> برلمانيات

كلمة رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم في افتتاح دور الإنعقاد الجديد لمجلس الآمة


كلمة رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم في افتتاح دور الإنعقاد الجديد لمجلس الآمة

كلمة رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم
الحمدُ لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ، سيدنا محمد النبي الأمين ، وعلى آله وصحبه أجمعين...

حضرةَ صاحب السموِ أميرَ البلاد حفظكم الله ورعاكم... سموَ ولي العهد رعاكم الله...

سموَ رئيسِ مجلسِ الوزراءِ وفقكمْ الله ..

الزملاءُ الأفاضل...

الضيوفُ الكرام...

السلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته...

يقول المولى عز وجل :

(( وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ))

صدق الله العظيم

إِنَ من قًواعِدِ البَلاغةِ .. أن يَستقيمَ المَبنَى حيث يَستريحُ المَعنى...

ويبدو أن قَدَرَنا يا صَاحبَ السُموِ أن يَكونَ تَرحِيبُنا بِكُم في بَيتِ الشَعبِ مُخْتلِفًا كُلَ عَامٍ..

وَهُو أَمرٌ مُرتَبطٌ بِقَدْرِكُم السامي ارتِقاءً من مَقامٍ عَالٍ إلى مَقامٍ أعلَى...

ما يَسْتَدْعِينا للانْتقَالِ من مَقالٍ إلى مَقالٍ...

لقد اِسْتقبَلنَاكُم العامَ الماضِي بِمَا يَليقُ بِمقَامِ القَائدِ الإنِساني ، وقَبْلَها استَقْبلنَاكُم كَقائدٍ سِياسيٍ حَكيمٍ عَبَرَ بالبِلادِ من أَتُونِ الأزمَاتِ السِيَاسِيةِ المُفْتعَلَةِ...

واليومَ يَا صَاحِبَ السُمُوِ..

نَسْتقبِلُكمْ في بَيتِ الأُمَةِ ، ليسَ كَأَميرٍ لِلْدَولَةِ و رَأْسٍ لِلْسُلُطَاتِ وحَامٍ لِلْدُسْتُورِ وقَائِدٍ إنْسَانِيٍ فَقَطْ ، بَلْ نَستقْبِلُكُمْ إِضَافَةً إلى كُلِ مَا سَبَقَ من المَقَامَاتِ التي تَسْتَحِقُونَهَا ..

أبًا مُجَرَدًا ، ورَبَ أُسْرَةٍ بِالمَعْنَى الذِي يَتَرَبَعُ عَرْشَ قُلُوبِنَا...

بِاسْمِ نُوابِ الأُمَةِ أقولُ..

اِنَ ما قُمْتُمْ به يَا صَاحبَ السُمُوِ عِنْدَ مَسْجِدِ الامَامِ الصَادِقِ عَليهِ السَلاَم ُ بِتَواجُدِكُم الفَورِي والعَفْوي في مَكانِ التَفْجِيرِ رَغْمَ المَخَاطِرِ واحْتِضَانِكُم السَريعُ لِكُلِ أَبْنَاءِ الكويتِ ..

كانتْ لَحْظَةً شُمُوخٍ سَمَتْ فَوقَ كُل ِالآلامِ والمَخَاطِرِ...

لَحْظَةً جَمَعتْ بَيْنَ الإِقْدَامِ في سَاحَةِ الوَغَىَ.. والعَزْمِ في مَوْقِعِ الفَزَعِ..

وجَلَدِ الأُبُوَةِ أَمَامَ امتِحَانِ الدَمِ ..

اِنَ وقْفَتَكُم الرائِعَةَ الشُجَاعَةَ بينَ جُفُونِ الرَدَى..

في تِلْكَ الجُمُعَةِ الرَمَضَانِيةِ البَاكِيَةِ..

تَحْتَضِنُ شُهَدَاءَ الكويتِ ضحَايَا الْغَدْرِ والتَطَرُفِ والإِرْهَابِ ..

سَتَبْقَى مَشْهَداً خَالِداً في تَارِيخِ الكُويتِ..

وشَاهِداً صَادِقاً علَى وَعْي شَعْبِهاَ وأُبُوةِ قَائِدِهَا...

وسَتَبْقَى أَنَّتُكَ الخَافِتَةُ الصَابِرَةُ الحَزِينَةُ :

هذوله عيالي

تُنَاسِمُ أسْمَاعَنَا..

فَتَهْتَزُ لهَا رَايَاتُنَا زَهْواً و وَلَاءً..

وَيْلْتَهِبُ بِهَا حَمَاسُنَا عَجَباً وثَنَاءً..

ويَنْكَسِرُ أَمَامَهَا حِقْدُ المُجْرِمِينَ خِزْياً وحَسْرَةً وانْكِفَاءً...

فَأَهْلًا بك أَمِيراً وقَائِداً..

وأَهْلاً بِكَ رُبَاناً ورَائِداً..

وأَهلاً بِكَ في عَرِينِكَ ، وبَينَ عِيَالِكَ، إِنْسَاناً وأَبَاً عَطُوفاً.. حَانِياً ..

حَضْرَةَ صَاحِبِ السُمُوِ.. حُضُورَنَا الكَرِيمَ..

في ُظهْرِ يَومِ جُمُعَةٍ من شَهرِ الهُدَى والفُرْقَانِ..

وفي أَثْنَاءَ صَلاتِهِمْ في مَسْجِدِ الإِمامِ الصَادِقِ علَيْهِ السَلامُ..

سَقَطَ الرُكَعُ السُجُودُ مُضَرَجِينَ بِدِمَائِهِم الطَاهرَةِ، شُهَدَاءَ جَريمَةٍ آثِمَةٍ، اسْتَهْدَفَتْ أَمَانَ الكُويتِ وسَمَاحَةَ أَهْلِهَا و وَحْدَةَ صَفِهَا...

فإذا الكويتُ، بِفَضْلِ اللهِ ونِعْمَتِهِ، وبِجُرْأَةِ الأَمِيرِ وحِكْمَتِه، وبِوعْيِ الشَعْبِ ووَحْدَتِهِ..

تَرُدُ خِنْجَرَ السُمِ إلى صَدْرِ صَاحِبِهِ..

مُعْتَصِمَةً بِالإِلهِ الوَاحِدِ..

وبِرِسَالَتِهِ الخَالِدَهِ..

ورَسُولِهِ المُصْطَفَى.. صلى الله عليه وسلم

وهــكــذا..

وبَدَلاً مِنْ نَصْبِ سُرَادِقِ التَخْوِينِ، وحَشْدِ سَاحَاتِ التَهْوِيلِ والتَهْدِيدِ..

وَقَفْنَا جَمِيعاً بِعُيُونٍ دَامِعَةٍ وقُلُوبٍ خَاشِعَةٍ..

نَزُفُ الشُهَدَاءَ..

ونَتَقَبَلُ العَزَاءَ..

ونُقِيمُ صَلاةَ الجُمُعَةِ التَالِيَةِ في مَسْجِدِ الفِدَاءِ.

و ما كِدْنَا نُلَمْلِمُ دَمْعَنَا على شُهَدَاءِ الصَادِقِ، حتى فُوجِئْنَا بِقَضِيةِ خَلِيَّةِ الأَسْلِحَةِ التي تُمَثلُ وجْهاً آخَرَ من أَوْجُهِ الإِرْهَابِ، ما يَسْتَوجِبُ الإِلْتِفَافَ حولَ القِيَادَةِ السِياسيةِ والتَعَاوُنَ من أجْلِ حِمَايَةِ وصَوْنِ أَمْنِ الكويت...

لقد كانت الوَحْدَةُ الوطَنِيَةُ سَبَبًا في انْتِصَارِ شَعبِنا العَظِيمِ خِلالَ كلِ المَحَطَاتِ الحَاسِمَةِ عَبْرَ تَارِيخِنَا القَدِيمِ والمُعَاصِرِ..

وستكونُ سِلاحَنَا الفَتَاكَ ضدَ الإَرْهَابِ الجَبَانِ.. تَجْسِيدًا لِقَنَاعةِ كلِ فئاتِ الشعبِ..

أنْ لاَ دَولَةَ ..

ولا تنظيمَ..

ولا حزبَ..

ولا فكرَ يَعْلُو فَوقَ مَصْلَحَةِ الوطنِ الغالي..

حيث تَنْطَلِقُ المَوَاقِفُ هُنَا من قَاعِدَتَيْنِ لاَ يُمَارِي فِيهِمَا عَاقِلٌ ..

تَطْبِيقُ العُقُوبَةِ على مَنْ تَثْبُتُ إِدَانَتُهُ...

و أَنْ لاَ تُؤْخَذَ الجَمَاعَةُ بِجَرِيرَةِ الفَرْدِ...

وإِنَنِي مِنْ مَجْلِسِ الأُمَةِ..

وفي حَضْرَةِ صَاحِبِ السُمُوِ الأَمِيرِ وحُضُورِ ولِيِ عَهْدِهِ الأَمِينِ..

أَدْعُو إلى أَنْ يَتَحَمَلَ كُلُ مُواطِنٍ مَسْؤولِيَتَهُ الوَطَنِيَةَ في التَرَفُعِ عنِ الأَصْوَاتِ النَشَازِ.. وعَدَمِ الانْجِرَافِ ورَاءَ تُجَارِ الشَغَبِ حَمَالِي الحَطَبِ الذين يُرِيدُونَهَا فِتْنَةً لا تُبْقِي ولَا تَذَرْ..

ذلك أن تَصْنِيفَ الإِرْهَابِ حسْبَ الهُوِيةِ أو الطَائِفَةِ..

خَطِيئَةٌ بَالغَةُ الضَرَرِ..

وأَخْذُ الجَمَاعَةِ بِجَرِيرَةِ الفَردِ.. إِنْحِرَافٌ مُدَمِرٌ...

وإذا كانت فُصُولُ جَرِيمَةِ المَسْجِدِ الصَادِقِ قد انْتَهَتْ

بأَحْكَامِ القَصَاصِ العَادِلِ والحَازِمِ على من ثَبَتَ عَلَيهِ الجُرْمُ...

فإِنَنَا على ثِقَةٍ كَامِلةٍ بِأَنَ عَدَالَةَ القَضَاءِ تِجَاهَ مَن تَثْبُتُ إدَانَتُهُ فِي خَلِيةِ السِلَاحِ..

سَتَكونُ بِذَاتِ الحَزْمِ والعَدْلِ.

ولاَ يَفُوتُنَا هُنا تَسَجِيلُ كُلِ التَقْدِيرِ والعِرْفَانِ لِرجَالِ الدَاخِلِيةِ والدِفَاعِ والحَرَسِ الوَطَنِي..

ومَعَهُمْ رِجَالُ القَضَاءِ الذِينَ يَقِفُونَ سَدًا مَنيعًا أمَامَ مُحتَرِفِي الفِتَنِ..

وعَرَابِي الإِرْهَابِ الشَنِيعِ .....

ففي حَرَكِيةِ تَارِيخِنَا...

الارْهَابُ جُرْثُومَةٌ مُسْتَنْسَخَة ..

ومَعْرَكَتُنا ضِدَهُ ليْسَتْ مُسْتَحْدَثَةْ..

هي جَوْلَةٌ أخرى في حَرْبٍ لمْ تَنَلْ من هُوِيَتِنَا ووَحْدَتِنَا في زَمَنٍ لَيسَ بِبَعِيدٍ وعنِ دُرُوسِهِ لا يَجِبُ ان نَغْفَلَ أو نَحِيدَ..

حَرْبٌ لم تَزِدْنَا الَا تَمَاسُكًا وتَعَاضُدًا وصُمُودًا..

حَرْبٌ لم نَخْتَرْهَا..

لَكِنَنَا اختَرْنَا التَصَدِيَ لِبَاطِلِهَا بِسَيْفِ الحَقْ...

دَفَعْنَا الثَمَنَ غَالِيًا..

ومُسْتَعِدُونَ لِلْمَزيدِ..

في هذهِ الحَرْبِ..

الرِهَانُ..

هوَ وجُودُنَا..

والمُسْتَهْدَفُ هُوِيَتُنَا..

سَنَنْتَصِرُ لأَنَنَا نَقِفُ على الجَانِبِ الصَحِيحِ من التَارِيخِ..

سَنَنْتَصِرُ لأَنَ الكُويتَ هي قَضِيَتُنَا..

لأنَ الكُويتَ قَدَرُنَا..

مُتَوَهِمٌ من يَعْتَقِدْ ان العُدْوَانَ عَلَيْنَا يُرْهِبُنَا أو يُثْنِينَا...

وكَمَا الشَهِيدُ فِينَا يُحْيِينَا, فالطَعَنَاتُ من بَينِ ظُهورِنَا تُقَوِينَا ..

والعَثَرَاتُ أَمَامَنَا تَبْنِينَا.. ومَهْمَا اكْتَوَيْنَا بِنَارِ الإِرْهَابِ ..

فإنَ الكُويتَ تُدَاوِينَا وتَحْتَوِينَا ....

حَضرةَ صَاحبِ السُمُوِ الأمير ..

حُضُورَنا الكريمَ..

في مَوقِفٍ مُمَاثِلٍ قَبْلَ عَامٍ..

ذَكَرْتُ أمَامَكُمْ يا صَاحِبَ السُمُوِ أنَ مَجْلِسَ الأُمَةِ قَد اخْتَارَ الطَرِيقَ الأَصْعَبَ .. فآثَرَ المُصَارَحَةَ على المُجَامَلَةِ..

والمُكَاشَفَةِ على المُدَاوَرَةِ..

ولم نُؤْمِنْ يومًا باسْتِحَالَةِ الحَلِ ..

فحيثُ يُوجَدُ عَمًلٌ .. ثَمَة ُأمل ٍبالحلِ..

لَقَدِ التَزَمَ المَجلِسُ الطَريقَ الذي اختَارَهُ..

فَـأنجَزَ تِسعَةً و أربَعِينَ قَانُوناً عامًا، وهو الرَقمُ الأَعلَى في تَاريخِ أَدوارِ الِانْعِقَادِ المُتَعَاقِبَةَ..

وسَاهَمَ في حَلِ المُشْكِلَةِ الإِسْكَانِيةِ عَبْرَ تَوزِيعِ أَربعَةِ

أَضْعَافِ عَدَدِ الوِحْدَاتِ السَكَنِيةِ المُوزَعَةِ في السَابِقِ..

وهي طفرةٌ تَنْتَظِرُ اسْتِنْسَاخاً وتَعْمِيماً على قِطَاعَاتِ التَعْلِيمِ والصِحَةِ وغيرِهِما..

و وَفَاءً بتَعَهُدَاتِنَا أمَامَ اللهِ والشَعْبِ.. وإيمَاناً بأَنَ الطَهَارَةَ السِيَاسِيَةَ تَبْقَى شِعَاراً بِلَا مَضْمُونٍ مَا لَمْ تُقْتَرَنْ بالفِعْلِ .. كنا السَبَاقِينَ الى تَقْدِيمِ بَيَانَاتِ الذِمَةِ المَالِيَةِ..

ولأنَ المَهَامَ التَشْرِيعِيَةَ لِمَجْلِسِ الأُمَةِ تَكْتَمِلُ بِالدَورِ الرَقَابِي..

فقَد قُمْنَا بِتَخْصِيصِ جَلْسَةٍ جَمَعَتِ الحُكُومَةَ و دِيوَانَ المُحَاسَبَةِ في فَضَاءِ مُكَاشَفَةٍ و مُصَارَحَةٍ كأُسْلُوبِ رَقَابَةٍ غيرَ مَسْبُوقٍ.. معَ استِمْرَارٍ بالمُتَابَعَةِ..

وقَدْ نَتَجَ عنْهَا مُعَالَجَةُ الكثيرِ من المُلَاحَظَاتِ التِي تَكَرَرَتْ في تَقَارِيرِ الدِيوَانِ سَنَوَاتٍ طَوِيلَةً..

وإني إذْ أَذْكُرُ كُلَ هذا مَقْرُوناً بِحًمْدِ اللهِ على تَوفِيقِهِ.. وشُكرِ صَاحِبِ السُمُوِ أَمِيرِ البِلاَدِ على رِعَايَتِهِ، وسُمٌوِ وَلِي العَهْدِ على دَعْمِهِ...

أَوَدُ أَنْ أُؤَكِدَ .. أنه مَا كان لِلْمَجْلِسِ أن يُحَقِقَ هذهِ الانْجَازَاتِ كُلَهَا .. لَولاَ جُهُودُ أعْضَائِهِ..

ولَولاَ مَا أَبْدَوْهُ مِن مُتَابَعةٍ ومُثابَرَةٍ وإِحْسَاسٍ عَمِيقٍ بِالمَسْؤُولِيةِ..

كما أَوَدُ أنْ أُؤَكِدَ وعْيِنَا جَمِيعاً بِأَنَ الطَرِيقَ لا تَزَالُ طَوِيلَة..

وبِأَنَ المَسْؤُولِيَةَ تَزْدَادُ مع تَقَلُبَاتِ الأَحْدَاثِ عِبْئاًً وخُطُورَةً...

ورَغْم َأَنَنَا قَد حَقَقْنَا تَقَدُماً واضِحاً نَحوَ إِقْرَارِ مَشْرُوعِ قَانُونِ تَعزِيزِ اسْتِقْلَالِيةِ القَضَاءِ بِمَا يُبَشِرُ بإنْجَازِهِ قَرِيباً بِإذنِ الله..

فَإني أَرجُو أن نَتَفِقَ جمِيعاً على أَنَ الانْجازَ الأَهَمَ الذي نَجَحْنَا في تَحْقِيقِهِ..

هو إعادَةُ الحِرَاكِ المُجْتَمَعِي إلى جَادَةِ الفِعْلِ بَدَلاً من متاهات الانْفِعَالِ .. وهو الخُرُوجُ من حَالَةِ المُرَاوحَةِ.. الى مَرحَلَةِ السَيْرِ الحَثِيثِ..

وهو أيضاً.. الارتِقَاءُ بِعَلاَقَةِ السُلْطَتَينِ منْ حَلَبَةِ الغَلَبَة .. الى صَعِيدِ التَعَاوُنِ..

وهنا أودُ أن أُسَجِلَ لِسُمُوِ رَئيسِ مَجلِسِ الوزراءِ كَلِمَةَ صدقٍ وشكرٍ، لما اتَسَمَتْ بهِ مَواقِفُهُ من تَعَاوُنٍ صَادِقٍ معَ تَوجُهَاتِ المَجْلِسِ التَشْريعيةِ والرَقَابِيَةِ..

ومن تَفَاعُلٍ إيجَابِيٍ معَ العَدِيدِ من مَطَالِبِهِ وتَوصِيَاتِهِ ..

غيرَ أن هذا كُلَهُ .. لا يَنْفِي أَبداً بَقَاءَ مِلَفَاتِ العَديدِ من المَشَارِيعِ والمَجَالاَتِ عَالِقَةً تَنْتَظِرُ القَرَارَ .. بِسَبَبِ التَفَاوُتِ الوَاضحِ في سُرْعَةِ الانْجَازِ..

كما أن هذا لاَ يَمْنَعُنَا من التَذْكِيرِ بأنَ المُدَةَ التي اسْتَحَقَهَا الأخوةُ الوزراءُ للإِمْسَاكِ بِزِمَامِ المَسؤُولِيةِ ..

ليست تَفويضاً مَفتُوحاً بلا حُدُودٍ أو فُرصة مُشَرَعَة بلا قُيُودٍ..

بل هي تَوْكِيلٌ .. حُدُودُهُ الكَفَاءَةُ..

وفُرْصَةٌ .. أجلُها الإنجَازُ..

خاصةً وأنَ جُهُودَ السُلطةِ التَشريعيةِ لا يُمْكنُ أن تُؤْتِي ثِمِارَهِا كَامِلَةً ما لم تَقْتَرِنْ بِكَفَاءَةِ التَنْفِيذِ اتْقَاناً..و تَكْلُفَةً.. و زَمَناً...

 

حَضرةَ صَاحبِ السُموِ..

الحُضُورُ الكَرِيمُ ..

لاَبُدَ لِكُلِ دَوْلَةٍ .. مَهْمَا كانَ حَجْمُهَا و نِظَامُها من ان تَقِفَ أمَامَ استِحْقَاقِ التَغْييرِ كَشرطٍ للاسْتِمْرَارِ ..

وأكادُ اجْزِمُ حِينَ ازْعُمُ.. اننَا في الكُويتِ نُواجِهُ اليومَ مثلَ هذا الاستِحْقَاقِ ..

ذلك أن التحدياتِ التي نُواجِهُهَا أَمْنِياً واقْتِصَادِياً واجْتِمَاعِياً..

أضْحَتْ أخْطَرَ من انْ تَحْتًمِلَ تَمْدِيداً في الأَجَلِ.. وأقْرَبَ من أنْ تَسمَحَ بِمَزِيدٍ من الجَدَلِ ..

فالمَشْهَدُ الدَولِيُ يزْدَادُ غُموُضاً ورِيبَةً و تَزْوِيرا .. وحَرَائِقُ الجِوَارِ تزدادُ أَوَاراً وسَعِيرًا ..

والأزمةُ المَاِليةُ والاقتِصَاديةُ تبدو أكثرَ مرارةً من سابِقَاتِها وأحَرَ زَفِيراً .. وقِوى الفِتْنَةِ والتَطَرُفِ والإرهابِ تَنْفُثُ في أَرْضِنَا حِقْداً .. و سُماً ونُفُوراً...

وإذا كانَ من حُسْنِ حَظِ الكويتِ أن يَكُونَ القائِدُ الإنْسانُ الشيخُ صباح الأحمد هو رُبَانَ سَفِينِهَا في هذا الإِبْحَارِ الصَعْبِ..

فإنَ على السُلْطَتَينِ التَشْرِيعِيةِ والتَنْفِيذِيةِ أن تَكُونَا أَكْثَرَ سُرْعَةً في اسْتِلْهَامِ تَوجِيهَاتِ سُمُوِ الأَمِير..

وأكثرَ قُرْباً من نَبضِ الشَعبِ.. لكي نَنْجًحَ في تَوفيرِ شُرُوط ِالإبْحَارِ الآمِنِ.. وإحداثِ التغييرِ الذي يَسْتَوعِبُ التَحَوُلاتِ دُونَ جَزَعٍ أو إنْبِهَارٍ.. ويُوَجِهُهَا بِكُلِ ذَكَاءٍ واقْتِدَارٍ...

والتغييرُ الذي نَقْصِدُهُ هنا ليس التغييرَ الأهوجَ العَاصِفَ الذي يُدمِرُ كلَ مَا يَمُرُ بهِ ثُمَ يَقِفُ عَلىَ أَطْلاَلِهِ نَادِماً وهوَ حَسِيرٌ..

بل التغييرُ الهادئُ..

مُتدرجُ الخَطواتِ..

واضِحُ الأهْدافِ والبَدائِلِ والآليَاتِ..

في إطارِ الدستورِ والنِظامِ والشَرْعِيَةِ ..

وفي حضرةِ واحترَامِ الثَوَابِتِ والحُقُوقِ والكَرَامَةِ الانْسَانِيَةِ...

التغييرُ الذي يُؤَصِلُ الدِيمُوقراطيةَ و يُعَزِزُهَا..

ويَحْمِيهَا مِنْ أَدْعِيَائِهَا.. ويَذُودُ عنها أمامَ من يُنَصِبُونَ أنْفُسَهم أوصِياءَ عليها..

إن ما يجبُ أن يُوفرَهُ تَعاونُ السلطتينِ..

هو الحَزْمُ والحَسْمُ والعَزْمُ في فرضِ سِيادةِ القانونِ وثَقافتِهِ..

دون مُجاملاتٍ تَجرَحُ عَدَالَتَهُ ..

أو تَسْوياتٍ تَزِيدُ كُلْفَتَهُ ..

أو ترددٍ يَمَسُ مِصْدَاقِيتَهُ وهَيْبَتَهُ ..

وسيادةُ القانون بهذهِ القوةِ وهذا المعنى..

لا تتعارضُ مع مَفاهيمِ التَضامُنِ الاجتماعِي.. بل تُؤكدُها..

ولا تَتَنَاقَضُ مع الحُرِيَاتِ العَامةِ والخاَصةِ بل تُحَصُنُهَا...

وما يَجِبُ أن يُوفِرَهُ تَعاونُ السُلطتينِ..

هو اسْتِلْهَامُ الفِكْرِ الإسلامِي المستنير في التَخْطِيطِ الاقتِصادِي الكَفيلِ بضمانِ الأمنِ الاجتماعي...

وهو الفكرُ الذي أرْسَى رَكائِزَ التَحَوُطِ لِشَدَائِدِ الدَهْرِ.. وأَقَرَ حَقَ المُستقبلِ في ثَروةِ الحَاضرِ..

وفَرَضَ على أَهلِ السَنَوَاتِ السِمانِ..

أن يحفظوا لأنْفُسِهِم و أولادِهم ما يَقِيهِم خَطَرَ السِنينَ العِجَافِ...

وهو الفكرُ الذي عفَّ عن البُخلِ والتَقْتِيرِ، بِقَدْرِ ما كَفَ

عن الإِسْرَافِ والتَبْذِيرِ..

ولم يَخْشَ على أُمَتِه من الفَقرِ بل خَشِيَ عليها من سوءِ التقديرِ..

وهو النظامُ الذي جَعَلَ تسعَة َ أعْشَارِ الرِزقِ في العَمَلِ الحُرِ..

وأعطَى المِلْكِيَةَ الخاصَةَ حُرمَةً.. لم يُعْطِها نظامٌ غيرُهُ ..

وربط هذا كُلَهِ بالمَسؤولِيةِ العَقَدِيةِ والتَعَاقُدِيةِ والاجتمَاعِيةِ لهذه المِلكيةِ.

وإذا كان جَهْلُنَا أو تَجَاهُلُنَا للحِكْمَةِ القُرْآنيةِ في التَوَازِنِ العَادِلِ بين الاستثمَارِ والاسْتهْلاكِ..

قد أضَاَع علَينَا فرْصَة ً للاسْتفَادَةِ من سنواتِ ارتفاعِ أسْعارِ النَفْطِ.. فليسَ مَا يَدعُونَا إلى الجَزَعَ من انِخِفَاضِ هذهِ الأسْعَارِ.. رغم شِدَتِهِ وصَدْمَتِهِ وقَسْوَتِهِ..

شَريطَةَ أن نَتَبنَى السِياسَاتِ الإصْلِاحِيَةَ المُوَائِمَةَ فَورًا..

خاصةً وأن المُشْكِلَةَ قد نشأتْ أصلاً عن تَفَاقُمِ الهَدْرِ وتَوَاضُعِ الإِدَارَةِ.

وإني إذ أتوجهُ هنا بدعوةِ الحكومةِ والمَجلسِ وكَافةِ الجِهاتِ المَعنِيَةِ إلى دَعْمِ الجُهودِ الرَاميةِ لِتَوجِيهِ الشبابِ الكويتي إلى العملِ الحرِ والعملِ في القِطاعِ الخَاصِ..

أتوجهُ لشبَابِنَا أيضاً بالدعوَةِ للتفْكِيرِ خَارجَ منْطِقِ الدَولَةِ الرَعَوِيَةِ..

والمُواطنينَ الرَعَايَا..

وللعملِ على ابْتكارِ الحُلولِ .. بدَلَ الوُقُوفِ عندَ حَافةِ المُطالَبَةِ بها...

وما يجبُ أن يُوَفِرَهُ تَعَاوُنُ السُلطتينِ أيضا..

هو العملُ على تَعليمِ الأَجيالِ بما يُرَسِخُ رَكَائِزَ الدَولةِ وشرْعِيَتَهَا ..

ويُكرِسُ رِفْعَةَ الإسلامِ وسماحتَه ..

ليبقى الوطنُ قبلَ القبيلة.. ويبقى الدينُ فَوقَ الطَائِفَةِ ..

وتبقى الكويتُ دولةً حرةً لشعبٍ أبي ..

 

حضرةَ صَاحبَ السُموِ..

حضورَنا الكريمُ...

إننا نُتابِعُ بقلقٍ شديدٍ.. ما تشهدهُ المنطقةُ من هزاتٍ وعَواصفَ و إرْباكَاتٍ للخارطةِ السِياسيةِ والأمنية..

وإعَادةِ صياغةٍ للمعادلاتِ الإقليميةِ والتوازناتِ الدوليةِ..

وسَيبقىَ مَجلسُ الأمةِ على قَدْرِ المَسؤُولِية ِ خلفَ أَميرِ البلادِ..

رئيسِ السلطاتِ معينًا لهُ.. متحملاً أدوارَهُ التاريخيةَ .. و واجباتِهِ الوطنية َللنأي بالبلادِ والعبادِ عن المخاطرِ والمهالكِ ..

مُسترشدينَ بكمْ يا صاحبَ السُمُوِ لما تمْلِكُونَهُ من مهارةِ الدبلوماسيةِ والحكمةِ السياسيةِ اللتينِ كانتا جِسْرَ العُبورِ بين حُقولِ الألغام التي أحاطت بنا.

لقد حَرَصْنَا في مجلسِ الأمةِ على تفعيلِ الدبلوماسيةِ البرلمانيةِ بما يخدُمُ السياسةَ الخارجيةَ الكويتيةَ.. فَعَمِلْنَا على فَتْحِ جُسورِ التَوَاصُلِ مع نُظَرَائِنَا في الدولِ الديمقراطيةِ الشقيقةِ والصديقةِ والمؤثرة ..

وأستطيعُ القولَ بِكُلِ ثِقَةٍ بأَنَنَا نَجَحْنَا في تعزيزِ تلكَ الرَوَابِطِ..

وقادِرُونَ على تَفْعِيلِهَا مَتىَ اقْتَضَتْ الحَاجَةُ لذلك .

وأودُ هنا.. أن أُنَوِهَ باعتِزَازٍ وفَخْرٍ..

بدوركمْ يا صَاحبَ السُمو حينَ كنتُم سَبَاقِينَ قبلَ دولِ العالمِ..

في اسْتِشْرَافِ تَدَاعِيَاتِ الكَارِثَةِ الإنسانِيَةِ في سوريا..

فلم تكنْ الكويتُ بحاجةٍ الى رؤيةِ الصورِ المُرَوِعَةِ

لأَحْوَالِ اللاَجِئِينَ بحثًا عن الأَمنِ والأَمانِ كي تُقدِمُوا العَوْنَ لهُم..

وهو ما يؤكدُ اعتزازَنَا بالسِياسَةِ الحَكيمَةِ التي صُغْتُمُوها يا سُموَ الأميرِ عَبْرَ سِنِينَ طَوِيلَةٍ..

أخـــيــراً..

حضرةَ صاحبِ السموِ أميرِ البلادِ ... لئن كانتِ حِماية ُحُقوقِ المُواطنِ في الحُريةِ والعِلمِ والعَدلِ..

وفي الصِحةِ والمُساوَاةِ والعَمَلِ..

هي المَسؤوليةُ َالأساسَ للسلطاتِ الثلاث ِ..

فإن حمايةَ حقوقِ الوطنِ..هي بالدرجةِ الأولى والأهمَ ..

مسؤوليةُ الشعبِ كُلِهِ .

لذلك فإن وفاءَ المُواطنِ بحقوقِ الوطنِ عليهِ ..

يجبُ ألا يَقِلَ أبَداً عن تَمَسُكِهِ بحُقُوقِهِ تُجَاهَ الدَولةِ ..

فذلك هو ميثاقُ الأحرارِ...

أما المُطالبةُ بحقٍ لا يستدعي واجباً ..

وبامتيازٍ لا يُرتِبُ التِزَاماً ..

فهذا ليس من شِيَمِ أهلِ الكويتِ.

وإن ثَقَتَنَا الكَامِلة َ المطلقةَ بفَزْعَة ِالكويتيين جميعاً لوطنهِم..

هي التي تُبْقِينا .. رَغمَ خُطُورةِ ما يحيطُ بنا.. ورغم غموضِ ما لا نحيطُ بهِ محكومينَ بالأملِ..

مسكونينَ بِحُبِ وطنٍ ليس لنا بعدَ اللهِ سِوَاهُ..

وليس لنا .. ولو مَلكنَا الدنيا مَثِيلُهُ أو بَدِيلُهُ ...

فلنتق الله في وَحْدَتِهِ ، ولنتق اللهَ في شَرعِيَتِهِ..

ولنتقِ الله في أولادِنا.. بُناةِ غدهِ و أساسِ ثروتهِ .

 

حضرةَ صاحبِ السُمُوِ ..

أكررُ الترحيبَ بمقامكُم السامي..

وبأصحابِ السموِ والمعالي..

وبالحضورِ الكريمِ..

وأتشرفُ بأن أرفعَ إليكُم يا صاحبَ السُمُوِ..

باسم زملائي وباسمي..

صادقَ الامتنانِ والعرفانِ لكريمِ حضورِكم.. وسامي نُطْقِكُم.. وسديدِ توجيهاتكم..

واقِفِينَ بين أيديكم .. بارين بقسمِ الولاءِ.. معاهدينَ على الوعْدِ.. غيرَ مبدلينَ..

إنّا للكويتِ مُخلصونَ..

ولأمجادِها مُستذكرونَ..

ولِحاضرِها مُستنفرونَ..

ولِمُستقبلِها مُستشرِفُونَ ..

و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..


عدد الزيارات : 1476 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق