين منهم إلى قطعان تصل أعدادها إلى نص مليون أو مليون تابع لمغرد كاذب متخرص في تويتر.. يميلون حيثما يميل هذا المشهور الذي يتبعونه دون أن يعملوا عقولهم. انقلب الحال فينا إلى مساكين نصدق ما يقال لنا
 
ونستعدي بعضنا بعضا بناء على اختلاف المذاهب واستشرت الطائفية في وقت يجب علينا أن نقف فعليا ضد استشراء الفاحشة والفساد والمخدرات وجرائم القتل بسبب أولوية ركن السيارة في موقف عام أو لأسباب أقل ما يقال عنها تافهه. لقد أعطينا ظهرنا لموضوع استشراء الكفر بالخالق ونشأة جيل جديد يفتخر بالمثلية و العلمانية والتفاهة بالمنظر ويتحدى من يخطّئه!
تأتي الذكرى الخامس والعشرين للغزو العراقي للكويت والكثير من الشهود على العصر مازالوا أحياء ونحن بحاجة لرصد قصصهم والعجيب أن أبنائهم يرقصون كثيرا وطويلا في الاحتفالات الوطنية والمدرسية ويتغنون بحب الوطن بأجسادهم ولكنهم بحاجة ماسة لترجمة مشاعرهم لسلوك يومي، تماما كما يفعل الألمان.. أنا ألماني، إذا أنا أعمل بجد واجتهاد لا ثبات أن وطني هو أفضل الأوطان. ينبغي أن تعود الأمة العربية إلى رشدها ونقضي على حالة النصب والاحتيال والتشرذم والاستحواذ على أي شيء بالتحايل والكروته.
وينبغي على الدولة أن تعيد النظر في استراتيجيتها قصيرة وطويلة ومتوسطة المدى، فتضع الشباب الذين يشكلون 60 % من الطاقة المجتمعية في وسط خططها وتخضعهم لبرامج رياضية وعلمية قدر الامكان حتى ينتصروا على أقرانهم في المسابقات العالمية. يجب أن يطبق وزير التربية والتعليم أهم توصية خرجت بها دراسة تقييم مناهج الكويت وهي تقليص الكم الكبير للمواد الدراسية الموضوعة دون داعي حقيقي، مما يشتت وقت الجدول الدراسي في مسارات يمكن دمجها بدل ما هو حاصل من تشتيت لذهن الطالب بمناهج لا تساند بعضها بعضا. عند تطبيق هذه التوصية على الأقل  بدلا من ركنها على الرف، يمكن للدولة استثمار عقول الطاقة الشبابية للصالح العام.

د. أميره الحسن

عدد الزيارات : 2658 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق