> محليات

في حواره مع جريدة الشرق القطرية وزير العدل يعقوب الصانع : قانون مكافحة الاٍرهاب الخليجي لن يمس سقف الحريات


في حواره مع جريدة الشرق القطرية وزير العدل يعقوب الصانع : قانون مكافحة الاٍرهاب الخليجي لن يمس سقف الحريات


أكدَّ معالي وزير العدل والأوقاف الكويتي السيد يعقوب عبد المحسن الصانع، أنَّ قانون مكافحة الإرهاب الخليجي لن يمس سقف الحريات في دول الخليج، معتبراً معاليه الحرية في دول التعاون خطا أحمر يصعب النيل منه، لافتا إلى أنَّ أصحاب المعالي والسعادة وزراء العدل في الاجتماع السابع والعشرين لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، قد بحثوا في اجتماعهم الأخير المنعقد في الدوحة قانونا موحدا لدول مجلس التعاون الخليجي بشأن مكافحة الإرهاب، والذي حظي بموافقة مبدئية، إلا أنه سيحال إلى لجنة مسؤولية التعاون الدولي لدراسته وعرضه في دورة الانعقاد القادم في 29 أكتوبر.

وأعلن معاليه أنَّ دولة الكويت ستشهد صباح الثلاثاء المقبل تدشين التوقيع الإلكتروني على الدعاوى الإلكترونية بتشريف سمو الشيخ جابر مبارك الحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء الكويتي، واصفا معاليه الحدث بأنه مفخرة لدولة الكويت سيَّما وأنَّ مثل هذا الحدث يؤكد مواكبة كافة وزارات الدولة لتكنولوجيا العصر، مشددا على أنَّ الإقدام على هذه التجربة ليس لتبسيط الإجراءات فحسب، بل للحد من تدخل العنصر البشري في إجراءات التقاضي، وللحد من عمليات الفساد الإداري بما فيها من تجاوزات ومحسوبيات واعتبارات شخصية تسهم في عدم تحقيق العدالة الناجزة.
وأوضح الصانع في حوار خـاص مع "الشرق"، على هامش زيارته لدولة قطر للمشاركة في الاجتماع السابع والعشرين لأصحاب المعالي والسعادة وزراء العدل لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في الفترة من 6 — 7 الجاري، قائلاً "إنَّ العدالة الناجزة من المفاهيم التي سعيت إلى تكريسها منذ تسلمي الحقيبة الوزارية، حيث كان لابد من تبني هدف سامٍ والعمل على تحقيقه، حيث قامت وزارة العدل التي تعمل بمعية مرفق القضاء بإطلاق حملات توعوية فعاله لتكريس مفهوم العدالة الناجزة لدى أصغر موظف حتى أكبر قيادي بالدولة، حيث تم إصدار نشرات ومطويات تحمل عبارة "العدالة الناجزة"، بغية تحقيقها على أرض الواقع، والتي تزامن معها — بالشراكة مع عدد من المعنيين في الوزارة ومستشارين من مجلس القضاء — تقديم أكثر من 34 خدمة إلكترونية خاصة بالوزارة وبالحكومة، وهي الحكومة مول التي تتضمن خدمات مفتوحة للكافة، وتمت ترجمتها بصحيفة الدعوى الإلكترونية، حيث بات بإمكان المحامي من داخل مكتبه أن يدفع رسوم الدعوى حتى إتمام الإعلان، كما أنها تمر على ضباط الدعاوى، والتدقيق إلا أنَّ هذه العملية وعلى دقتها لا تستغرق سوى دقيقتين، وهناك هدف مستقبلي، ألا تتجاوز العملية أكثر من دقيقة ونصف الدقيقه".
وأشار معاليه إلى أنَّ دولة الكويت من الدول التي تؤمن بدور التكنولوجيا في تيسير وتسهيل العمل، مستعرضا معاليه قانون المعاملات الإلكتروني الذي تم إصداره في مجلس الأمة الحالي، لافتا إلى أنه هو من كان صاحب فكرة المشروع بهدف القضاء على بطء الإعلان وكل ما من شأنه أن يعرقل سير عملية التقاضي، مؤكدا أنَّ بطء الإعلان من أبرز المشكلات على مستوى دول الخليج، الأمر الذي دفع بوزارة العدل لصياغة قانون الإعلان الإلكتروني، كما أنَّ الأوان قد حان في ظل الثورة التكنولوجية التي تحيط بنا من كل اتجاه أن يتم إلغاء ما يعرف بـ"المحضر"، وما يترتب عليه من الدخول بدهاليز عدم استلام الدعوى، لذا تم تجاوز هذا العائق باعتماد إرسال إعلان التقاضي عبر الإيميل، حيث إنه من الطرق المتبعة في الوزارة حسب اللوائح المنظمة.
مشيرا إلى أنَّ العمل بهذا النمط سيطبق في الدوائر الحكومية، بما فيها إعلان الفتوى والتشريع، والبنوك ومكاتب المحامين، بالإضافة للشركات الكبرى ثم الأفراد، ليكون العقد حجة على طرفي العقد، ومن السهل تطبيقها.
وأضاف معاليه فيما يتعلق بثورة التشريعات في الكويت خلال السنوات القليلة الماضية، قائلاً "إننا رغبنا مؤخراً في تنفيذ رؤية صاحب سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في استحداث ما يعرف بمؤشر السوق العقاري، وبالفعل بدأنا هذا الأمر وهو كيفية الدخول على واقعة البيع والشراء من خلال متابعة آخر البيانات، وكانت لدينا مخاوف بشأن السرية من عدمها فيما يتعلق بتداول المعلومات، إلا أننا ارتأينا أن تكون فرصة للاطلاع على واقعة البيع".

الوزير الكويتي السيد يعقوب عبد المحسن الصانع


وأما فيما يتعلق بالعلاقات الدولية، فكان من المهم التواصل مع محكمة العدل الدولية، وبالفعل كان لنا لقاء مع الأمين العام في لاهاي واكتشفنا أننا بحاجة لتبادل الخبرات مع محكمة التحكيم الدولية، فتم ترشيح أربعة محكمين تم قبولهم في محكمة التحكيم في لاهاي، ففتحوا لنا المجال بمنح عدد من المعنيين دورات تدريبية مجانية، حيث تم ترشيح المستشار عبد الهادي العطار ليمثل دول الخليج في محكمة العدل الجنائية، وهو من الخبرات العريقة في الكويت، مثنياً في هذا الصدد على موقف دول الخليج التي تعمد أن تكون عملية الترشيح مدعومة من قبل دول التعاون.
وفيما يلي نص الحوار:
بداية معالي الوزير إذا تحدثنا عن القوانين المتعلقة بالأحوال الشخصية.. ربما هي من القوانين التي دائما تتطلب مواكبة وتحديثا كونها متعلقة بالأسرة.. كيف هي بالكويت؟
لا أخفي عليك، فالمحاكم الكويتية حقيقة قطعت شوطا لا بأس به في استصدار قوانين نوعية تتعلق بمحاكم الأسرة؛ بهدف الحفاظ على نسيج المجتمع الكويتي من خلال تحقيق أقصى درجات الحماية للأسرة، مضيفا "إنَّ قانون محكمة الأسرة يعالج جوانب اجتماعية نفسية تتعلق بالخلافات التي تقع بين الزوجين أو الطليقين، لذا كان من غير المنطق أن ينظر بقضايا الأحوال الشخصية في محاكم وقاعات الجنايات والجُنح، مما يؤثر بصورة أو بأخرى على الأسرة وعلى الأطفال، لذا تم التوصل إلى إنشاء محاكم الأحوال الشخصية، وأن يخصص قاض واحد للنظر بالقضية المعنية حفاظا على خصوصية القضايا الأسرية، حيث كان في السابق هناك عدد من القضاة والكتاب العدليين ينظرون في قضية واحدة؛ مما له أثر سلبي على الأسرة، لذا لا ينظر الآن بالقضية سوى قاض واحد للحفاظ على السرية، كما سعت الوزارة إلى إلغاء ما يعرف بمحاكم التمييز في قضايا الأسرة اختصارا للوقت على المرأة تحديدا حتى لا يشكل طول فترة التقاضي عائقا أمامها إذا ما كانت تود بدء حياة جديدة، على أن يتم اعتماد درجتين للتقاضي، ولم تغفل وزارة العدل من منح المرأة المطلقة التي يثبت أنه لا معيل لها وغير قادرة على الإنفاق أن تحصل على قرض من قبل وزارة العدل، سواء كانت مواطنة كويتية أو مقيمة، في إطار الحفاظ عليها وحتى لا تكون صيدا لضعاف النفوس أو عرضة للانحراف والابتزاز، وبالتالي لا تلجأ إلى أي مصدر خطأ، فلا مانع من إقراضها حتى يتوافر لها مصدر دخل ثابت بعد الطلاق من طليقها أو من عملها، الى حين الانتهاء من القضية.
واستطرد معالي وزير العدل والأوقاف فيما يتعلق بالتطور الذي تشهده قضايا الأسرة في الكويت، قائلاً " إننا خصصنا مركزا للرؤية، بعيدا عن المحاكم وأقسام الشرطة، يعمل به طاقم من المتخصصين في المجالين الاجتماعي والنفسي، مدربين حول كيفية التعامل مع الأطفال، حيث يتيح المركز للآباء رؤية أبنائهم مع كافة الخطط الاحترازية مع الحالات التي يكون فيها الأب رهن الاعتقال، أو مصابا بأحد الأمراض للحفاظ على الأطفال، كما يقوم المركز بمنح الطليقين خريطة طريق للسير عليها في حياتهما المقبلة لاسيما المتعلقة بحياة كليهما مع الأبناء ما بعد الطلاق، للحفاظ على كيان الأسرة وبالذات الأطفال حتى لا تنتج في المجتمع أجيال متزعزعة غير واثقة بذاتها."
وأشار معالي الوزير الصانع في معرض حديثه إلى أنَّ المركز يقدم جملة من الاستشارات لحالات قبل الطلاق من خلال الاستعانة بأساتذة جامعة متخصصين، دورهم الإصلاح، لافتا إلى أنه وبالاستناد إلى الإحصائيات فإنَّ الإصلاح قبل الطلاق أسهم في عدول ما نسبته من 20% إلى 30% عن الطلاق.

"العدل" الكويتية تمنح المطلقات بدون عائل قروضاً حفاظاً عليهن من الانحراف.. العملية الديمقراطية تواجه تحديات وعراقيل ولكن لا غنى عنها.. "المواطن الكويتي يتنفس الحرية ولن يتنازل عنها رغم كل التحديات.. التشريعات وحدها ليست كافية لإيجاد حلول لظاهرة التطرف


دورات تدريبية
وعرج معالي الوزير الصانع معلنا نية حقيقية بالتنسيق مع الأخوة في مجلس الأمه لدراسة إخضاع المقبلين على الزواج لدورات تدريبية إلزامية مدتها أسبوعان، بهدف التقليل من نسب الطلاق، مؤكدا أنَّ هناك توجها حقيقيا نحو هذه الفكرة، إلا أنه لابد أن تلقى دعما من قبل النواب، حتى نغلق بعضا من أبواب الخلاف الزوجي لاسيما في أول سنتين من عمر الزواج، حيث عادة ما يتشبث كل طرف برأيه دون مراعاة الآخر.
الطعن أمام المحكمة الدستورية..حلم
ذكرت خلال حديثك أنك تسعى إلى حشد مجلس الأمة في إحدى القضايا ذات الطابع الاجتماعي، إلا أنه دوما ما تثار أقاويل حول نزاعات بين مجلس الأمة والحكومة، معاليكم كيف تصفون العلاقة بين النواب ومجلس الأمه والحكومة؟
بأمانة رغم بعض السلبيات والتأزيم المستمر بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، إلا أنَّ المواطن الكويتي يتنفس حرية، ولا يمكن التنازل عن حريته مهما كلَّفه الأمر، فبرغم التحديات نتيجة للعملية الديمقراطية، وما تحققه من إيجابيات، إلا أنَّ هذا لا يمنع من وجود بعض السلبيات التي قد تكون محل نقد مجتمع آخر، ولا يمكن أن نتنازل عن هذا الحق كوزير ونائب سابق، قائلاً " إنَّ صاحب السمو أمير البلاد عندما اختار الانتخاب بالصوت الواحد كان الهدف ممارسة الديمقراطية بعيدا عن الشللية والحشد من خلال التصويت لاعتبارات شخصية، مما يؤثر على اعتلاء الشخص المناسب المكان المناسب لسبب المحسوبيات والاعتبارات الشخصية، وبالتالي خرجت عن التوصيل الصوت الحقيقي لهذا المرشح، لأنها لم تأت بتكامل الأعداد، إلا أنَّ المحكمة الدستورية قالت كلمتها بهذا الشأن من خلال سياسة الانتخاب بالصوت الواحد.
.. وقبل أن أنهي هذه الجزئية أريد أن أؤكد على أننا شعوب تنشد الحرية، ولكن الحرية المسؤولة، التي لا تشوبها شائبة، فتطور ونضج أي مجتمع مرتبط بعملية الحرية، فقد لا يكون هناك نظام ديمقراطي ولكن الشريعة الإسلامية فيها ديمقراطية، ولكن الأساس تكون هناك مساحة للفرد في أن يعبر عن آرائه السياسية بصورة فعالة، وأظن اليوم أن الكويتيين يعيشون مناخا ديمقراطيا صحيا سيما بعد أن وافق الدستور على الانتخاب بالصوت الواحد، وأعتقد أن الكويت باتت تشهد ثورة تشريعية ليس لها مثيل في تاريخ دولة الكويت، نحن نتحدث عن ثورة تشريعية ومن أهمها جرائم تنقية المعلومات، فضلا عن الطعن المباشر أمام المحكمة الدستورية، فهي تشريعات تشكل طموحا لكافة أفراد المجتمع، سيما وأنَّ الطعن المباشر أمام المحكمة الدستورية كان حلما.
قانون مكافحة الإرهاب وتقويض الحريات
هل لمعاليكم أن تعطينا لمحة عن قانون مكافحة الإرهاب الخليجي الجديد؟
لابد من التوضيح أن قانون مكافحة الإرهاب هو استرشادي، حيث إن الدول العربية لها تصور، ودول الخليج لديها تصور أيضا، ومن المأمول أن يقر القانون في دورة الانعقاد القادم في 29 أكتوبر، حيث طلبنا من أصحاب المعالي والسعادة وزراء العدل أن يقدموا تجاربهم ومقترحاتهم في هذه القوانين..
ولكن هناك تخوفا بعد إقرار قانون مكافحة الإرهاب أن تعاني المجتمعات من تضييق على الحريات؟
هنا تأتي أهمية إمعان النظر في التجارب السابقة في دول العالم، هي معادلة في الحفاظ على الحريات المنصوص عليها في دساتير العالم، وكيفية إجراء درع وقائي للحفاظ على المنجزات، فهذه المعادلة تحتاج — كما سبق أن ذكرت — إلى إمعان النظر في تجارب دول الديمقراطيات الراسخة كأوروبا والولايات المتحدة، مع كيفية أن تسبغ القانون على عاداتنا وتقاليدنا، لذا نطمئن الجميع، بأن القانون لن يمس الحريات التي تعتبر خطا أحمر، وأنا متأكد وواثق تمام الثقة من أن دول الخليج مؤمنة بحرية مجتمعاتها.

وزير العدل الكويتي خلال إستقباله رئيس التحرير


نشاهد ونتابع اجتماعات متلاحقة في كافة المجالات على مستوى دول مجلس التعاون، ولكن إلى هذه اللحظة لم توحد القوانين منذ 35 سنة!، فإلى متى ستبقى التشريعات لا تصل لمرحلة التماثل؟، ومتى سنصل إلى أن يتم التعامل مع المواطن الخليجي في أي دولة خليجية وكأنه في موطنه؟
اسمح لي هنا، أن أقف في بداية الإجابة على هذا السؤال عند الإنجازات التي حققتها دول مجلس التعاون على الصعيد الاقتصادي كمعالجة الازدواج الضريبي، توحيد الضريبة المشتركة بين دول التعاون، الاتحاد الجمركي، ولكن بالرغم من هذه الإنجازات إلا أننا نطمح الى أن تنفذ التوصيات والاتفاقيات وكل ما يخرج من رحم مجلس التعاون أو ما يقره قادة التعاون.
ولابد أن أوضح لك أن دورنا كسلطة تنفيذية — وأنا أتحدث باسم زملائي — هو كيف نترجم تطلعات أصحاب الجلالة والسمو والمعالي في صناعة مستقبل طموح لمجتمعاتنا ومواطنينا.
في قطاعكم هناك تباين في التشريعات وعدم توحيدها، فعلى سبيل المثال قضية المحامين الخليجيين والسماح لهم بالعمل في الدول الاعضاء بكل حرية.. فهل وجدتم حلا جذريا لقضية عمل المحامين الخليجيين في دول التعاون؟
أحب أن أوضح أنَّ هذا البند كان من البنود المهمة على جدول أعمال أصحاب المعالي والسعادة وزراء العدل لدول مجلس التعاون في اجتماعهم الأخير في الدوحة، في اجتماعنا الأخير لوزراء دول مجلس التعاون السابع والعشرين، ولكن مثل هذه الموضوعات يجب التريث بها، ولابد أن تحكمها ضوابط، وما نخشاه دوما هو بعض التجاوزات، على سبيل المثال لا الحصر، ممارسة أحد المحامين في إحدى دول الخليج ويكون قد صدر حكم بتوقيفه في موطنه الأصلي!، ولكن نحن في دولة الكويت لدينا 88 محاميا خليجيا، ونحن نفذنا الاستحقاقات الخاصة بنا، ولكن كل دولة لها ضوابط ومعايير، وخرجت توصية خاصة بهذا الأمر، وعلينا أن نأخذ الإجراءات المناسبة.
أود أن أسألكم حول قضيتين غاية في الأهمية، الأولى تتعلق بخلية العبدلي الإرهابية، والثانية تتعلق بتفجير مسجد الإمام الصادق إلى أين وصلتا؟

الكويت تحتضن 88 محامياً خليجياً ممارساً للمهنة ولكل دولة خليجية ظروفها.. "داعش" أسباب تأسيسها استخباراتية ومجتمعاتنا بحاجة للمراكز البحثية والدراسات.. الإشكالية ليست في إيجاد مراكز بحثية إنما هل نستمع لها ونأخذ بمخرجاتها؟


أود أن أطمئنك بأنَّ الكويت وقت الشدائد والمحن شأنها شأن دول الخليج، فنحن لُحمة واحدة، وجسد هذه اللُحمة سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي ذهب إلى موقع تفجير مسجد الإمام الصادق وقت وقوعه، حتى أن المصابين أنفسهم المتواجدين في مكان التفجير خشوا على صاحب السمو، وعندما سألته شخصيا: لماذا ذهبتم إلى موقع الحادث فور وقوع التفجير؟، قال لي: "هذولا عيالي"، فهذا التصرف الحكيم من سيدي صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد جابر الصباح ترك انطباعا عند أهالي الضحايا، كما أنَّ الكويت أثبتت لُحمة الشعب، وأوصلنا رسالة أن بلدنا يحيا في ظل تعايش سلمي بين الطوائف كافة، ولدينا انسجام ولحمة وطنية، وتم تجسيد هذه اللحمة أيضا من خلال تجهيز المسجد الكبير لتلقي التعازي من داخل وخارج الكويت، الأمر الذي لاقى استحسانا وإشادة محلية وعربية ودولية.
وأضاف معالي الوزير أنه وبالعدالة الناجزة التي ننشدها، تم تحويل القضية إلى مجلس القضاء الأعلى، والمحكمة أصدرت أحكاما بالإعدام على من ثبت تورطه، إلى جانب براءة من لم تثبت عليه أي تهمة، أما فيما يتعلق بقضية خلية العبدلي، فقد بذل رجال الداخلية والاستخبارات الكثير من الجهد لكشف الخلية وقدم كشف بالقضية وقدم للنيابة العامة، واصدرت النيابة بيانا شديد اللهجة يعبر عن خطورة القضية، والمحكمة الآن تقوم بدورها، فهي تشهد جلسات متتالية وقريبة جدا.
هل كل المتهمين مثلوا أمام المحكمة؟، أم أن هناك من لاذ بالفرار إلى خارج الكويت؟
لا أريد أن أدخل بالتفاصيل، لأن هذا يدخل في اختصاص الملف القضائي، المتهمون في خلية العبدلي مثلوا جميعهم أمام المحكمة باستثناء متهم أو اثنين لايزالان هاربين.
قضية التطرف من الظواهر الدخيلة على المجتمع الخليجي.. فكيف بالإمكان معالجة هذه الظواهر على المستوى الخليجي؟، وهل التشريعات تعد كافية لوضع الحلول؟
التشريعات ليست كافية، لذا قمنا بإنشاء مركز للوسطية، وقمنا بصياغة استراتيجية للحد من الفكر المتشدد والمتطرف، وكان من غير الممكن إلقاء هذا الملف على وزارة الأوقاف لأن الهدف لن يتحقق بالصورة الصحيحة، بل كان لابد من إشراك كافة وزارات الدولة ومؤسساتها، حيث كل في مكانه لديه دور تجاه تكريس الفكر الوسطي، لذا تم تشكيل لجنة وسطية تمثلها قطاعات متنوعة من الدولة، حيث تم إطلاق وثيقة الوسطية التي عكف على إعدادها كبار الخبراء والمختصين، وتم إرسال مسودتها إلى 400 جهة داخل الكويت، حكومية وغير حكومية، ولأصحاب الفكر المتحرر، لرصد ردود الأفعال عليها، للاطلاع على أفكار الآخرين لتقييمها، ونحن نأمل أن يتكاتف كافة أبناء المجتمع الكويتي في هذه الوثيقة التي تحمل بين طياتها 44 مبادرة، منها ما يتعلق بالتربية والمناهج الدراسية، الداخلية، العلاقات الخارجية، الشؤون الاجتماعية ومؤسسات المجتمع المدني..، إذ تم عرض مسودة الوثيقة على رأس الدولة وسمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء، ثم عملنا عرضا في مجلس الوزراء، كما اطلع عليها أعضاء مجلس الأمة، وقمنا بعمل خطة تخص الأمانة العامة للتخطيط حتى يلتزم الجميع بنشر الفكر الوسطي، سيما وأنَّ نشر الوسطية جزء لا يتجزأ من التنمية.
.. هل تم اعتمادها؟
نعم تم اعتمادها، وهي الآن بكنف الأمانة العامة للتخطيط، كما أنَّ التنسيق جار مع كافة الجهات ذات الصلة، ولم نغفل دور لجنة الخطابة التي ترسل بعض المقترحات للأئمة والخطباء، بهدف تنويرهم وتوجيههم بعدم بث الفكر المتشدد كي لا يتربى الجيل الجديد عليه، والتركيز على السلوك الديني الصحيح، القائم على مكارم الأخلاق، لو طبق الدين الصحيح لن نجد هذه الظواهر بل سنكون بطلائع المجتمعات المتحضرة، ولكن نحن لا نطبق الشريعة سوى في العبادات، ولكن أين هي في الصدق!، والعمل!، والنظافة، والسيطرة على الغضب..، فالدين معاملة، فأين نحن من هذه المعاملات التي تكشف صورة الدين الإسلامي الصحيح، لذا لدينا بوزارة الأوقاف مراكز تتعلق بالسراج المنير للأطفال لتحفيظ القرآن الكريم، وتعليمهم السلوك الديني الصحيح في المعاملات، كما قمنا بإعداد منهج لقواعد السلوك يتم تدريسه، وأضفنا منهجا آخر حول تقبل الآخر، وتقبل أصحاب المذاهب بغية الحفاظ على الوحدة الوطنية بين أبناء الشعب الكويتي.
تطوير المناهج الدراسية
عندما برزت ظاهرة التطرف كان الحديث عن المناهج الدراسية.. هل هناك مراجعة للمناهج الدراسية في دولة الكويت؟
دوما هناك تعديل وتطوير على المناهج الدراسية بشكل إيجابي، وأظن أنه بات من الأهمية بمكان مزج الدين الإسلامي في كافة المناهج، وهذا من المقترحات التي أعمل عليها باعتباري وزيرا للأوقاف أيضا، فوجدت أنه من المهم ربط الدين الإسلامي في كافة المعاملات الاجتماعية، لتربية النشء على أن الدين لا ينفصل عن معاملاتنا اليومية المتعلقة في تعاملاتنا مع الآخر، في الشارع أو في بيئة العمل، حيث من المهم ربط الدين الإسلامي بإنتاجية الموظف وحكم الراتب الذي يتقاضاه في حال لم يؤد عمله على أكمل وجه!، تعامل الموظفين مع العملاء وغيرها من مجالات الحياة التي لا تنفصل عن رقي وسماحة الدين الإسلامي، وهناك مشروع تحت الدراسة يتعلق بإنشاء المسجد النموذجي الموفر للكهرباء ولهدر الماء، فهذه كلها تخدم استراتيجية الفكر الوسطي الذي نسعى إلى تكريسه بمجتمعنا الكويتي، ليكون حصنا منيعا أمام أي فكر متشدد بعيد عن التعايش السلمي.
هل هناك تواصل مع وزارة التربية والتعليم العالي بشأن تغيير المناهج الدراسية؟
هناك لجان مشتركة بيننا كوزارة الأوقاف ووزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، ومن جانبنا قمنا بترشيح عدد من أصحاب الفكر الوسطي ممن لديهم العلم الشرعي لتطوير مناهج التربية الإسلامية.
أسباب استخباراتية
من وجهة نظركم ماذا تقول فيما تسمى بــ " الدولة الإسلامية في الشام والعراق "داعش"، وعن أسباب وجودها، ومن يؤمن بأفكارها؟
أظن مسبباتها ستظل آراء شخصية، ولا توجد حقائق حول إنشاء "داعش"، أو أي منظمة مثيلة بـ"داعش"، ولكنها أصبحت موجودة أيا كانت أبعادها، ومن وجهة نظري أن داعش أو غيرها تعود نشأتها لأسباب استخباراتية، أو أسباب تتعلق بأفكار متطرفة ولكن العلم عند الله، وأيا كان رأيي في الموضوع مهمتنا وهدفنا محاربة الفكر المتشدد بفكر آخر، وحتى تضع تدابير حقيقية لابد أن تستخدم الحجة بالحجة والفكر بالفكر.
تحدثتم عن المراكز البحثية.. لكن في حقيقة الامر مجتمعاتنا لا تتعامل مع مراكز الأبحاث بجدية، فهل تعتقد أن تأسيس مراكز بحثية في دول التعاون يسهم في معالجة القضايا وحتى في مساعدة صناع القرار باتخاذ قراراتهم؟
بالنسبة لي شخصيا مؤمن بحاجتنا الماسة لمراكز الأبحاث والدراسات التي تتمتع بالقدرة الفنية والبحثية لاستشراف المستقبل في أي من المجالات، السياسي منها والأمني والاقتصادي، ولربما المشكلة ليست في وجود أو عدم وجود مراكز بحثية، ولكن المشكلة تكمن في هل نحن نستمع ونأخذ بهذه المخرجات؟!، حيث إنني أرى أن أغلب دولنا لديها مراكز بحثية تحتاج إلى دعم وزيادة جرعة الثقة في هذه المجالات.
وأظن لو اعتمدنا الأساليب البحثية الصحيحة ستكون قراراتنا مدروسة، لدينا تجربة متواضعة في المجلس الحالي اليوم في بعض التشريعات، تحتاج إلى جانب استخدام استبيانات واستخدام دراسات ميدانية للتعرف على رأي الجمهور في قضية ما تمهيدا لاستصدار تشريع من التشريعات، ولكن المجتمع قد لا يتقبل مثل هذه الأساليب لأنه اعتاد أن يمرر ما يريد دون أي دراسات، ولكن الآن الأعضاء لديهم تطلعات وفكر جديدان وشهادات أكاديمية عليا.

وزير العدل والأوقاف الكويتي خلال لقائه رئيس التحرير

وأحب أن أستشهد بتجربة تتعلق بقانون مكافأة نهاية الخدمة في الكويت، حيث تم إعداد استبانة وتوزيعها في أحد المجمعات التجارية، وأغلب الجمهور انتقد توزيع الاستبانة في المجمع التجاري علما بأننا قمنا بتوزيعها وفق اساليب علمية في مواقع متعددة غير ملتفتين إلى فحواها، وإلى الوقت والجهد اللذين استغرقا في إعدادها من قبل مختصين على أساليب بحث علمي.
وأظن أن هذا من شأنه أن يعرقل ما نود اتباعه لاسيما فيما يتعلق باستطلاع رأي الجمهور في الموضوعات التي تعنيهم، مثل قانون مكافأة نهاية الخدمة؛ حتى لا نخرج بقانون أو تشريع قد يتغير بعد سنة، فالمسألة أن التشريع يجب أن يتم تناوله من كافة النواحي، فالمسألة ليست مسألة تصويت، ولكن تشريع لابد أن يبحث في كافة المناحي، البديل الاستراتيجي والعدالة الوظيفية وتوزيع الرواتب.
فالخطأ الصغير يؤثر على أمور أكبر كالتقاعد والتضخم وغيرهما، كما لو أنني أنا وفرت كل سبل الرفاهية للموظف الحكومي، فكيف سأوفر نوعية الخدمات وسبل الرفاهية للموظف الذي سيلجأ للقطاع الخاص!، فضلا عن موضوع سياسة الإحلال الكويتي عن الوافد، وتوجيه مخرجات التعليم للقطاع الخاص، لافتا إلى أنَّ 70% من المجتمع يعمل في الحكومة، فهذا يعني أنني لم أحرر الاقتصاد، لذا لابد من دراسات من السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهذا ما نعكف عليه في هذه المجالات.

عدد الزيارات : 1314 زيارة

كل التعليقات

    لا توجد تعليقات علي هذا الموضوع

اضف تعليق